شدد رئيس “تيار الكرامة” النائب فيصل كرامي على أن “مسألة انتخاب رئيسٍ للجمهورية عالقة حتى إشعار آخر، هذا الإشعار موجود ومُتاح وهو عبر الذهاب لحوار وطني حقيقي شامل”. وكشف أنّ “من يُعرقل هذا الحوار هي فئة من اللبنانيين راهنت ولا تزال على انتهاء الحرب في غزة لصالح اسرائيل متوهّمين أن يمنحهم هذا الأمر القدرة على الذهاب الى طاولة الحوار بشروطٍ معينة”.
كلام كرامي جاء خلال مأدبة عشاء أولمت على شرفه بدعوة من الأستاذ داني حريكي في منزله في راسمسقا – الكورة، في حضور زوجة كرامي السيدة جنان كرامي، رجال دين، قادة أمنيين، إعلاميين ولفيف من الأهل والأصحاب.
بدايةً شكر كرامي للحضور هذه الدعوة، وأثنى بكلامه على منطقة الكورة وأسماها بالخضراء “التي قدمت للبنان والعالم المفكرين والأدباء والشعراء والأطباء والمهندسين حتى قيل انها البقعة التي ترفُد لبنان دائماً بخيرة أبنائها المميزين”.
وأضاف: “من هنا، من الكورة الخضراء، أوجه تحية للشعب الفلسطيني البطل سواء في غزة الصامدة أو في الضفة الغربية المقاومة التي تتعرض لأشنع أنواع العدوان أو في الداخل الفلسطيني المحتل او في كل انحاء الشتات الفلسطيني”، وشدّد على “انّ ما يحصل منذ ٧ أكتوبر وحتى اليوم هو ملحمة حقيقية تمسّنا جميعاً كعرب، حتى يمكن القول أيضاً ان في هذه الأيام أصبحت تمسّ الإنسانية جمعاء، وهذا ما نشهده كل يوم في كل انحاء الكرة الأرضية”.
وقال: “إن فلسطين ولا سيما مقدساتنا في فلسطين، غالية علينا وتهمّنا وتعنينا، وهي عنوان من عناوين كرامتنا كمسحيين وكمسلمين، لا يُمكن ان ننسى أنّ فلسطين هي أرض المسيحية ومهدها وكنيسة المهد في بيت لحم شاهدة على ذلك، وهي أيضاً قيامة المسيحية ورمزها وتشهد على ذلك كنيسة القيامة في القدس. وبالنسبة إلينا كمسلمين فهي أرض أولى القبلتين أي الأقصى الشريف، هذا إضافة الى عشرات الأضرحة والمزارات المنتشرة في كل أنحاء فلسطين والتي تُعتبر فضلاً عن كونها معالم دينية تاريخية، هي أيضاً رمز من رموز الحضارة الانسانية لدى كل الناس من مختلف الاديان”.
كما أكد أن “القضية الفلسطينية ترقى لكونها قضية العصر على المستوى الانساني، والمسألة لا تتوقف على المسالة الدينية سواء المسيحية أو الاسلامية بل هي تعني الظلم الذي لحق بشعبٍ كامل، سُلبت منه أرضه وحقوقه وكرامته ولن تستقر الأمور ولن تنتهي القضية والمعركة الّا باستعادة الحقوق وباعترافٍ كامل بدولةٍ فلسطينية جدّية وحقيقية عاصمتها القدس”.
ثم أسِف كرامي لما يمرّ به لبنان من أزمات، وأكد أن “الممرّ الوحيد للبدء باستيعاب هذه الأزمات ومحاولة امتصاصها وإيجاد الحلول الناجحة لها هو ممرّ دستوري يقضي بالإسراع بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية وإنهاء هذا الوضع الغير العادي لعدم وصفه بالشاذّ الذي تعيشه البلاد على المستوى الدستوري والسياسي”.
وقال: “لكن وكما تعلمون فإن انتخاب الرئيس عالق حتى إشعارٍ آخر، والإشعار الآخر موجود ومُتاح، وهو الذهاب لحوارٍ وطني حقيقي وشامل لا يستثني أحداً نخرج منه بالاتفاق والتوافق على الذهاب فوراً الى مجلس النواب وانتخاب رئيس من بين اسمين او ثلاثة أسماء أو أيّاً تكن الأسماء، علماً أنّ مُرشّحنا مفهومٌ وواضح وهو سليمان بك فرنجية، ومن حقّ الآخرين ان يكون لهم مُرشّحهم لا بأس فكلّ شئ يتم بالحوار”.
