استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والوزيرين السابقين خالد قباني ورشيد درباس.
وبعد اللقاء قال السنيورة: “لقد تطرّقنا في حديثنا مع صاحب السماحة الشيخ عبد اللطيف دريان هذا الصباح إلى الأوضاع الوطنية والإنسانية والاجتماعية الخطيرة التي يعيشها لبنان واللبنانيون في هذه الأيام الصعبة، وعلى وجه الخصوص في ظل هذا العدوان الإسرائيلي الواسع والهمجي الغاشم الذي يطال كل المناطق اللبنانية وكل المواطنين اللبنانيين، إذ هو عدوان يستهدف كل لبنان من أقصاه الى أقصاه، ولا يستهدف فئة بعينها او حزبا او طرفا بمفرده فقط، ولقد كنا مع سماحته على أتم التوافق حول مجمل القضايا والمسائل التي بحثناها سوية.
لا بدّ لي بدايةً من أن أتطرّق أيضاً إلى أنّ حرب الإبادة الجماعية الإجرامية التي يشنّها العدو الإسرائيلي على لبنان لن تجديه نفعاً، كما لم تجده أيضاً حرب الإبادة الجماعية والتدمير المنهجي التي لايزال يشنها على إخوتنا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ذلك لأنَّ هناك طريقاً واحداً لإنهاء هذا الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، ألا وهو تطبيق حلّ الدولتين كما جاء في المبادرة العربية للسلام، وذلك بإنشاء وطن فلسطيني ودولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية.
عودة إلى لبنان، وبطبيعة الحال، فإني أودّ بدايةً التوجه بالتعزية الحارة الى أهلنا وإخواننا في الجنوب والبقاع وبيروت وضاحيتها، وباقي المناطق اللبنانية التي اُستهدِفتْ بالعدوان الغاشم، بالتعزية القلبية الحارة لسقوط الشهداء والضحايا الأبرياء من المدنيين والنساء والأطفال والعُجَّز وكبار السن.
كما أسأل الله تعالى أن يُضمِّدَ جراح المصابين، وأن يمنَّ عليهم بالشفاء العاجل، كما وأشدُّ على أيادي جميع اللبنانيين، وأشيد بروحهم الوطنية العالية، وهم الذين بادروا، وبكل أريحية، إلى إغاثة المواطنين اللبنانيين الذين اُضطروا إلى النزوح عن بلداتهم وقراهم، ووقفوا معهم للمساعدة والإغاثة الفورية. كما أشيد بالدور الإنساني والوطني للجهاز الطبي في قطاع المستشفيات العاملة في كل المحافظات اللبنانية وبوزارة الصحة اللبنانية، وكذلك بالهيئة العليا للإغاثة، وبوزارات وإدارات ومؤسسات عامة أُخرى في استمرارها في تحمل مسؤولياتها الجسيمة بكفاءة عالية.
إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والإخوة الوطنية الواحدة في مواجهة هذا العدوان الغاشم وفي العمل على تحقيق الإنقاذ.
انطلاقاً من هذا التوجه، وفي هذه الظروف الاستثنائية، أودّ التشديد على ان الحلول للبنان لن تكون ويجب ان لا تكون إلاّ عبر الحلول الوطنية الجامعة، والتي تركّز على التمسك باتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية ومسؤوليتها تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.
ولهذه الأسباب، وفي خضم هذه الأوضاع الخطيرة على كل الأصعدة الوطنية والسياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، ولأنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، فان التفكير والبحث يجب ان ينصب على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث نحتضن بعضنا بعضاً ويكون همنا الوحيد هو إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.
لذلك، أولاً: فإنني أتوجه بدايةً إلى الحكومة اللبنانية ورئيسها من أجل مطالبة مجلس الأمن الدولي لكي يُبادر إلى إصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وبأن يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين عبر التأكيد على التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، وعلى احترام القرارات الدولية ذات الصلة.
ثانياً: كذلك أتوجه إلى المجلس النيابي الكريم، وإلى رئيس المجلس النيابي، وذلك باعتبار المجلس الذي يمثل الشعب اللبناني بأسره، بأن يبادر فوراً وبدون أي تأخير إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني في حاضره ومستقبله، وذلك بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما والمبادرة إلى الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية ودور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة وحرية لبنان واستعادة نهوضه واستقراره.
ثالثاً: من جهةٍ أُخرى، فإني أناشد جميع الأشقاء العرب بكونهم أشقاء الدم والهوية، وبالتالي أولى بالمعروف، وكذلك جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية بتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين.
ورداً على سؤال “هل تواصلت مع الرئيس نجيب ميقاتي الموجود في نيويورك؟”، أجاب السنيورة: “تواصلت معه وبالتالي نحن على تواصل، وخلال وجوده من الطبيعي ان نكون على التوصل معه، نحن ندعم مواقفه ونؤكد على ضرورة ان يكون ذلك على أساس الاحترام الكامل والتطبيق الكامل للقرار 1701”.