إرضاء المجتمع الدولي
كان حزب الله يعرف أن أي حكومة يجب تشكيلها، عليها أن تحظى بغطاء دولي. وهذا سرعان ما ظهر بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يمكن وصفه أنه الراعي الرسمي لاستمرار تسوية ميشال عون وعهده، والحريص على العلاقة بحزب الله، ومن خلفه إيران. والذي شدد على بذل فرنسا لجهودها لمساعدة لبنان.
احتفظ باسيل بدوره كلاعب أساسي في عملية تشكيل الحكومة وصياغتها، وإن كان خارجها. فهو إلى جانب الوزارات الأساسية التي حصل عليها، شريك مضارب في حصص الآخرين، كوزير الاتصالات وفي حقائب طلال ارسلان. ولبنان الذي يرضخ إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية، وشخصيات عديدة فيه كانت معرّضة لإدراجها على لائحة العقوبات، من بينها باسيل، هل يجرؤ على تشكيل حكومة مواجهة مع المجتمع الدولي؟ حتماً الحكومة ستكون للمواجهة السياسية مع القوى اللبنانية، لكنها تريد التواصل مع القوى الدولية وخصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية. هكذا، تم تقديم شخصيات فيها على أنها محسوبة على الأميركيين، صحّة ذلك ستظهر في الممارسة وفي النتيجة السياسية.
نظرية المؤامرة
باسيل الذي كان اسمه قابلاً للطرح على لائحة العقوبات الأميركية، يسعى إلى تجنّب ذلك. ومن كان ينتظر صدور العقوبات بحقه يتساءلون عن السبب وراء تأخيرها. فلا بد بالنسبة إليهم أن يكون هناك أمر أو رهان يحول دون ذلك. وهو يرتبط حتماً بما قادر باسيل على تقديمه. طبعاً، هنا لا يقدّم شيئاً باسمه.
ومنذ أشهر، أجمعت قوى سياسية على وصف باسيل بأنه صاحب دور تخريبي في لبنان، قالها برّي بشكل أو بآخر، وكذلك جنبلاط، وفرنجية، فيما الحريري قالها على طريقتها عندما حمّل باسيل مسؤولية تعطيل كل شيء في لبنان لتلبية مصلحته الشخصية.
تغيير الصورة
اليوم، هناك من يقوم بجردة حساب لأداء باسيل السياسي، والذي يتجلى مؤخراً بفرض الشروط التي يريدها في عملية تشكيل الحكومة، والتغير في أدائه السياسي، عبر الإيحاء بأنه من خارج النظام والتركيبة السياسية، ويريد تبنّي خطاب المعارضة. لذلك، أصرّ نظرياً في شروطه التي فرضها على حسان دياب، بتشكيل حكومة تكنوقراط تحظى برضى المجتمع الدولي. وهو لا يزال يرفع هذا الشعار لعرقلة الحكومة لغايات في نفسه. لا ينفصل أداء باسيل هذا عن اللقاء الطويل الذي عقد بينه وبين ديفيد هيل، والذي بقي طي الكتمان، لكنه نمّ عن صفحة جديدة من العلاقة وحتماً من التنسيق.
في الموازاة تعاون باسيل مع إحدى الشركات الأميركية الكبرى لإجراء دراسة عن الواقع اللبناني، والبحث عن حلول ومقترحات لتلميع صورته اللبنانية، بعد كل الانتقادات التي تعرض لها في الشارع، وكيفية التعامل مع ذلك، لتقديم صورة مغايرة، كانت قد بدأت في إطلالته التلفزيونية الطويلة. حُمل باسيل مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، لكنه أيضاً أراد أن يكون الشخص الذي عمل على تأليفها، خصوصاً أن حزب الله قد سرّب ظهر الثلاثاء بأنه أوقف كل مساعيه وجهوده في عملية تشكيل الحكومة، وترك الأمر لرئيسي الجمهورية والحكومة المكلف. عندها تحرك باسيل للوصول إلى حلّ، لا يظهر حزب الله كقوة فعلية في التشكيل. وبمعزل عن هذه الحكومة، فإن الأعراف التي تكرست بأدوار باسيل وعون، لن تقف عند حدّ ما تحقق من تحلل في المؤسسات وصراع الصلاحيات. حتماً سيكون مستمراً في المرحلة المقبلة وسيأخذ منحى أوسع وأبعد، لتغيير وجهة السياسة اللبنانية وتركيبتها.