ساهمت شخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على مدى أعوام، في تمتين الروابط بين بيئتي حزب الله وحركة أمل، بعد حرب ضروس امتدت لسنوات في ثمانينات القرن الماضي قبل أن يأتي إتفاق الطائف ليوزع حصص الدولة حيث تولت حركة أمل المؤسسات فيما بنى الحزب مشروعه العسكري في الجنوب والضاحية.
كان لنصرالله بصمة واضحة في طي صفحة الخلافات والمضي مع الرئيس نبيه بري في معركة ترميم النسيج الاجتماعي والسياسي بين الحزب والحركة في المناطق، وتشكيل لجان محلية هدفها الاساس فض أي إشكال بين جمهوري الحركة والحزب وسحب فتيل التوترات في القرى المختلطة في بيروت والجنوب وصولا الى البقاع، في وقت كان استحضار العداوات في الداخل مادة دسمة تُساهم في شد عصب الجمهورَيْن على قاعدة “المصيبة تجمع”.
عاشت هذه القاعدة طويلا غذَّتها أيضا معادلة تقسيم النفوذ بين نصرالله وبري، وكان الحزب اكثر دراية واستيعابا لبعض النفور الحركي بعد أن لمست أمل توسعا واضحا للحزب داخل بيئتها. لم تغب الانتقادات اللاذعة عن لسان الجمهورَيْن وكانت محصورة في المجالس الضيقة أو أمام أصدقاء موثوق بهم، ولكن ما كان واضحا هو الاختلاف الكبير بين مدرستي موسى الصدر ونظام ولاية الفقيه الذي انتهجه الحزب ومارسه ضمن عقيدته الدينية، كما عزز النهج الديني بين مرجعيتين لا يمكن ان يلتقيا وهما النجف وقُم، فالاولى تُجاهر بها حركة أمل فيما يعتبر الحزب القُم مرجعيته الاساس وقاعدته الصلبة التي بنى عليها تنظيمه العسكري والسياسي.
بعد تحرير الالفين وحرب الـ 33 يوما في تموز الـ 2006 تعززت قوة الحزب والحركة وتمكن ضابطا الايقاع من فرض نهج التسوية على مقاسهما، وجاءت أحداث السابع من أيار لتكلل مسيرتهما في الداخل على قاعدة “..هم الغالبون”، وتم تطبيق هذه النظرية على أكثر من استحقاق حكومي ورئاسي فلا رئيس جاء الا بتسوية أو توافق بين المكونات من جهة والحزب والحركة من جهة أُخرى، فيما ألبس هذا الفريق حكومات الغالب والمغلوب ثياب الوحدة الوطنية فكان مفتاح حلها حصرا في جيبه.
بعد ثورة 17 تشرين وما نتج عنها من تداعيات اقتصادية ومالية خطيرة ومع تصاعد قوة الفريق الشيعي داخل الدولة تم إسقاط اسم “الثنائي الوطني” على الحزب والحركة كعنوان لمسار ومصير واحد لفريق غلَّب الطائفة على الوطنية، الى أن جاءت حرب الاسناد اليوم وكشفت “عورات” تحالف الثنائي وخرجت الانتقادات من داخل بيئة حركة أمل التي رأت في حرب الاسناد ورطة كبيرة ومكلفة، وساعدت اسرائيل على تطبيق أجندتها في الداخل. ورغم القرار المبكر للرئيس نبيه بري بانخراط الحركيين في الحرب وسقوط شهداء من حركة امل على أرض الجنوب بوجه العدو الاسرائيلي، الا أن غالبية المؤيدين للرئيس نبيه بري ولحركة أمل ينتقدون في العلن أداء حزب الله ويصفون بعض العناصر الشابة بغير المنضبطة والتي تسعى الى هدم كل ما بناه الرعيل الاول في الحزب. وقد تم رصد الكثير من الاشكالات في القرى الجنوبية التي تتعرض للقصف ووصل الأمر ببعض الحركيين بتأييد منطق المعارضين للحزب وتوصيفهم ايران بالشيطان الاكبر التي تُبدي مصالحها على مصالح لبنان والثنائي.