ما كاد القطاع الخاص أن يلتقط أنفاسه و يتأقلم مع الأزمة الإقتصادية التي تعصف بلبنان منذ العام ٢٠١٩ حتى أتت الأحداث الأمنية لتقضي على ما تبقى من قدرة هذا القطاع على الصمود .
فكل الشركات تضررت من الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان منها الكثير التي أقفلت سيما في المناطق التي تتعرض للقصف الذي تسبب بشلل اكثر من ٣٥% من البلد والخوف هنا من أن الشركات لن تتمكن من دفع الرواتب للعمال في حال طالت الحرب سيما الشركات المتعلقة بالكماليات كالادوات الكهربائية و السيارات والمفروشات و غيرها وبسبب انخفاض مبيعاتها فهذه الشركات قد تضطر بدايةً إلى دفع نصف الرواتب لعمالها و من ثم ستضطر ان تصرف عدداً من موظفيها بينما الشركات المتعلقة بالأساسيات كالمحروقات و الأدوية و المواد الغذائية والطبية .
وهذه الشركات تشكل ثلث الإقتصاد اللبناني فهي لم ولن تصرف موظفيها هذا فضلاً عن أن هناك أكثر من ٢٠٠ ألف موظف لا يتمكنون من الوصول إلى أماكن عملهم فمنهم من نزح إلى أماكن اكثر أمناً بعيدة عن مكان العمل و منهم من بقي صامداً في أرضه تحت الخطر.
لكن السؤال هنا من يحمي هؤلاء العمال الذين هم بأمس الحاجة ككل اللبنانيين إلى أي دعم مادي في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
في هذا السياق أسف رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر في حديث لصوت بيروت إنترناشونال لأن فرص العمل أصبحت شبه معدومة بفعل الإعتداءات الاسرائيلية المستمرة على لبنان “و انتقال فريق كبير من العمال من مناطق إلى مناطق أخرى يلقي بظلال إقتصادية سيئة على الواقع العمالي أولاً من حيث انعدام فرص العمل كون الدورة الإقتصادية متوقفة في كل لبنان تقريباً و لا تشمل إلا عملية الحصول على الغذاء و تأمينه وثانياً من حيث إحتمال ان يكون هناك دفع جزئي او صرف لعدد كبير من العمال.
و في هذا الإطار كشف الأسمر أن الإتحاد العمالي بادر لإنشاء خلية متمنياً على كل العمال الذين يواجهون مشاكل مع أصحاب العمل من ناحية الصرف أو من ناحية الرواتب الجزئية أو حجب الرواتب كلياً أن يبادروا بالإتصال مع الإتحاد العمالي مؤكداً أن الإتحاد مفتوح للجميع من أجل العمل على إجراء معالجات مع أصحاب العمل.
وتحدث الأسمر عن استهداف المؤسسات و خراب المؤسسات التجارية و التهديم الممنهج للمحال التجارية و الأسواق التجارية أشار ان هذا الأمر ينعكس على الطبقة العاملة تهجيراً و صرفاً و انتقالاً من مكان إلى مكان آخر آسفاً لأن تداعيات الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان باتت كارثية سيما وأنها تشمل الكثير من المناطق اللبنانية ولم تعد تقتصر على منطقة الجنوب متخوفاً من أن استمرار الإعتداءات يمهد أيضاً و أيضاً لانتقال المزيد من العمال إلى مناطق أخرى و هذا يعرضهم إلى فقدان أعمالهم و إمكانية حصولهم على فرص عمل.
و لفت الأسمر إلى أن المؤسسات تعاني ما تعانيه من تهجير و تدمير و توقف عمل مما يؤدي إلى زيادة البطالة التي كانت قد وصلت إلى حدود ٤٠% عند الرجال و ٥٠% عند النساء و ذلك بفعل الأزمة الإقتصادية “لذلك نرى أنه من المتوقع أن تزيد البطالة بفعل الواقع المرير الذي نعيش و أتطلع إلى المستقبل و أرى أنه إذا استمرت الأحوال على ما هي عليه لمدة طويلة فنحن أمام أزمة كبيرة جداً جداً تتعلق بتأمين الغذاء لمئات الآلاف من اللبنانيين و غالبيتهم من العمال الذين تركوا سكنهم و مراكز عملهم و انتقلوا إلى مناطق آمنة.
ورأى الأسمر أن الحل دائماً يكون بوقف إطلاق النار و معالجة سياسية للواقع الذي نعيشه و هذا يؤمن عودة النازحين إلى قراهم و مدنهم وبالتالي عودة الحركة الإقتصادية متوجهاً إلى المجتمع الدولي و العربي و المنظمات الدولية من أجل المبادرة لمساعدة لبنان متمنياً على المنظمات التي كانت حاضرة إثر انفجار مرفأ بيروت في اعمال الإغاثة و المساعدة لكل النازحين أن تبرز هذه الهمة مع النازحين من الجنوب و البقاع و الضاحية الجنوبية كي يتمكنوا من الحصول على جزء بسيط من الحياة التي افتقدوها بعد مغادرتهم لبلداتهم.