وسأل كرامي: “ما الذي يعرقل هذا الحوار الذي يدعو اليه الكلّ”؟ قاصداً اللجنة الخماسية التي وصلت في بيانها الأخير لمُناشدة اللبنانيين للذهاب الى حوار وغامزاً من زبارة لودريان المبعوث الفرنسي الاسبوع القادم الى لبنان متسائلاً “ما الذي سيفعله او سيقوله او يسمعه؟ لا جديد بهذا الموضوع اليوم، فمن الذي يرفض ويُعرقل هذا الحوار؟! إنهم أطرافٌ لبنانيون، يُعلّقون الآمال والرهانات على ان تنتهي الحرب في غزّة لصالح اسرائيل، يُراهنون على اسرائيل باعتبار انّ انتهاء الحرب في فلسطين لصالح اسرائيل سوف يمنحهم قدرة للذهاب لحوار بشروطٍ معيّنة”. وأنا أقول لهم : “انتم واهمون، ومخطئون، تضحّون بلبنان الذي لا احد يعلم ما الذي يُمكن أن يتعرّض له من الآن وحتى انتهاء الحرب التي تتخذ أبعاد إقليمية وتكاد أن تكون دولية”.
وأضاف: “كُفّوا عن رهاناتكم وتعالوا للحوار هذا ما أقوله للجميع بصدق. امّا المُراهنون على اسرائيل فليس لدي ما اقوله لهم سوى انكم تكرّرون خطايا وأخطاء الماضي، تكرّرون جرائم الماضي والنتيجة معروفة سلفاً إذا راجعتم هذا الماضي بشكلٍ صحيح”.
كما تطرق كرامي لمسألة النزوح السوري، وأوضح أن “ملف النازحين السوريين يشهد نوعاً من الفوضى الغير آمنة، فنحن نسمع كل يوم تقريباً بأنّ المنطقة أو القرية الفلانية تضع شروطاً ونظاماً وتتخذ قرارات تتعرض للنازحين السوريين فيها، هذا مخالف للقانون، هذا يوحي أن لبنان دخل الفدرلة الجديّة الواقعية على الارض. فضلاً عن أنّ المشكلة لا تُحلّ بهذه الطريقة، المنطقة التي تتوهّم بأنها عبر إرسالها للسوريين لمنطقة أُخرى هي منطقة واهمة، فنحن جسمٌ واحد، والمشكلة تتعلّق بكل لبنان، وهذه تصرّفات قد تؤدّي لانفجاراتٍ متنوعة وما أكثر المتربّصين بنا لكي يُشعلوا هذه الإنفجارات”.
وأكد انه “علينا أن نعي تماماً أنّ التعامل مع ملف النازحين السوريين يتطلّب الحكمة والهدوء والتروّي والعقلانية، ونستطيع أن نجد بالتنسيق مع الدولة السورية (وأشدّد الدولة السورية) نستطيع أن نجد الحلول وآليات العودة على مراحل بكل واقعية ومسؤولية”.
وللمزايدين بموضوع علاقة كرامي مع السوريين، قال: “أنا من هنا وقبل أن يخطر لأحدٍ أن يُزايد عليّ أقول أنا لا يُزايد عليّ بموضوع العلاقة مع السوريين فطوال الوجود السوري في لبنان لم أكن لا انا ولا البيت الذي أنتمي اليه من المستفيدين من هذا الوجود، اللذين استفادوا واستثمروا كثيرون ومعروفون وبعضهم اليوم يقف بالخندق الذي يُريد أن يُزايد وأن يدّعي السيادة، وليقُل ما يشاء، ولكن نحن لا يُزايَد علينا لا بموضوع السيادة ولا بموضوع العلاقة مع سوريا، وما أطرحه حول ملف النزوح السوري أطرحه من مُنطلق وطني ومن موقع المسؤولية الوطنية فضلاً عن العقلانية التي إذا لم نتحلَّ بها حتماً نكون قد ذهبنا للجنون، ولا ينفع الجنون في هذه المرحلة”.
في الختام، أسِف كرامي للكلام الذي سمعه مؤخراً عن طلب أحدهم أن يُدرَج تاريخ “خروج الجيش السوري” في لبنان كـ يومٍ وطنيّ، وقال: “هذا طرحٌ مرفوضٌ تماماً، يكفينا ما لدينا من أعياد وطنية”. وشدد على أنه “بدل أن نخترع تواريخ جديدة، علينا أن نتذكّر تاريخ ٢٢ تشرين الثاني الذي هو عيد الاستقلال ونُثبِتَ لأنفسنا وللآخرين من الجوار او من الدول الأخرى بأنّنا فعلاً نريد الحفاظ على استقلالنا، هذا الاستقلال يحتاج لإعادة تثبيت ولإعادة تركيز وإعادة إنتاج على المستوى الوطني، لأن لبنان يكاد ينهار، فـ ما نفعُ عيد الاستقلال والبلد منهار؟”.
وختم كرامي: “إذاً، لا تخترعوا لنا أعياداً وطنية جديدة، هناك يومٌ وطنيّ واضح وهو عيد الاستقلال، وهناك مناسبات وطنية أيضاً واضحة تتعلّق بـ ٢٥ أيار عندما تحرر لبنان من المحتلّ الاسرائيلي”.