في الذكرى الرابعة لثورة 17 تشرين، (ومع بداية “ثورة 7 تشرين” في غزة)، يؤخذ عليها أنها “لم تحقق شيئاً”! فأين نجحت وأين أخفقت ثورة 17 تشرين؟
و في تقييم في الذكرى الرابعة لانطلاقتها يقول الصحافي والمحلل السياسي سمير سكاف في حديث لصوت بيروت إنترناشونال:
لم تسكت ثورة 17 تشرين عن الظلم اللاحق باللبنانيين. بل ناضلت من أجلهم، ومن أجل كرامتهم، بكل طاقاتها الشعبية و قد رفعت ثورة 17 تشرين الصوت في الداخل والخارج. وزرعت الثورة، غير العنيفة النفس الثوري بين الشعب مؤكداً أن هذا النفس الذي كان بدأ بموجات عدة “صغيرة” في السنوات السابقة سيعود في موجات لاحقة حتماً عندما تأتي اللحظة المناسبة (momentum)، والتي لا يمكن لأي كان تحديد ساعتها!
ووفق سكاف كان يمكن للموجة الأولى من ثورة 17 تشرين أن تحقق أكثر وأفضل بالتأكيد. ولأنها ناضلت كثيراً فهي بالتأكيد ارتكبت الكثير من الأخطاء، وبالتأكيد أن ليس من بين أخطائها ما يحلو للبعض تسميته بـ “تكسير وسط بيروت الذي ما يزال على حاله ولكن الوضع اللبناني انتقل الى مكان آخر، مع مصاعب إضافية تشمل النزوح السوري بما يعادل نصف الشعب اللبناني كما أن ما يتعرض له أهل غزة وأطفالها من إجرام قد يطال لبنان إذا ما قرر حزب الله فتح “الجبهة الشمالية”.
وما قد ينتظر لبنان قد يشبه نتائج حرب تموز بالخسائر البشرية وبالدمار وتحدث سكاف عن أبرز ما حققته 17 تشرين:
زلزلت ثورة 17 تشرين الأرض بتظاهراتها المليونية لأجل كرامة اللبنانيين. وهي قامت بمساءلة عشرات الوزراء والمسؤولين. وفتحت عشرات ملفات الفساد. أسقطت حكومتين (مباشرة أو بشكل غير مباشر)، واجهت مجلس النواب بعشرات التظاهرات. دخلت على عدد كبير من الوزارات والإدارات.
واجهت وزراء ومدراء عامين. وتظاهرت مرات عدة في محيط عين التينة وعلى مداخل القصر الجمهوري. أخافت ثورة 17 تشرين ومنعت عشرات المسؤولين من التواجد في الأماكن العامة. لا بل حرمت كل “الأسماء النافرة” من المسؤولين من العودة لأي حكومة منذ بدايتها وحتى اليوم! دعمت 17 تشرين استقلالية القضاء بمئات التحركات.
ودعمت لاحقاً المطالبة بالعدالة في أكبر جريمة بتاريخ لبنان والتي فجرت بيروت بتفجيرها للمرفأ وشرّعت للجميع الباب للمطالبة بدولة مدنية وبدولة القانون وبالعدالة الاجتماعية، كما شرّعت الباب لخروج لبنان من الطائفية والمذهبية ولتطبيق اللامركزية كما طالبت الثورة بتطبيق الدستور على الرغم من ملاحظاتها عليه ومن تسجيلها ضرورة تعديل موادٍ تمنع تعطيل الحياة العامة. كما طالبت بسيادة كاملة للدولة على أراضيها وبسلاح واحد في أيدي الجيش والقوى الأمنية مع التزامها بمواجهة كل أعداء لبنان من إسرائيل وداعش وكل أنواع الإرهاب والمخاطر.
ومؤخراً وقفت الثورة مع الخط 29 في مسألة ترسيم الحدود الذي تخلت عنه الدولة بدعم حزب الله لصالح العدو الإسرائيلي بعد النشاط على الأرض يشير سكاف إلى أن ثورة 17 تشرين نجحت بتحقيق تسونامي انتخابي نيابي بحصول لوائحها مع القوى التغييرية على 472.000 صوت تفضيلي، أي ما يفوق أصوات حزب الله (340.000 صوت) والتيار الوطني الحر (121.000 صوت) سوياً! ولكنها بددت تلك التسونامي بعدم قدرتها على توحيد اللوائح في كل المناطق! وكنت قد أدرت شخصياً، مع أصدقائي في اتحاد ساحات الثورة، معركة توحيد اللوائح بحوالى مئة ورشة عمل واجتماع، ولكن النتائج كانت محدودة ومخيبة للآمال! وبدلاً من أن تحصد ثورة 17 تشرين حوالى 35 الى 40 نائباً، حصلت على 13 ثم 12 نائباً، لم ينجحوا بتشكيل كتلة نيابية موحدة ولا حتى أمانة سر موحدة على الأقل! وتشتت رأيهم في عدد من المواضيع، أبرزها في الانتخابات الرئاسية وهو ما أفقدهم دعم الرأي الثوري والرأي العام معاً.
لكن ثورة 17 تشرين لم تنجح في المحاسبة بعد يقول سكاف فهي لم تزج الفاسدين في السجون و لم تعلق المشانق و لم تغير الطبقة السياسية بالكامل مؤكداً أن المحاسبة ستأتي لا محال حتى ولو بعد حين حتى ولو بعد أكثر من جيل.
وختم سكاف بالقول يرغب الكثير من الناشطين العودة بعقارب الثورة 4 سنوات الى الوراء ولكن ذلك غير ممكن ولا يقف النضال على الموجة الثورية الأولى التي انطلقت في 17 تشرين 2019 وانتهت في 15 أيار 2022، لكنه يمكن أن يستمر بأشكال مختلفة، بانتظار موجة ثورية ثانية، لا بد آتية!