الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

البطريرك الراعي: ستكون هناك دولة مدنية عندما يصبح هناك انتماء لوطن قبل الانتماء لطائفة

رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وبدعوة من جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، لقاء إطلاق الطابع التذكاري لبطريرك لبنان الكبير مار الياس بطرس الحويك في قاعة البطريرك الحويك في دير العائلة المقدسة في عبرين ـ قضاء البترون في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المدير العام الدكتور نبيل شديد، ممثل رئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب الدكتور أسعد عيد، السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتري، ممثلي رؤساء الطوائف، النائب الدكتور فادي سعد، راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله والمطارنة حنا علوان وبولس مطر وسمير مظلوم، ممثلين عن قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا، وفد من الرابطة المارونية برئاسة النائب السابق نعمةالله ابي نصر، نواب سابقين، فاعليات رسمية، سياسية، بلدية، وعسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية، كهنة، الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأخت ماري أنطوانيت سعاده وجمهور الراهبات، أنسباء البطريرك الحويك وعدد من المدعوين.

و القى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:””نود أولا أن نشكر المكرم البطريرك الكبير الياس الحويك الذي لولاه لما كنا هنا اليوم، كما نشكر الدولة اللبنانية وتحديدا وزارة الاتصالات على إصدار الطابع التذكاري ونشكر أيضا بنات البطريرك الياس الحويك اللواتي يواصلن مسيرته ورسالته وحياته بيننا ويحملن الرسالة بكل جوارحن وقلوبهن.”

واضاف: “عندما نتكلم عن طابع تذكاري نتناول كلمتين اساسيتين:التذكار والدعوة، تذكار الشخصية التي يحملها الطابع وهذا التذكار هو تذكار لشخصيته ولمآثره التي سمعنا عنها في كلمات الاعلامي ماجد بو هدير والدكتور أنطوان صفير والأخت ماري أنطوانيت سعاده الرئيسة العامة واخذنا بما يكفي نقطة من بحر البطريرك الحويك بما يختص بشخصيته. وهنا لا بد من أن أتوقف عن النقطة الثانية والتي من أجلها كان الطابع التذكاري الذي هو بمثابة دعوة موجهة في كل مرة يرى فيها أحد منا طابع على رسالة تصله. فالطابع هو التزام والبطريرك الياس الحويك يقول لنا “في سبيل لبنان علينا أن نصبر ونتألم ونسهر ونصلي” وهكذا هو عاش حياته ولم يصل الى ما وصل اليه الا من خلال صراع كبير، مرة كانت الدول بجانبه ومرة أخرى كانت ضده، حينا في العلن معه وحينا آخر في السر ضده، وهو كان يعرف كل هذه الأمور ولكنه بقي متشبثا بالصبر والاحتمال وطول البال حتى وصل الى غايته، إعلان دولة لبنان الكبير”.

وتابع الراعي: “الاوطان تبنى بالتضحيات، وتبنى بالصبر والصلاة هذا ما علمنا إياه الحويك ويعلمنا أيضا في كلمته الشهيرة “الدولة المدينة” التي يتحدثون عنها وهو تحدث عنها بجملة واحدة بسيطة جدا عندما قال:”الدولة المدنية تعني أن المواطنة بدلا من الانتماء الطائفي” ونحن عندما نكون كما نعيش اليوم بتطويف كل شيء وتمذهب كل شيء، الوزارة ممذهبة، الموظفون ممذهبون وكل شيء ممذهب، كل هذا ينتفي انتفاء كاملا مع الدولة المدنية. ليس هناك دولة مدنية مذهبية أو دولة مدنية طائفية بل هناك دولة مدنية عندما يصبح هناك انتماء لوطن قبل الانتماء لطائفة أو لمذهب أو لحزب أو لزعيم. ولكي نصل للدولة المدنية، يقول لنا البطريرك الحويك علينا تنقية الذات والتجرد والتضحية وخروج من الذات اما الواقع الذي نعيشه اليوم فيتنافى كليا مع إمكانية إعادة بناء الدولة المدنية ولبنان من اساسه دولة مدنية ولكن تم تشويهها بالممارسة.”

وقال: “يعلمنا البطريرك الحويك ان لبنان أمانته تستمر دائما ونظامه جميل ودستوره من أجمل دساتير الدول بشهادة كل علماء الدستور، دستور روعة من الروائع واستكمل بالميثاق الوطني في العام 1943 وتجدد باتفاقية الوفاق الوطني في الطائف. وهذه المسيرة هي من روح الحويك ويتم تفكيكها اليوم.نسمع كثيرا عن النظام سيىء ولكن ما هو السيىء؟ أهو الدستور الذي هو روعة من الروائع؟ أم النظام وميثاق العيش معا مسلمين ومسيحيين بالتعددية والاحترام المتبادل والتكامل في وجه الأحادية في كل دول المنطقة؟ أن نعيش معا هو سيىء؟ أن نحترم بعضنا ونقدم فسيفساء الوطن والعائلة اللبنانية هو سيىء؟ لا يجوز ان نشوه الدستور ونخالفه ونقول النظام سيىء، وليس عندما نرفض الاستمرار بالعيش معا واصبح كل طرف يبحث عن وسيلة عيش تناسبه ويعمد على “تشليح” غيره، نقول الميثاق الوطني سيىء” متسائلا “وماذا اقول عن اتفاق الطائف الذي لم ينفذ لا روحا ولا نصا وتتم مخالفته ونقول النظام سيء. لا، كل شيء جميل في نظامنا وهذا من مخلفات البطريرك العظيم والتي تلخصها عبارتان للحويك “طائفتي لبنان وكل الطوائف هي نسيجه الاجتماعي” والكلمة الثانية التي علينا ان نحفرها في ضميرنا هي “المواطنة لا الولاء الديني أو الطائفي” وعلى هذا الأساس بني الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني في اتفاق الطائف.”

وطلب الراعي “من كل السياسيين التوقف عن تجريحنا وفي كل مرة يخالفون الدستور ينتقدون النظام ويصفونه بالسيىء ونحن نفاخر بهذا النظام لأن ليس هناك اروع منه وهذا النظام هو الذي سماه البابا القديس يوحنا بولس الثاني “نموذج ورسالة للشرق كما للغرب” في كلماته وهذا الكلام لم يقله البابا عن أي بلد وعلينا أن نحفظ هذا الكلام في رسالتنا ونحافظ عليها.فالبطريرك العظيم مار الياس بطرس الحويك يعلمنا الأمانة للوطن ، الأمانة للدستور، الأمانة للميثاق، الامانة لوثيقة الوفاق الوطني، الأمانة لبعضنا البعض وبذلك نرى الطابع التذكاري الجميل ومن ثم ندرك من خلال يقظة ضميرنا ما دورنا وما هي رسالتنا فلا نتلفظ بكلمة واحدة كما يقول اجيالنا “ما هو النفع من هذا الوطن؟” هذا كلام لا يجوز وليس بهذا التفكير تبنى الأوطان.”

وختم: “لبنان ولد من بعد الحرب الكونية الأولى ومن بعد المجاعة في جبل لبنان والتي قتلت ثلث الشعب اللبنانية وبنتيجتها ولد لبنان واليوم الحالة التي نعيشها، حالة الموت السياسي والاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي من هذه الحالة سيولد لبنان الجديد. يا رب، نحن نصلي مع الكنيسة لكي ترفع الى مراتب الطوباويين في السماء المكرم البطريرك الكبير مار الياس بطرس الحويك وان يكون شفيعا لنا في السماء ونسير نحن على خطاه في محبة هذا الوطن ومحبة بعضنا بعضا.”