فيما يعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن “مساع جدية يجريها مع أطراف دولية بينها الولايات المتحدة للجم التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان ويؤكد ان الساعات الـ24 المقبلة ستكون حاسمة في نجاح هذه المساعي أو فشلها”، يطل البيت الابيض ببيان يصف فيه “الأنباء عن هجوم صاروخي لـ”الحزب” على إسرائيل بالـ “مقلقة للغاية”، معتبرا ان على الرئيس الإيراني مسؤولية الضغط على حسن نصرالله لوقف إطلاق الصواريخ.
وبين الاعلان والبيان نفير اسرائيلي اطلقه قائد القيادة الشمالية في الجيش الاسرائيلي عن دخول مرحلة جديدة “يتعين أن نكون معها على أهبة الاستعداد للمناورة والقتال”.
مشهد يجمع كل التناقضات. الرئيس بري يسعى مع الولايات المتحدة التي تسعى مع ايران الساعية مع الحزب لوقف هجماته على اسرائيل، في حين يدرك العالم بأسره انه يكفي لتجنيب لبنان الحرب الشاملة اعلان فصله عن حرب غزة بعدما ربطه بها عضوياً حزب الله من خلال جبهة المساندة، بما جرّت اليه لبنان من ويلات لم يجد من يسانده لتجنبها.
وفيما الاتصالات لوقف الجنون الاسرائيلي على قدم وساق بين بيروت ونيويورك ودول العالم المهتمة، ترفع اسرائيل وتيرة استهدافاتها وتستدعي عشرة الاف جندي من الاحتياط، في مؤشر خطير، وتكثف غاراتها متسببة باستشهاد العشرات من اللبنانيين يومياً وهي توغلت في العمق اليوم باستهداف فتوح كسروان بصاروخين على بلدة المعيصرة للمرة الأولى منذ بداية الحرب، ما ادى الى سقوط 3 قتلى و9 جرحى.
وتضاربت المعلومات عن هوية المستهدف في الغارة، ففي حين أفادت المعلومات ان المنزل المستهدف يعود للشيخ محمد عمرو مسؤول جبل لبنان والشمال في حزب الله، أشارت معلومات اخرى الى أن عمرو لم يكن موجودًا في المنزل المستهدف، وهو أصلًا ليس صاحب المنزل بل يعود إلى إبن شقيقه.
وفي اليوم الثالث من الهجوم الإسرائيلي على لبنان، ومقابل وابل الغارات التي لم تهدأ جنوبا وبقاعا مستهدفا عددا كبيرا من القرى والبلدات وصولا الى اقليم الخروب، اعلن الجيش الإسرائيلي انه هاجم 60 مقر قيادة لاستخبارات “حزب الله”، وأنّ الدفاعات الجويّة اعترضت صاروخاً واحداً أطلق من لبنان باتجاه تل أبيب. وافاد حزب الله أنه أطلق صاروخا باليستيا من نوع “قادر – 1” مستهدفا مقر قيادة الموساد في ضواحي “تل أبيب” وهو المسؤول عن اغتيال القادة وعن تفجير البايجرز وأجهزة اللاسلكي.
وأعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات ان مجاهدي المقاومة الاسلامية استهدفوا مستعمرة حتسور وقاعدة دادو بعشرات الصواريخ. كما استهدفوا أيضاً مستعمرتي ساعر وكريات موتسكين بصليات من الصواريخ. وقصفوا للمرة الثانية مستعمرة كريات موتسكين بصليات من صواريخ فادي 1 وكذلك مصنع المواد المتفجرة في منطقة زخرون بصلية من صواريخ فادي 3.
من جهة ثانية، وبعدما أعلن حزب الله اليوم أنّ أحد قادته العسكريين، إبراهيم قبيسي، قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت الثلاثاء الضاحية الجنوبية لبيروت، نعى كلا من حسين أحمد عوالي “ميثم” مواليد عام 1974 من بلدة برج البراجنة، ومحمد حسين علي الرباح “عمار” مواليد عام 1990 من بلدة تمنين الفوقا، وعباس إبراهيم شرف الدين “السيد جمال” من كفرتبنيت في الجنوب.
وتوازياً، أفاد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة بأن غارة إسرائيلية على بلدة عين قانا أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة عشر بجروح. كما أدّت غارة على بلدة جون- قضاء الشوف في حصيلة أولية إلى استشهاد أربعة أشخاص وإصابة سبعة بجروح. وأسفرت الغارة على بلدة بنت جبيل جنوب لبنان إلى استشهاد أربعة أشخاص. أما الغارة على بلدة تبنين جنوب لبنان فأدت إلى استشهاد شخصين وإصابة سبعة وعشرين شخصا بجروح. وأدّت الغارات المتتالية على بلدات في بعلبك الهرمل إلى استشهاد سبعة أشخاص وإصابة ثمانية وثلاثين شخصا بجروح. وأصيب شخصان بجروح في مارون الراس وجرح شخص في عيناتا.
المشهد اللبناني اعتبره البابا فرنسيس غير مقبول وندد بـ” التصعيد المروّع” في لبنان. كما دعا المجتمع الدولي الى بذل كل الجهود من أجل وضع حد له، في ظل تصاعد القصف بين إسرائيل وحزب الله.وقال الحبر الأعظم: “تحزنني الأنباء من لبنان حيث تسببت ضربات مكثّفة خلال الأيام الماضية بمقتل العديد من الضحايا والدمار، وأتمنى أن يبذل المجتمع الدولي كل الجهود الممكنة لوضع حد لهذا التصعيد المروّع. هذا أمر غير مقبول”.
سياسياً، تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري تطورات الأوضاع الميدانية والسياسية على ضوء مواصلة إسرائيل عدوانها على لبنان كل لبنان، وأجرى لهذه الغاية إتصالاً برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي المتواجد في نيويورك لوضعه في اجواء ما قام به الرئيس بري من إتصالات واسعة لوقف العدوان.
وفي حديث لـ”الشرق الأوسط” قال بري: “أقوم بمساع جدية مع أطراف دولية بينها الولايات المتحدة للجم التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان والساعات الـ24 المقبلة ستكون حاسمة في نجاح هذه المساعي أو فشلها”. ورداً على سؤال عن إمكانية قبول “حزب الله” بمبدأ الفصل بين جبهة لبنان وجبهة غزة أجاب بري: “هذا المسعى يراعي عدم الفصل بين الملفين”.
وإلتقى بوحبيب بوزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود حيث وضعه في أجواء الأوضاع الميدانية في ضوء الإعتداءات الإسرائيلية والتصعيد المتدحرج. وقد تبادل الوزيران الأفكار حول كيفية الخروج من هذه الحلقة في ظل الصعوبات التي تواجه وقف اطلاق النار في غرة وانهاء الصراع. كما حث الأمير بن فرحان اللبنانيين على انتهاز الأحداث الأخيرة لإجراء خرق في الإنتخابات الرئاسية. من جهته شكره الوزير بوحبيب على اهتمام المملكة بالإستماع الى وجهة نظر لبنان وتقديم المساعدة الممكنة.