السبت 13 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 14 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

شينكر: لم تعد ثمّة حاجة إلى معادلة الجيش والشعب والمقاومة

أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق للشرق الأدنى ديفيد شينكر أن “القرار 1701 لم ينفذ مطلقا ولم ينجح”، كاشفاً أن “هناك فرصة اليوم لوقف الحرب مع قرار الإدارة الأميركية الجديدة وضغطها على إسرائيل”.

وقال في حديث إلى “النهار”: “الأمر صعب جداً رغم أن الموفد آموس هوكشتاين توصل إلى اقتراح يستند إلى هذا القرار، لكنه يتضمن آلية جديدة للمراقبة لضمان تنفيذه، فضلاً عن أحكام تسمح للبنان بتأمين حدوده وتمنع إعادة تسليح “حزب الله”. وهو ينتظر رداً إيجابياً من رئيس المجلس، ولكن هذا صعب جداً لأن الحزب كما نقرأ في إعلامه مشغول بتحقيق نصر إلهي ثان، فإذا كانوا يفوزون بالحرب، لماذا يوافقون على تقديم تنازلات؟”.

ماذا عن إمكان فصل الحل عن غزة؟ وهل أنتم متفائلون بذلك؟

ثمة كثيرون يدعمون لبنان بعكس الحزب الذي كبّد البلاد خسائر تقارب 8,5 مليارات دولار بسبب قراره الأحادي دعم حركة “حماس”، وربما ذهب بعيداً بربط وقف النار بغزة، ولكن هناك فرصة اليوم مع ضغوط إدارة الرئيس ترامب على إسرائيل لإنهاء الحروب، ولاسيما أنه يصعب إنهاؤها أو تقليصها في غزة حيث هناك أزمة احتجاز “حماس” لرهائن بينهم أميركيون. لا أقول إنني متفائل، خصوصاً إذا نظرت إلى العمليات الإسرائيلية التي نفذت عملياً القرار 1701، وقامت بما لم تقم به اليونيفيل أو الجيش. وكما قال هوكشتاين، فإن الكرة اليوم في ملعب الحزب، وعندما نتحدث عن وقف للنار نتحدث عن تطبيق الـ1701.

لكنك من القائلين إن القرار لم يعد يصلح ويحتاج إلى تعديل، فهل تقبل إسرائيل؟ وماذا عن الشروط الأميركية لتمويل الجيش أو قيادة لجنة إشراف ومراقبة للتنفيذ؟

هناك طرق لإنهاء الحرب، وتدهور قدرات الحزب العسكرية يوفر فرصة، والوقت حان بالفعل لاستكمال تطبيق القرار 1559 بعدما طبّق عبر سحب سلاح الميليشيات باستثناء سلاح الحزب. ولهذا السبب، لبنان من دون سيادة، ولديه ميليشيا مدعومة من إيران مسيطرة منذ عقود، ونطاق سيطرة إسرائيل محدود لجهة ما تريده، لكن ثمة من يقول، وبينهم لبنانيون، إن هناك فرصة لتقليص حجم وجود الحزب، ولم يعد هناك حاجة إلى المعادلة الثلاثية التي يهيمن فيها الحزب ويمسك بقرارات الحرب والسلم، ويخيف ويقتل معارضيه، من سياسيين وصحافيين بارزين، بمن فيهم صحافيون في “النهار”.

اللبنانيون سئموا كل الدمار الذي جلبه على لبنان. لا أدري علام سنحصل اليوم، ولكن في أي حال، إنها فرصة للبنان ليمارس سيادته على أرضه، ونسمع هذا الكلام من قيادات مثل وليد جنبلاط الذين لا يرتاح هو وغيره إلى استمرار هيمنة إيران ووكلائها على البلاد. أما في ما يتعلق بالجيش، فأذكر أنني كنت أعمل في البنتاغون عام 2005، عندما بدأت ثورة الأرز وكنا نوفر تمويلاً قبلها بقيمة 1,5 مليون دولار سنوياٍ لبرامج التدريب والتعليم، وبعد الثورة ارتفع التمويل إلى 70 مليوناً ويقترب اليوم من 300 مليون، وهذا دعم كبير لزيادة قدرة الجيش على القيام بدوره في حماية سيادة الدولة. وأجدد القول إن ثمة فرصة رغم وجود منتقدين لهذا التمويل في واشنطن، وإذا لم نر تكثيفاً لجهود الجيش لتنفيذ القرار 1701 فسنسمع أسئلة متزايدة هنا عن سبب تمويلنا هذه المؤسسة. نحن لا نمول الجيش لمحاربة الحزب وإنما للقيام بدوره، ولهذا أسأل عن دور الجيش، ولا سيما في تنفيذ القرار 1701 الهادف إلى ضمان عدم وجود أسلحة أو ميليشيات أو بنية تحتية عسكرية في الجنوب بخلاف تلك التابعة للجيش. وهذا يعني الخروج في دوريات مع “اليونيفيل”، وتفكيك القواعد العسكرية للحزب، علماً أن هذا ما كانت إسرائيل تفعله في الشهرين الماضيين، وما كان ينبغي لليونيفيل والجيش أن يفعلاه منذ عام 2006، وفقاً للالتزام الذي قطعته حكومة لبنان.

