الأحد 7 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 8 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ثاني هجوم خلال عام.. فيديو هام عن مجمع السفارة الأمريكية في لبنان

تعرضت السفارة الأمريكية في بيروت في منطقة عوكر صباح (الأربعاء 5-6-2024) إلى إطلاق نار من قبل شخص يحمل الجنسية السورية، فردّ عناصر الجيش المنتشرون في المنطقة على مصادر النيران ما أسفر عن إصابة مطلق النار، وتم توقيفه ونقله إلى أحد المستشفيات للمعالجة.

وأوضح بيان الجيش اللبناني حول الحادثة أن وحدات الجيش المنتشرة في محيط السفارة الأميركية في عوكر تجري عملية تفتيش للبقعة المحيطة، وتعمل على تنفيذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحفظ أمن المنطقة.

ويعد الهجوم هو الثاني على المجمع الجديد للسفارة الأمريكية في بيروت، حيث تعرضت السفارة في أيلول/سبتمبر من العام الماضي لهجوم مماثل لم يسفر عن وقوع ضحايا.

يقع مجمع السفارة الأمريكية الجديد في لبنان على بعد 13 كيلومترًا (حوالي 8 أميال) من وسط بيروت، ويبدو وكأنه مدينة خاصة به، ويمتد المجمع على مساحة 43 فدانًا، ويقع في ضاحية عوكر بضاحية بيروت.

تبلغ مساحة المجمع الجديد للسفارة حوالي مائة وأربعة وسبعين ألف متر مربع، ما يعادل عشرة أضعاف مساحة قصر بعبدا الرئاسي، وأكثر من ضعفي مساحة البيت الأبيض، لتصبح ثاني أكبر سفارة في العالم بميزانية وصلت إلى مليار دولار، فلماذا تحولت السفارة الأمريكية من مجرد بناء واحد إلى ما يشبه مدينة صغيرة؟ ولماذا تحتاج بعثة دبلوماسية كل هذه المساحة؟

على تلال منطقة عوكر وعلى مسافة ستة عشر كيلومتر من مركز بيروت، تأرجحت رافعات البناء الثقيلة معلنة انطلاق أعمال إنشاء مشروع السفارة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في لبنان، مجمع ضخم ومساحة هائلة تحتوي على المقر الرئيسي للسفارة والمباني الملحقة، إلى جانب مساكن لإقامة الموظفين وعائلاتهم، وحدائق ومرافق ترفيهية، سفارة تم تصميمها بحيث لا يحتاج العاملون فيها لمغادرتها على الإطلاق، وكل ما يحتاجون إليه من الإبرة للخيط يتم نقله لهم دون أي عناء. وهذه الآلية في البناء ترجع لاعتبارات فرضها تاريخ مرير من الوقائع التي مرت بها البعثات الدبلوماسية الأمريكية، داخل الجمهورية اللبنانية وخارجها.

في الثامن عشر من أبريل لعام 1983 هز انفجار ضخم مبنى السفارة الأمريكية في بيروت، بعد استهدافه بهجوم إرهابي تم من خلال شاحنة محملة بتسعمئة كيلوجرام من المتفجرات، وأسفر عن مقتل ثلاثة وستين شخصاً من موظفي السفارة، بينهم 17 أمريكياً، كان الهجوم مروعاً وصادماً للولايات المتحدة والمجتمع الدولي، خصوصاً ما تبعه في العام نفسه من تفجير مقر قوات المارينز الذي أودى بحياة مئات الجنود، هذه الهجمات المتكررة جعلت الإدارة الأمريكية تعيد كافة حساباتها بشأن التواجد داخل دول تهددها الاضطرابات، وأصبح بعد ذلك المبدأ الأساسي لبناء البعثات الدبلوماسية هو التحصين الأمني الكافي.

ولذلك بنيت السفارة الأمريكية الجديدة في بيروت لتكون حصناً متيناً يستحيل اختراقه، محاط بأسوار من الأسلاك الشائكة والجدران الخرسانية المضادة للتفجير، ونظام تحكم ومراقبة يتضمن كاميرات عالية الدقة معززة بأنظمة ذكاء اصطناعي، مع دوريات أمنية على مدار الساعة حول السفارة التي تتولى مهمة تأمينها قوة خاصة يطلق عليها حراس مشاة البحرية الأمريكية، مدربة خصيصاً لحماية المنشآت الدبلوماسية الأمريكية في الخارج. مع ذلك، الأمن ليس المبرر الوحيد للمشروع الضخم، فلماذا قد تحتاج دولة بحجم لبنان لا تتجاوز مساحتها مساحة ولاية كونيتيكت الأمريكية سفارة مهولة كهذه تتسع لآلاف الموظفين؟

الولايات المتحدة لا تستخدم سفاراتها كقواعد عسكرية، أو منصات لتنفيذ هجمات جوية، فهي في غنى عن ذلك وتمتلك بالفعل عدداً من القواعد العسكرية الضخمة في الشرق الأوسط، مثل قاعدة العديد والظفرة وانجرليك وقواعدها في شمال شرق سوريا. والسفارة الجديدة أبعد ما تكون عن الشؤون العسكرية. لكنها مركز دبلوماسي وأمني استراتيجي، يأتي ضمن سياسة تهدف لتعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة، وتفادياً لأخطاء ارتكبتها واشنطن في الماضي سمحت لقوى أخرى ببسط نفوذها على حساب النفوذ الأمريكي كما جرى في العراق وسوريا، ولا يقتصر وجودها على تفعيل العلاقات الثنائية الأمريكية اللبنانية ولا على الخدمات القنصلية.

ولذلك ستعمل في السفارة الجديدة عدة فرق مختلفة، منها فريق دبلوماسي يتولى ملفات سياسية محلية وإقليمية، وفريقاً للخدمات القنصلية مثل التأشيرات وجوازات السفر، وفريق للدعم والأمور اللوجستية وتضع الولايات المتحدة أيضاً فريقاً استخباراتياً وأمنياً يتبع لوكالة المخابرات المركزية وينشط في توفير التقارير حول الأوضاع والتطورات ويتعامل مع التحديات الأمنية والاستراتيجية، وهو أمر لا يقتصر على لبنان، بل موجود في كل السفارات الأمريكية في العالم بمستويات مختلفة.