ضاقت المساحة الزمنية الفاصلة عن موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحدّدة في التاسع من كانون الثاني المقبل، من دون أن يوازيها حتى الآن، الإنطلاق الفعلي نحو بناء الأرضية التوافقية الإلزامية التي يفترض أنْ يقوم عليها هذا الإستحقاق. وسط حديث في الصالونات والمجالس السياسيّة عن بدء دوران العجلة التوافقيّة في فترة ما بعد عطلتي عيدي الميلاد ورأس السنة. وإذا كان التوافق على مرشّح او عدد من المرشّحين يعدّ مهمّة صعبة، الاّ انّ ما لا يقلّ صعوبة عن ذلك هو ضمان النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة في 9 كانون الثاني، والتزام الاطراف السياسية بالحفاظ على نصاب الجلسة انعقاداً وانتخاباً.
المرسوم لجلسة 9 كانون الثاني، على ما تقول مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، هو انّه إن أمكن حسم الانتخاب في جلسة اولى فذلك إنجاز كبير، اما اذا تعذّر ذلك، فالجلسات ستتوالى بدورات متتالية اولى وثانية وثالثة ورابعة وربما اكثر، ولا خروج للنواب من القاعة العامة لمجلس النواب الّا بعد انتخاب رئيس للجمهورية. وامّا الشرط الأساس لكل ذلك، فهو توفّر الإرادة التوافقيّة التي ينبغي أن تعبّر عن نفسها بكلّ وضوح في الفترة الحالية الفاصلة عن موعد الجلسة، والتي تتجلّى في التزام الاطراف السياسية والنيابية بنصاب تلك الجلسة انعقاداً وانتخاباً (نصاب الثلثين من عدد أعضاء مجلس النوّاب أي 86 نائباً فما فوق).
على صعيد سياسي آخر، التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في الفاتيكان أمس، البابا فرنسيس في مكتبه في الكرسي الرسولي، وعُقدت بينهما خلوة استمرت نصف ساعة.
وقال ميقاتي، انّه عرض مع قداسته «تطورات الوضع اللبناني من جوانبه كافة، وشدّدت على الوحدة الوطنية التي لا تزال تميّز وطننا وشعبنا رغم كل الظروف والتطورات. كما عبّرت عن تمسكنا بالعيش الواحد وبدور لبنان الرسالة في المنطقة، وكذلك بالوجود المسيحي الذي هو ضمانة لوحدة لبنان، أرضاً وشعباً. وعلى هذا الأساس، تمنينا أن نصل إلى وضع حدّ للشغور في سدّة الرئاسة في القريب العاجل، وأبلغت قداسته أنَّ الدور المطلوب من القيادات المسيحية في هذا الملف هو الأساس بالشراكة والتعاون مع كل المكوّنات اللبنانية».
أضاف: «إنّ رئاسة الجمهورية لا تعني المسيحيين وحدهم بل هي استحقاق وطني بامتياز تتشارك فيه كل مكوّنات المجتمع اللبناني.. هذا ما نؤمن به ونتمنى أن يتحقق في القريب العاجل».
وتابع: «كذلك، أثرت مع قداسة البابا والمسؤولين في الكرسي الرسولي عدداً من المواضيع ومنها الضغط على إسرائيل لجلاء موضوع الأسرى اللبنانيين في اسرائيل والإسراع في الانسحاب من الاراضي اللبنانية، تنفيذاً لتفاهم وقف اطلاق النار».
وقال: «أثرت أيضاً مع قداسته ما يجري حالياً في سوريا، وشدّدت على ما سبق وصرّحنا به كوننا نتمنى للشعب السوري الاستقرار والمحافظة على وحدة الشعب السوري ومشاركة كل مكوّناته في اختيار نظام سياسي يتناسب مع طموحاتهم لمستقبل سوريا، مع الحفاظ على وحدة هذا البلد وسيادته». وأردف: «إنّ لبنان بكل فئاته وعلى المستويات كافة يكنّ لقداسة البابا كل احترام ومحبة وتقدير، كما أنّ الشعب اللبناني ممتنّ لقداسته لمواقفه الداعمة دوماً للبنان ورسالته ووحدة أبنائه. نحنُ نثمّن عالياً الجهود التي يبذلها الكرسي الرسولي لدى دول القرار للحفاظ على لبنان وإيجاد الحلول المناسبة لأزماته». وختم: «كرّرنا لقداسته رغبة لبنان بكل أطيافه بأن يزور وطننا حالما يرى الأمر مناسباً، لأننا نعتبر زيارته أملاً ورجاء للشعب اللبناني».
والتقى ميقاتي ايضاً، أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين الذي شدّد على أنّ «لبنان كان على الدوام مثالاً للعالم حول كيفية تعايش المجتمعات مع بعضها البعض». وأشار الى أنّ «لبنان يحظى باهتمام خاص من الكرسي الرسولي». وقال: «نحن منذ سنتين ننادي بانتخاب رئيس للجمهورية ونتمنى حصول ذلك في الموعد المحدّد وان يكون رئيساً قادراً على أن يجمع اللبنانيين تحت سقف الدستور». وشدّد على أنّ الفاتيكان سيبذل جهوداً لدعم لبنان في المحافل الدولية.