أطلقت وزارة الصحة العامة الحملة الوطنية للامتناع عن التدخين تحت شعار “علقتها علقة” لمناسبة اليوم العالمي في وقت أظهرت دراسات لمنظمة الصحة العالمية أن لبنان يحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث استهلاك السجائر ويكلف التبغ لبنان 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي أي حوالى مئة وأربعين مليون دولار سنويًا.
وتم إطلاق الحملة بلقاء افتتاحي لسلسلة نشاطات تثقيفية توعوية لتلامذة المدارس تمتد فعالياتها حتى يوم غد الثلثاء وذلك في مجمع “SportsVille” الرياضي، ساقية الجنزير- بيروت، برعاية وحضور وزير الصحة العامة الدكتور فراس الابيض ومسؤول برنامج الصحة في منظمة اليونيسف تشاو اونغ ورئيسة الفريق التقني والقائمة بالأعمال حاليًا في منظمة الصحة العالمية الدكتورة اليسار راضي، ورئيس اللجنة المكلفة متابعة تطبيق الخطة الوطنية لمحاربة السرطان الدكتور عرفات الطفيلي وأعضاء اللجنة ومديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة العامة السيدة جويس حداد وحشد من الممثلين لمنظمات وجمعيات تعنى بالتوعية المجتمعية.
وفي كلمته لفت وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال لالدكتور فراس الابيض إلى أن “المعضلة الأساسية تكمن في أن التدخين نوع من الإدمان السريع والذي يصعب الإقلاع عنه. فعادة التدخين بشعة جدا وإذا ابتدأنا بها، سنعلق فيها”.
وتحدث عن جملة شعارات خاطئة تخفيها شركات التبغ كالقول ان النارجيلة أقل ضررًا من السجائر، أو أنه يمكن تفادي ضرر السجائر بعدم بلع دخانها، أو أن السجائر الإلكترونية التي لا تحترق غير ضارة.
وأضاف: “إن كل الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وغيرها من مراكز الأبحاث العلمية تظهر أن الدخان لا يؤثر فقط على الذي يدخن بل على القريبين منه، وفي هذا السياق، أظهرت دراسات من جامعة هارفرد أن تأثير الدخان يصل لأولاد الجنين الذي يكون في بطن الحامل التي تتأثر سلبا من الدخان”.
وقال: “من المعروف أننا نمر في ظروف صعبة وليس من موارد لدى الدولة التي لا تستطيع تقديم شيء. اننا لا نطلب تقديم شيئ هنا. نحن نحفز على التوعية. وليس من عذر للدولة اللبنانية أن لا تطبق القوانين الصادرة مثل القانون 174 للحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ، فهذا غير مكلف عليها. ونحن في مجلس الوزراء كنا طرحنا أمورًا تتعلق بالتبغ ولكنها رُفضت في مجلس النواب. نحن نريد ان نقلل التكاليف على الدولة. فعندما نطالب الدولة باعتمادات إضافية لشراء أدوية ضد السرطان ومعالجة الناس في المستشفيات، نجاوب بأن الاموال غير متوفرة. ولكن العوائق تبرز أيضا عندما نطالب بإجراءات للتخفيف من عدد الناس الذين سيحتاجون لعلاجات سرطانية. هناك كارتيل تبغ قوي جدا في لبنان، وأقنع المسؤولين والناس أنه من الأفضل الإبقاء على استخدام التبغ لأنه يدخل أموالا للدولة ويساعد على صمود مزارعي التبغ. إنما نحن نقول إننا مستعدون أن نحول الأموال التي تجبى من ضرائب الدخان إلى المزارعين ولا نريد قرشًا لوزارة الصحة أو الدولة، لأننا متأكدون أن هذه الضرائب تحمي أولادنا. فعندما نكون في بلد، سعر علبة الدخان فيه أرخص ثمنًا من لوح الشوكولاته فهذا يطرح مشكلة كبيرة”.
وتوجه الأبيض بالشكر لشركاء الوزارة الذين يعملون لتحقيق هدف واحد هو حماية أولاد لا ذنب لهم ويستحقون صحة أفضل.
وكان اللقاء قد استهل بكلمة تمهيدية للإعلامية بترا أبو حيدر أوضحت فيها أن الأساس في الحملة التي تمتد حتى يوم غد الثلثاء هو توعية الأطفال والمراهقين من سن 7 الى 15 سنة على مخاطر التدخين من خلال أنشطة تشارك فيها جمعيات متخصصة بأكشاك تنبه إلى السبل المتبعة للترويج للتبغ بالتعمية على مخاطره، وتشجع في المقابل على اتباع نمط حياة نشط ونظام غذائي صحي.
