بدا لبنان والمنطقةُ في الساعاتِ الأخيرة وكأنهما يسيران على حبلٍ مشدودٍ فوق ملعبِ النار الذي يشي بأن يتوسّع على الجبهةِ الإسرائيلية – الإيرانية المباشرة التي تُقرع طبول جولةٍ هي الأخطر في سياقها، في الوقت الذي يؤشّر تزخيمُ المسار الديبلوماسي عربياً ودولياً إلى محاولةٍ لإعداد المسرح السياسي الذي سيشكّل الحمّالة التي يَخرج عليها الإقليمُ من أتون الحربِ قبل أن تبلغ مرحلةَ حرق المراكب وبعدي الطوفان.
ففي حين كانت الأنظارُ على اجتماعِ المجلس الوزاري الأمني المصغر في إسرائيل مساء أمس، لمناقشة ضرب إيران واستمرار الحرب في لبنان وتوزيع المساعدات في شمال غزة، وسط تحويل تل أبيب مسيّرة حزب الله على منزل بنيامين نتنياهو فتيلاً إضافياً في حرب لبنان الثالثة وفرصةً للتفلّت من قيودٍ وضعتْها بضغط أميركي على ضرْبتها المرتقبة لإيران بعدما اتّهمتها بالوقوف وراء محاولة اغتيال رئيس وزرائها، لم يكن ممكناً التعاطي مع الحِراك الديبلوماسي الكثيف المرتقب في اتجاه المنطقة ولبنان على أنه في إطار السعي لمَنْع موجةِ التصعيد الآتية بمقدار ما أنه لتثبيتِ إطارٍ ناظِمٍ لِما بعدها يرتكز على موازين الميدان كما ستفرزها التطورات العسكرية، وإلا انزلقتْ المنطقة نحو الحرب الإقليمية الشاملة وفق ما ورد في “الراي” الكويتية.
وفي السياق، يسود انتظارٌ لعودة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت اليوم، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة غداً، ولاستعادة لبنان الخميس مظلة دعم عربي – دولي له عبر مؤتمر باريس، وما بين هذه المحطات من زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط للعاصمة اللبنانية.
ولعلّ هذا ما يفسّر، بحسب أوساطٍ مطلعة، رفْع حزب الله منسوب استهدافاته في العمق الإسرائيلي والارتقاء بها كمّاً ونوعاً، وزيادة العمليات الإسرائيلية على الحافة الحدودية لتحقيق توغُّل بري قابل للتحوّل ورقة على طاولة التفاوض بالتوازي مع إعادة الضاحية الجنوبية لبيروت إلى دائرة النار التي اشتدّ التهابُها جنوباً وبقاعاً.