لا نتحدث هنا عن الصدام المباشر مع الحزب، بل عن العمل لضمان عدم تحول لبنان إلى سوريا في شكل دائم. أي أن إسرائيل ستضرب أهداف الحزب في مختلف أنحاء لبنان إلى ما لا نهاية، ولن تعود إلى ما قبل 7 أكتوبر.

ولكن هل الجيش قادر على القيام بدوره من دون تمويل، علما أن خطته تحتاج إلى مليار دولار؟

لن أضع رقماً محدداً. ولكن مليار دولار مبلغ ضخم بالنسبة إلى خمسة إلى عشرة آلاف جندي يتم نشرهم في الجنوب. من الضروري إعادة تدريب الجنود وتجهيزهم ودفع رواتبهم في ظل الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة.

بعض المساعدات ستكون مطلوبة. وإدارة ترامب ستكون حريصة جدا على التأكد من إنجاز العمل وربط دعم الجيش بتنفيذ التفويض بالفعل، وهي المهمة التي وافق عليها لبنان عام 2006.

في مقالة بعنوان “اليوم التالي للبنان”، كتبت أنه “في غياب تحول سياسي في بيروت، سيظل لبنان تابعا لإيران وستغلق نافذة الفرصة الحالية للقضاء على تهديد “حزب الله”. هل تعتقد أنه ما دام الحزب يتمتع بالنفوذ، فلا يمكن التوصل إلى حل، علماً أنه مكون لبناني ولا يمكن استبعاده من الحياة السياسية؟

أنا لا أدعو إلى إنهاء الحزب سياسياً، ونعلم أنه حزب سياسي وجيش ميليشيا بالوكالة مدعوم من إيران. ولبنان سيكون في وضع أفضل إذا لم يكن هناك حزب سياسي ولاؤه الرئيسي لولاية الفقيه وطهران، وعلى استعداد لجر البلد إلى حروب متتالية نيابة عن المصالح الإيرانية. ولكن موقف أميركا تاريخياً لم يكن أن “حزب الله” والشيعة لا يستطيعون المشاركة في السياسة اللبنانية. قد يكون هناك المزيد من الأحزاب السياسية بين الشيعة إذا لم يتعرضوا للترهيب أو القتل لعدم موافقتهم على إملاءات الحزب وإيران. لكنني متأكد من أنه لم تكن هناك دعوة في الولايات المتحدة لاستبعاد الشيعة من السياسة في لبنان. وهذا سيكون سخيفاً وغير مفيد لآفاق الديموقراطية في لبنان. هناك الكثير من الشيعة الذين لا يشاركون “حزب الله” وإيران الرؤية السياسية العدمية. وقد يختار الذين أجبروا على مغادرة منازلهم بسبب حرب الحزب ضد إسرائيل مسارا مختلفا إذا عُرضت عليهم أنواع أخرى من الفرص. لا يتعلق الأمر بإنهاء حقيقة وجود ميليشيا واحدة في البلاد تهيمن على جميع الجماعات الطائفية الأخرى بقوة السلاح. وعندما لا توافق على ما تقوله الحكومة المعينة ديموقراطيا، فإنها تغزو بيروت وتقتل.

