الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"إنترناشيونال بوليسي دايجست": بهاء الحريري فعل الكثير لمحاربة الفساد الراسخ في لبنان

ترجمة "صوت بيروت إنترناشونال"
A A A
طباعة المقال

كتب كريستوفر أوبراين في صحيفة “إنترناشيونال بوليسي دايجست”: في السنوات الأخيرة، تعرض لبنان لأزمة بعد أزمة. أولاً، انهيار اقتصادي ومالي، ثم ضرب الوباء، ثمّ تلاه انفجار ميناء بيروت المدمر. كانت كل أزمة وحدها كافية لوضع الأمة المحاصرة على ركبتيها، ومع ذلك، كانت الأزمات الثلاث في تعاقب سريع، بمثابة كارثة لأمة أطلق عليها ذات مرة اسم “باريس الشرق الأوسط”، وهي الآن تعيش في ظل مجدها السابق.

منذ التسعينات، كان لبنان يشهد نمواً مطرداً، حيث نما ناتجه المحلي الإجمالي من 2.8 مليار دولار في عام 1990 إلى 55 مليار دولار في عام 2018، ولكن في السنوات اللاحقة، انهار الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ حالياً 33 مليار دولار. على هذا النحو، شهد لبنان نقصاً في النمو على فترة عقدين من الزمن، بينما يستمر الناتج المحلي الإجمالي في الانخفاض. لن ندرك تماماً طول أو مدى الضرر لسنوات قادمة.

هذا يثير أسئلة محرجة للنخب السياسية في لبنان، الذين أهملوا الأمة وواجباتهم لسنوات. لم تكن الطبقة السياسية نائمة كثيراً على عجلة القيادة، حيث كانوا يجلسون في المقعد الخلفي وهم ينظرون إلى النافذة بلا هدف. سرهم القذر: لم يكن هناك في الواقع أحد على عجلة القيادة. وفي ظل هذه الخلفية التي لم تكن فيها أزمة واحدة فقط، بل أزمات متعددة، لم يكن لدى لبنان حكومة لأكثر من عام.

في حين أن الناس عانوا، بعد أن تبخرت مدخرات حياتهم، وشاهدوا التضخم يدفع تكلفة المعيشة إلى أعلى من أي وقت مضى، تشاجرت المؤسسة السياسية. غير راغبين في المخاطرة بوضعهم وسلطتهم ونفوذهم حتى مع تراجع البلد الذي قاتلوه حتى وصلوا به إلى الهاوية.

على هذا النحو، لم يكن لدى لبنان سوى عدد قليل من الحلفاء، وعدد قليل منهم فقط كان على استعداد للوقوف، ومحاولة القيام بما لا يستطيع السياسيون القيام به؛ وهو إظهار القيادة. لحسن الحظ، لدى لبنان مجتمع في الشتات مزدهر وكبير وفخور. هذا المجتمع هو الذي حاول، ربما عبثاً، إظهار بعض القيادة.

لنأخذ على سبيل المثال بهاء الحريري، نجل رئيس وزراء لبناني سابق، وشقيق سعد الحريري، رئيس وزراء آخر. قد يبدو بهاء قائداً للمؤسسة، ومع ذلك فقد فعل أكثر من غيره لإظهار القيادة في مكافحة الفساد الراسخ. في العام الماضي، ساعد في إطلاق وتمويل حركة شعبية هدفها الوحيد هو تعزيز وسنّ الإصلاح الدستوري لتخليص لبنان من الفساد الذي تسبب في الكثير من الألم.

لكنّ بهاء ليس وحيداً. في أمريكا، أنشأ رجل الأعمال جورج عقيقي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة LebNet، صندوق الطوارئ في بيروت بعد انفجار ميناء بيروت. ساعد الصندوق في جلب المساعدات التي تشتد الحاجة إليها بعد أن رفض المجتمع الدولي – الذي سئم من فشل لبنان في سن أي شيء قريب من الإصلاحات الدستورية اللازمة لتنظيف عمله – المساعدة.

بالإضافة إلى ذلك، تبرع كارلوس سليم، وهو رجل أعمال لبناني مكسيكي، ويمكن القول أنه من الأغنى في مجتمع المغتربين اللبنانيين، بمبلغ لم يكشف عنه لمساعدة مثل هذه الجهود.

وبعيداً عن قبول شريان الحياة هذا، فإنّ المؤسسة اللبنانية – العازمة على حماية مصالحها الذاتية-قاومت هؤلاء الأفراد. فهم لن يسمحوا لأي شخص غيرهم أن يُظهر أي شيء يشبه القيادة، والأهم من ذلك، لن يسمحوا لأي شخص بتحدي قبضتهم الضعيفة على السلطة.

على هذا النحو، يُنظر إلى أمثال بهاء الحريري، بسبب قربه من حركة سوا للبنان الشعبية، على أنه تهديد وجودي، فهو واجه رد فعل عنيف من المؤسسة. وحرصاً منها على تشويه سمعة الرجل، اتهمته في الأسابيع الأخيرة بأنه يقوم بتعزيز مصلحة تركيا.

مثل هذه الادعاءات، التي لا أساس لها من الصحة، يتم نشرها من قبل النخبة غير الأخلاقية لمنع أي شخص وأي شيء من تحدي قبضتها الضعيفة على السلطة. السلطة التي حتى الآن، لم تصبح ممكنة إلا بفضل نفوذ وكلاء إيران، حزب الله.

في السنوات والأشهر القادمة، يستحق شعب لبنان الأفضل. ومع ذلك، فإنه لا يزال عالقاً مع مؤسسة غير قادرة على القيادة وغير راغبة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لاقتلاع الوضع الراهن.

مع استمرار الاقتصاد في دوامة تؤدي إلى الهاوية، حيث تنتقل حياة الناس العاديين من سيء إلى أسوأ، فإنّ الأمر متروك إلى الشتات لإصلاح الأمر. إنّ مهاجمة شريان الحياة هذا من قبل الشتات اللبناني في الخارج هو تطور مقلق لنخبة سياسية يائسة، مصممة على البقاء في السلطة، بأي ثمن.