الحدود اللبنانية الجنوبية
صحيح أن العمليات العسكرية المتبادلة بين «حزب الله» وإسرائيل محصورة منذ نحو 4 أشهر في مناطق محددة جنوب لبنان، إلا أن تداعياتها تطال البلد ككل بقطاعاته كافة، وبشكل خاص اقتصادياً ومالياً، سياحياً وسياسياً.
وحصلت «الشرق الأوسط» على نتيجة دراسة للأثر الاقتصادي للحرب أجرتها جهات غير رسمية بينت أن مجمل الخسائر في الجنوب تبلغ نحو مليار و200 مليون دولار، وهي خسائر مرتبطة بشكل أساسي بالدمار في البنى التحتية والطرقات والمباني والأراضي الزراعية، كما أن هناك نحو 300 مليون دولار خسائر غير مباشرة نتيجة إقفال المؤسسات وتوقف الأعمال.
تراجع حركة المطار 25%
ووفق الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإن «هناك نحو 85 ألف نازح من 46 بلدة وقرية جنوبية تتعرض بشكل دائم للاعتداءات الإسرائيلية، كما أنه وبما يتعلق بالخسائر البشرية، هناك 182 مقاتلاً لـ(حزب الله) و27 مدنياً و8 من جهات حزبية أخرى، بالإضافة إلى عنصر من الجيش اللبناني».
وأشار شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «520 منزلاً دمرت كلياً و3300 منزل بشكل جزئي»، موضحاً أن «هناك دورة اقتصادية كاملة تعطلت في الجنوب؛ إذ إن مؤسسات ومعامل كثيرة توقفت عن العمل، إضافة إلى خسائر كبيرة بالقطاع الزراعي لا سيما الزيتون والأحراج».
وأضاف: «من الصعب تقدير الخسارة الاقتصادية بالوقت الراهن بشكل دقيق، لكنها بملايين الدولارات يومياً على صعيد الجنوب ولبنان. كما أن حركة المطار التي تراجعت عن معدلاتها في مثل هذه الأيام من حيث القدوم بنسبة 25 في المائة، والمغادرة بنسبة 2 في المائة، مؤشر أساسي للخسائر التي نتكبدها».
الزراعة أبرز القطاعات المتضررة
أما الكاتب والباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفسور مارون خاطر، فأشار إلى أن «العمليات المستمرَّة في الجَنوب منذ الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ترخي بِثِقلها على اقتصاد لبنان المُنهك والذي يَشهد تقلصاً في الناتج المحلي يَتعدى الـ50 في المائة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنَّ لبنان الرَّازح تحت أزمته والمُتعثر مالياً والمُتخلف عن ديونه السيادية لا يَستقطب الاستثمارات الجديدة، إلا أنَّ للحرب الدائرة في المنطقة وفي الجنوب اللبناني تداعيات اقتصادية مؤلمة بتوقيتها وحَجمها. فعلى الرغم من أن لبنان يستورد النَّفط والجزء الأكبر من المواد الغذائية من حوض المتوسط، فإن الاقتصاد اللبناني يتأثر بالاضطرابات في البحر الأحمر».
وأضاف: «تعكس هذه الاضطرابات مزيداً من الضغط المعيشي على اللبنانيين بسبب ارتفاع الأسعار الناتج عن زيادة الأكلاف من جهة، وعن غياب الرقابة والمُحاسبة من جهة ثانية». وتابع خاطر: «أما الأكبر من الخسائر فتَكبدها القطاع الزراعي الذي يُؤمِّن معيشة أكثر من 80 في المائة من سكان الشريط الحدودي»