سلم سفير لبنان لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي فادي الحاج رسالة موجّهة من وزير الخارجية والمغتربين د. عبدالله بوحبيب إلى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وقد جاء في الرسالة:
“لقد أظهرت تصريحاتكم العلنية الأخيرة وخطابكم أمام البرلمان الأوروبي التزاماً عميقاً بالقانون الدولي والمبادئ الإنسانية في مواجهة الفوضى والوحشية في لبنان. ونحن نثمّن وهذه المواقف، التي تؤكد التزام الاتحاد الأوروبي بسيادتنا واستقرارنا.
لقد أكدّنا على جميع المستويات باستمرار على التزام لبنان بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. ويدعو لبنان إلى المضي قدماً في التنفيذ العملي والكامل والمتكافئ لهذا القرار. وكما يظهر التاريخ، لم يتم التوصل إلى حلول مستدامة من خلال النار والدم والدمار. وعليه، فإننا نعتقد اعتقاداً راسخاً أن فرض هذا القرار من قبل إسرائيل بالقوة والوحشية، من شأنه أن يخلّف عواقب وخيمة طويلة الأجل ويزيد من تآكل أي إمكانية للمصالحة المحتملة في المنطقة.
وفي خضم الدمار الشديد الذي يواجهه لبنان ــ مع ملايين النازحين، وآلاف القتلى، وتدمير المدن ــ أصبح دعم الاتحاد الأوروبي أكثر أهمية من أي وقت مضى. كذلك نلتزم بالبيان المشترك الذي صدر عن الولايات المتحدة وفرنسا، والذي تدعمه الدول الصديقة، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً. وهذا أمر ضروري لوقف المزيد من الدمار، والسماح بالتفاوض على حل سلمي لعودة النازحين على جانبي الحدود، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المتضررّين.
وتشمل أولوياتنا المباشرة تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة لدعم أكثر من مليون نازح، وضمان حصولهم على المأوى والغذاء والرعاية الطبية والأمن الذي يحتاجون إليه بشدة. إننا في حاجة ماسة إلى إصلاحات اقتصادية جوهرية، ليس من دون دعم الاتحاد الأوروبي، وفقاً لخطة يدعمها صندوق النقد الدولي لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتلبية المعايير المالية الدولية.
إن هذه اللحظة الحاسمة تتطلب حشد المجتمع الدولي نحو وقف فوري لإطلاق النار، واستقرار سياسي قوي، وجهود استباقية لإدارة التصعيد المحتمل للهجرة.
إننا نعرب عن تقديرنا الصادق للمشاركة والدعم المستمرين من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر حيوي للحفاظ ليس فقط على استقلال لبنان وسيادته ولكن أيضًا على الاستقرار الإقليمي. لقد كانت المساعدة المقدمة من خلال آليات مثل مرفق السلام الأوروبي وآلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي لا تقدر بثمن، حيث أنقذت أرواحًا ووفرت الدعم الأساسي في أكثر أوقاتنا صعوبةً. نحن في لبنان ندرك أن الاتحاد الأوروبي قوة من أجل السلام والخير، ونشكركم جزيل الشكر وكل دولة عضو على كرمكم، وهو ما لن ينساه لبنان أبدًا.
إن لبنان يدرك تمامًا ثقل المسؤوليات السياسية التي يجب أن يتعامل معها وعمق الإصلاحات التي يحتاج إلى القيام بها. ونحن ملتزمون باتخاذ القرارات الصعبة ولكن الضرورية لاستعادة الاستقرار والشفافية والاستدامة الاقتصادية. وهذه الإصلاحات ليست ضرورية فقط لتعافي لبنان، بل وأيضاً لتعزيز ثقة المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي، الذي كان دعمه بمثابة شريان حياة لنا. إن دعمكم الثابت يعزز عزمنا على المضي قدماً في هذه الفترة الحرجة، ونحن نتطلع إلى مواصلة شراكتنا للوصول إلى السلام والاستقرار والازدهار في لبنان.”