إلى أي مدى تعتقد أن الشرق الأوسط والعلاقات مع إيران تشكل أولويات على أجندة الإدارة الأميركية الجديدة؟ وما السياسة المرجح أن تنتهجها اليوم؟

انسحب ترامب من الاتفاق النووي وانخرط في حملة الضغط الأقصى لإجبار إيران على الدخول في صفقة لا تتعلق بالنووي فحسب، بل بكل السلوكيات الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ودعم الميليشيات في اليمن التي أغلقت الآن باب المندب وخفضت عائدات قناة السويس المصرية، والحشد الشعبي الذي هو “حزب الله” الجديد في العراق. 100 ألف مسلح غير مسؤولين أمام حكومة العراق يتلقون أموالا من الحكومة تصل إلى 6.3 مليارات دولار سنويًا ولديهم شركاتهم الخاصة، مثل “جهاد البناء”، يحصلون على العقود ويكسبون المال.

أراد ترامب التوصل إلى اتفاق يوقف إيران عن سياستها في زعزعة استقرار الدول العربية، وكان لديه عامان. لم ينجح في تركيعها، ولا أعرف ما ستكون عليه السياسة هذه المرة. لكنني متأكد تمامًا من أنه سيحاول العودة إلى اتفاق مع الإيرانيين، وهذا ما وعدت به إدارة بايدن في البداية، وهو اتفاق أطول وأقوى، ويشمل أيضًا هذا السلوك الإقليمي المزعزع للاستقرار. اجتماع إيلون ماسك مع السفير الإيراني في الأمم المتحدة ربما يهدف إلى خفض التصعيد واختبار الجليد لمعرفة ما يمكن تحقيقه مستقبلا.

لكن إعادة تطبيق حملة الضغط القصوى ضد إيران ستكون وشيكة، وربما سياسة أكثر قوة تجاه بعض هذه المجموعات التي تستهدف الأميركيين في دول المنطقة.

ألا تعتقد أن لبنان سيدفع ثمن أي اتفاق نووي محتمل بين إدارة ترامب وطهران، التي تستعمل ورقة الحزب لتحسين شروطها في أي اتفاق مستقبلي؟

لا، لا أعتقد ذلك. كان هناك الكثير من الاهتمام بلبنان خلال إدارة ترامب الأخيرة. قد تكون أكثر صرامة بسبب بعض المنتقدين في الكونغرس ومجلس الشيوخ، ولكن سيكون هناك تقدير جديد لأهمية لبنان، بالنظر إلى علاقات ترامب الجديدة مع والد صهره.

ماذا عن سياسة العقوبات التي كنت تؤيدها، علما أن تلك التي فرضتها واشنطن لم تمنع الحزب من التوسع والتمويل؟ هل تعتقد أن ترامب سيعود إلى هذه السياسة؟ وهل لا تزال فعّالة؟

في حالة لبنان، كانت العقوبات رمزية للغاية، سواء كان لدى جبران باسيل حسابات مصرفية في أميركا يمكننا تجميدها أو لا، وقد فهمنا أن هذا ليس هو الحال. وأمر مخز أن فرنسا لم تؤيد وجهة النظر الأميركية، إذ كانت الرحلات نهاية الأسبوع إلى باريس أكثر أهمية من تصنيفهم من الولايات المتحدة أم لا.

لكن ستكون هناك عقوبات إضافية على الأشخاص الذين مكنوا أو ما زالوا قادرين على تمكين “حزب الله”، ويقوضون الإصلاح السياسي الاقتصادي، ويساهمون في عدم الاستقرار. لا إذا كانت هذه العقوبات فعالة. فالعقوبات على إيران قبل إدارة بايدن توقفت، وكانت فعالة للغاية. إذا نظرت إلى الرواتب التي كان “حزب الله” قادرا على دفعها لموظفيه في لبنان، والخدمات الاجتماعية، والميزانيات، فقد انخفضت في شكل كبير خلال إدارة ترامب. ثم جاءت إدارة بايدن، ولم تنفذ العقوبات، وتم الإفراج عن كميات ضخمة من الأصول المجمدة للحكومة في طهران. أعتقد أن الأمور تغيرت كثيرا. وهناك الكثير مما يمكن فعله، من أهمها التشريعات الإصلاحية المطلوبة ومراقبة الحدود وتقليص نفوذ الحزب الذي يستفيد من مقدرات البلاد ويلجأ إلى الاقتصاد النقدي. صحيح أن المعاناة كبيرة ولاسيما على النازحين، ولكن الرهيب هو أن تبقى سيطرة إيران عبر الحزب. هناك ثمن سيتم دفعه ولكن مع إدارة قوية وقادرة على اتخاذ القرارات الجيدة، يمكن القول إن أمام لبنان واللبنانيين فرصة، وهو بلد الفرص، آملاً ألا يفوتوتها اليوم.