حداد
ثم تحدثت مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة العامة السيدة جويس حداد عن “الجهود المبذولة من قبل مصنعي التبغ لجذب الاطفال والصغار وصولا إلى ادمانهم، منبهة الى تكتيكات تسويقية مصممة لجذب الشباب وتشمل التغليف المشرق الجذاب، ومنتجات التبغ النكهة مثل المنتول والكرز والفانيليا، فضلا عن الإعلانات ورعاية المهرجانات الموسيقية والاحداث الرياضية والقدرة على التسويق عند نقاط البيع وشموله المنصات الإلكترونية في ظل نقص التنظيمات الصارمة بالمجال الرقمي”.
وكشفت حداد عن “التأثير الصحي والاقتصادي لاستخدام التبغ في لبنان فقالت ان التبغ تسبب في عام 2019 وحدها بخسائر اقتصاديه بلغت 5.3 تريليون ليرة لبنانية (حوالي 140 مليون دولار اميركي) بما يعادل 1.9% من ناتجنا المحلي الإجمالي وذلك نتيجة تكاليف الرعاية الصحية المباشرة وانخفاض انتاجية القوى العاملة والوفيات المبكرة”.
وتابعت: “ان حوالي 9200 لبناني يفقدون حياتهم سنويا بسبب الامراض المرتبطة بالتبغ، و 43% من هذه الوفيات تصيب الاشخاص الذين تقل اعمارهم عن 70 سنة . كما ذكرت ان 39% من المدخنين في لبنان تتراوح اعمارهم بين 18 و 69 سنة. كما أن 32% من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح اعمارهم بين 13 و 15 سنة يتعاطون حاليا احد منتجات التبغ”.
ودعت إلى “تنفيذ تدابير صارمة لمكافحة التدخين من بينها تطبيق حظر على اعلانات التبغ، وزيادة الأسعار لمساعدة الأطفال والمراهقين على عدم الوقوع في فخ هذه الآفة القاتلة”.
الطفيلي
بعدها كانت كلمة رئيس اللجنة المكلفة متابعة تطبيق الخطة الوطنية لمحاربة السرطان الدكتور عرفات الطفيلي الذي أعلن عن الفائزين بنتائج المسابقة التي أطلقتها وزارة الصحة العامة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي عبر منصة إنستغرام تحت عنوان “RISE ABOVE TOBACCO” وهي مسابقة أنتج فيها عدد من تلامذة المدارس اللبنانية مقاطع فيديو توعوية حول التدخين.
راضي
بدورها، قالت رئيسة الفريق التقني والقائمة بالأعمال حاليًا في منظمة الصحة العالمية الدكتورة اليسار راضي: “إن اليوم العالمي للتدخين سيمنح الشباب منبرًا يحثون فيه الحكومات على حمايتهم من أساليب التسويق المخادعة التي تمارسها صناعة التبغ. أضافت أن هذه الصناعة تستهدف الشباب لتحقيق أرباح مدى الحياة من خلال إنشاء موجة جديدة من الإدمان. وقالت إن منظمة الصحة العالمية دعمت تطوير العديد من الدراسات والمسوحات بما في ذلك دراسات فرض الضرائب على التبغ ودراسة الجدوى الإقتصادية للإستثمار في مكافحة التبغ في لبنان وموجز أهداف التنمية المستدامة لمكافحة التبغ والتقرير العالمي لمنظمة الصحة العالمية حول الإتجاهات في انتشار استخدام التبغ. وأظهرت هذه الدراسات أن لبنان يحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث استهلاك السجائر ويكلف التبغ لبنان 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي أي حوالى مئة وأربعين مليون دولار سنويا”.
أضافت: “إن الإستثمار في التدابير الستة المثبتة لمكافحة التبغ سيمنع أكثر من 395000 حالة وفاة ويجنب خسائر اقتصادية بقيمة 402 مليون دولار بحلول العام 2037”.
وشددت على أن “تعزيز إنفاذ قانون التبغ الوطني في الأماكن العامة وتقييد بيع التبغ للقاصرين سوف يحمي الشباب من البدء في تعاطي التبغ ويحمي صحتهم وتعليمهم وعملهم في المستقبل”.
اونغ
كذلك أسف مسؤول برنامج الصحة في منظمة اليونيسف تشاو اونغ Kyaw Aung لأن “يصبح التبغ عادة بين التلامذة في لبنان الذي يحتل مرتبة متقدمة في استهلاك السجائر، وهو ما يتطلب مواجهة فورية”.
وشدد على “ضرورة التوجه للشباب الذين تركز شركات التبغ على استمالتهم بأساليب متعددة، أبرزها في المرحلة الحالية السجائر الإلكترونية والسجائر ذات النكهات المتعددة والتي لا تمنع دون الوصول سريعًا إلى الإدما”ن.
ورأى أن “التوعية والتربية هما السلاح الأبرز لمواجهة هذه الآفة داعيًا إلى بيئة مساعدة على التخلص من التبغ واتباع حياة صحية ورياضية”.
وفي ختام اللقاء كانت أغنية من وحي المناسبة اعدّتها جمعية “لوبام” (الجمعية اللبنانية لنشر الموسيقى الأوركسترالية) بقيادة السيدة مارينا مخيبر.