الأربعاء 13 ذو القعدة 1445 ﻫ - 22 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

إحتضانٌ لبناني وعربي ودولي لمعركة الجيش ضد “داعش”.. و”حزب الله” يجهد للإستغلال

يمضي الجيش اللبناني في “التمهيد بالنار” للمعركة التي بدأ العدّ العكسي لها ضدّ تنظيم “داعش” في جرود رأس بعلبك والقاع على الحدود الشرقية مع سوريا ، وسط “إنفلاش” محاولات التوظيف السياسي الاستباقي لمفاعيل الإنجاز العسكري المرتقب في اتجاهاتٍ داخلية وخارجية.

وفي تطور يشي بقرب انطلاق المعركة، أطلق تنظيم “داعش” الإرهابي، مساء أمس، عدداً من صواريخ “غراد” من مناطق سيطرته في جرود رأس بعلبك باتجاه بلدة القاع ، حيث سقط 3 منها في محيط البلدة قرب أحد مراكز الجيش فيما سقط عدد آخر في منطقة مشاريع القاع .

وأعلن الجيش أنه قصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ مراكز “داعش” في جرود رأس بعلبك والقاع ، بعد تعرض أطراف البلدة لسقوط 8 قذائف مصدرها الجرود.

وفيما “حقل النار” يشهد استكمالاً للاستعدادات الميدانية وتموْضعات على التلال تمليها حاجة الجيش الى إحكام “الكماشة” على “داعش”، تزداد “الأثقال السياسية” التي تحوط بهذه المعركة بما يعكس حساسيّتها في ظلّ سعي المؤسسة العسكرية الى “حمايتها” ما أمكن من “السباق” على استثمارها.

وتلاحظ أوساط سياسية لبنانية عبر صحيفة “الأنباء” الكويتية، أنّ “حزب الله” الذي وظّف معركته ضدّ “جبهة النصرة” في جرود عرسال ، باتجاه داخلي عنوانه “الإلتفاف غير المسبوق” حول أدواره العسكرية ومعادلة “الشعب والجيش والمقاومة” وفي اتجاه خارجي يصبّ بمصلحة “محور الممانعة” بقيادة إيران التي لاقتْه في “تلقُّف” “النصر”، يسعى في الطريق الى عملية الجيش اللبناني ضدّ “داعش” لتظهير نفسه “شريكاً في الميدان”، بالتوازي مع الدفْع نحو جعل التنسيق مع النظام السورية أولوية تمليها بالنسبة إليه ضرورات المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع والتي سيخوضها الحزب جنباً الى جنب مع الجيش السوري من المقلب السوري (قارة والجراجير).

ولا يتوقّف الضغط نحو التنسيق مع نظام بشار الأسد على الجانب العسكري المتصل بمعركة الجرود المرتقبة بل يشمل أيضاً الدعوة التصاعُدية للتنسيق معه في ما خص «خطر» النازحين السوريين، بالاستناد الى ما رافق إنهاء وجود “النصرة” في جرود عرسال عبر ترحيل آلاف اللاجئين الى إدلب بتعاونٍ معلن مع النظام السوري، والى ما سيُستكمل في السياق نفسه لجهة تأمين انتقال نحو 3 آلاف نازح هم مسلّحو “سرايا أهل الشام” (بقايا من “الجيش السوري الحر”) وعائلاتهم وآخرين الى القلمون الشرقي (بلدة الرحيبة).

واستوقف الأوساط السياسية نفسها أن هذا المناخ تَرافق مع 3 تطورات لافتة، أوّلها الكشف عن وجود مكتب دائم للتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لم يتوقّف عمله، والثاني إعلان أن وزير المال علي حسن خليل (من فريق الرئيس نبيه بري شريك “حزب الله” في “الثنائية الشيعية”)، وقّع اتفاقية مع الحكومة السورية لتزويد لبنان بالكهرباء بـ 300 ميغاوات وبكلفة نحو 400 مليار ليرة لبنانية (نحو270 مليون دولار)، والثالث التقارير عن زيارة سيقوم بها وزيرا الزراعة غازي زعيتر (من فريق بري) وحسين الحاج حسن (من “حزب الله”) في 16 الجاري لدمشق بدعوةٍ من وزير الاقتصاد السوري، تليها زيارة لوزير المال بدعوة من رئيس الوزراء السوري عماد خميس.

وفي موازاة هذا “الدفْع”، يَبرز في الشقّ المتعلّق بمحاولات التوظيف الداخلي لمعركة الجيش لدحْر “داعش”، اندفاعة “التيار الوطني الحر” (حزب الرئيس ميشال عون) لجعْل “الإنتصار الآتي” للجيش من ثمار “العهد القوي” الذي وفّر الغطاء للمؤسسة العسكرية لـ”تحرير الأرض” على ما أعلن رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل الذي قام بجولة لافتة امس في بلدتيْ رأس بعلبك والقاع ، مشيراً الى ان “حزب الله” عمل على ملء فراغ بتحرير الأرض، واليوم الدولة اللبنانية عادت لتحمُّل واجباتها كي تصمدوا في هذه الأرض، وهذه المعركة سيخوضها الجيش اللبناني وحده وله كامل القرار”.

وإذ دعا رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للدفاع إلى اجتماع قبل ظهر اليوم، في تطور اعتُبر في سياق مواكبة التحضيرات لمعركة الجيش، رأت الأوساط عيْنها أنه بمعزل عن التوظيف الداخلي لهذه المعركة، فإن تظهيرها على أنها بقرارٍ من الدولة ووفق أجندة لبنانية من شأنه تبديد الإنطباع الذي ساد إبان عملية “حزب الله” ضدّ “النصرة” بأن الحزب هو “حامي لبنان”، وهو ما يلاقيه الجيش بالحرص على إظهار انه سيخوض المواجهة مع “داعش” من دون أي شريك، داخلي او خارجي، وخصوصاً انه يملك قدرات قتالية وامكانات عسكرية كبيرة تعززها قوة نارية هائلة وتدخُّل جوي فاعل.

وفي رأي هذه الأوساط ان الجيش اللبناني الذي يتمتّع باحتضان داخلي “لا تشوبه شائبة”، وبحاضنة عربية ودولية وبدعم أميركي مفتوح بالذخيرة والعتاد، ليس في وارد التفريط بهذا الأمر، بل يسعى الى تكريسه والإفادة منه.

وإذ تكشف هذه الحسابات المتداخلة ما يحوط بمعركة الجيش من تعقيداتٍ سياسية أكثر منها ميدانية، تتعاطى دوائر مطلعة مع الانتقال المرتقب لـ”سرايا أهل الشام” ونحو 3 آلاف نازح من جرود عرسال الى القلمون الشرقي (استكمالاً لخروج “النصرة”) على أنه سيشكّل “صافرة” إطلاق المعركة الكبرى ضدّ “داعش” في رأس بعلبك والقاع، إلا اذا سلّم التنظيم بشروط التفاوض لجهة كشف مصير العسكريين التسعة الأسرى لديه والانسحاب في اتجاه البادية السورية.

 

المصدر الراي الكويتية