كعادتها الدولة اللبنانية تعمد إلى كل ما من شأنه أن يساهم في إفقار اللبنانيين و زيادة الأعباء عليهم عن طريق فرض ضرائب و رسوم أقل ما يقال عنها أنها غير مدروسة و تفوق قدرة المواطنين على تحملها.
وحتى القطاع الخاص الذي رفع الصوت عالياً بعد أن وافق مجلس الوزراء على “مشروع قانون معجل مكرر يرمي إلى تخصيص بعض الإيرادات الضريبية المباشرة لتمويل صندوق استرداد الودائع المزمع إنشاؤه”، وذلك بعد أخذ ملاحظات وزارة المال، ومشروع القانون الذي أعدته الحكومة يرمي الى فرض ضريبة على من افاد من سداد قروض بغير قيمتها.
في هذا الإطار رأى كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل في حديث لـ “صوت بيروت إنترناشونال” أن موضوع فرض ضريبة على القروض المسددة بأقل من قيمتها هو موضوع شائك لأن الذين سددوا هذه القروض لن يقبلوا بفرض هذه الضريبة و من جهة أخرى آلية فرض هذه الضريبة لن تكون بسيطة.
وأشار غبريل إلى أن حجم محفظة التسليفات بالعملات الأجنبية إلى القطاع الخاص تراجعت ٣٣ مليار دولار بين بداية العام ٢٠١٩ و أواخر شهر آب من العام ٢٠٢٣ أي تراجعت بنسبة ٨٠%، كما تراجعت القروض بالليرة اللبنانية إلى القطاع الخاص١٤،٧ تريليون ليرة أي تراجعت بنسبة ٥٣%، وفي المقابل تراجعت الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية بين بداية العام ٢٠١٩ و آب ٢٠٢٣ حوالي ٣١مليار دولار أي تراجع بنسبة ٢٥%، والودائع بالليرة اللبنانية تراجعت ٢٦ تريليون ليرة أي بنسبة ٣٤%.
ووفق غبريل سبب هذا التراجع بمحفظة التسليفات إلى القطاع الخاص هو تسديد القروض المصرفية إن كانت قروض تجزئة أم قروض شركات قبل استحقاقها أو بالليرة اللبنانية على سعر صرف ١٥٠٧ ليرة أو عبر شيكات بالدولار بقيمة أقل بكثير من قيمتها الفعلية مشيراً إلى أن هذا الأمر أدى إلى تراجع بإيرادات المصارف وبالتالي خسارة الودائع.
وإذ لفت غبريل إلى أن مشروع القانون فرض ضريبة على من سددوا قروضهم بأقل من قيمتها واضح فهو استثنى القروض السكنية والاستهلاكية الفردية و قروض التجزئة الشخصية للأشخاص الطبيعيين التي لا تزيد قيمة قروضهم عند تاريخ منحها عن ١٠٠ ألف دولار بتاريخه أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية، وأشار إلى أن هذا مشروع القانون يرمي إلى تخصيص الإيرادات التي ستحصلها الدولة من الأرباح غير المصرّح عنها بعد و غير المسددة التي حققها المقترضون لدى المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان من خلال إعادة تسديد متوجباتهم بسعر صرف و بقيمة مختلقة عن القيمة الفعلية للدين الأصلي و الناتج عن فروقات سعر الصرف والتسديد والتي لم تسقط بعامل مرور الزمن لافتاً إلى أن هذه الإيرادات ستذهب إلى تمويل جزء من صندوق استرجاع الودائع الذي اقترحته الحكومة في برنامجها الإصلاحي لإعادة جزء من الودائع.