الخبير الاقتصادي بيار الخوري
منذ استلامه الحاكمية، يصرّ حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري على عدم إقراض الحكومة لا بالليرة ولا بالدولا،ر مؤكدًا حرصه على عدم المسّ بأموال المودعين، وفي الوقت نفسه ضرورة تطبيق الإصلاحات المطلوبة وفي طليعتها قانون الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن إلى القطاع المالي.
ولكن بدلًا من أن تسير هذه الدولة الفاشلة باتجاه الإصلاحات، تلجأ من أجل تمويل نفقاتها إلى فرض ضرائب ورسوم جديدة تزيد من أعباء المواطنين المنهكين أصلًا من تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية.
في هذا الإطار، رأى الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري، في حديث إلى “صوت بيروت إنترناشونال”، أنّ منصوري أظهر تبنيه لسياسات مخالفة تمامًا للحاكم السابق رياض سلامة، من حيث عدم الاستسلام لرغبات الحكومة، ومن ورائها الطبقة السياسية، بالإنفاق المتهور.
ويقول الخوري إنّه من الواضح أنّ منصوري وضع خطًا فاصلًا بين البنك المركزي وبين المالية العامة، أي بين السياسة النقدية والسياسة المالية، لافتًا إلى أن هذا الخط ضروري، وكان من المفروض وضعه منذ فترة طويلة لأن دور مصرف لبنان بالأساس هو ضبط وتنظيم واستقرار الأسعار، وليس تمويل عجز الحكومة.
ووفق الخوري، مصرف لبنان تورّط بما لا دخل له فيه وبرضاه، والكلام عن الضغط عليه للتدخل بمجموعة من السياسات التي تخالف قواعد العمل النقدي غير صحيح، ولو كان صحيحًا لكان تم الضغط على منصوري الذي رفض السير بالسياسات السابقة للحاكم ومنها إصراره على عدم إقراض الحكومة.
واعتبر الخوري إعلان منصوري أنه غير مستعد لإقراض الحكومة لا بالليرة ولا بالدولار، تغيرًا جوهريًا في سياسة مصرف لبنان وهذا يعني أن الحكومة أمامها طريق من اثنين، فإما تذهب لإقرار الإصلاحات كي تُحقق من ورائها الموارد التي هي بحاجة لها، والإصلاح الأساسي كما يقول خوري هو إصلاح القطاع الضريبي الذي يعني وقف تمويل الخزينة من الضرائب غير المباشرة أو من ضرائب الأجور والرواتب، في حين أن الحكومة تحاول أن تجعل الرسوم والضرائب غير المباشرة والغرامات المركز الأساسي لتمويلها، متخوفًا من أن هذا الأمر وأي تمويل من هذا النوع سيضع البلد على حافة انفجار اجتماعي كبير، إذ إن الفئات التي تستهدفها هذه الضرائب والرسوم هي فئات تعيش على حافة الوضع الاجتماعي المذري، وهي ممكن أن تنهار في لحظة اجتماعيًا بشكل كامل، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر يهدد بتفجير البلد.
وعن زيارة منصوري إلى السعودية، ثمن الخوري هذه الزيارة لكن استبعد أن تدخل الدول المانحة في برامج لمساعدة لبنان في ظل هذا الضياع النقدي والمالي، الذي كان يميز المرحلة السابقة ولا يزال يميزها في عمل الحكومة، مشددًا على أن الحل بأن تذهب الحكومة إلى إصلاحات جدية وأن تكون مسؤولة عن مصاريفها من خلال مواردها.
ولفت الخوري إلى أن سياسات مصرف لبنان من الممكن أن تدفع بهذا الاتجاه، وهذا بالتالي يؤدي إلى أن تنظر إليه الدول العربية يإيجابية ومنها المملكة العربية السعودية، التي تطالب بتنفيذ هذه الإصلاحات من أجل تقديم أي مساعدة مالية، لكن يرى الخوري أنه من المبكر الحديث عن دعم السعودية للبنان، لأننا يجب أن ننتظر سياق كامل من الإصلاحات التي على أساسها الدول المانحة والمؤسسات الدولية ممكن أن تتغير نظرتها إلى البلد، علمًا أن هناك عاملًا سياسيًا إضافة إلى العامل الإقتصادي، فلبنان مركز تجاذب سياسي قوي عربي ودولي، وهو بحاجة إلى أن يرسو على بر سياسي، وبعدها يجب أن يحسم أمره في شأن الإصلاح الإقتصادي من أجل أن يتمكن أن يكسب مجددًا قنوات الأموال العربية والدولية والأهم منهم قنوات الاستثمار غير الحكومية.