السبت 18 شوال 1445 ﻫ - 27 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الصفدي يشعل “الحرب” بين الحريري وباسيل والخليلين

تقف الثورة على عتبة شهرها الأول، فيما تراوح السلطة في التعنُّت ورفض الاصغاء إلى مطالب الثوار المحقة. بل إن الطبقة الحاكمة تصرّ بشكل مستميت على محاولات إبقاء القديم على قدمه، وعلى تشكيل حكومة سياسية، مع بعض الروتوش التقني، ورفض مطلب الثوار بحكومة اختصاصيين مستقلين لإنقاذ الوضع المقبل على الانهيار.

الاستحقاق الحكومي لا يزال في مأزق على الرغم من الاندفاعة اللافتة في الساعات الأخيرة لفريق العهد والتيار الوطني الحر، والوزير جبران باسيل خصوصاً، لإشاعة أجواء عن أن تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة بات قريباً جداً، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون منح مهلة تنتهي الاثنين المقبل لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لإعطاء أجوبة نهائية على العروض التي قدمها، وأن منتصف الأسبوع المقبل قد يشهد انفراجاً على خلفية التلازم بين مساري تكليف رئيس جديد تشكيل الحكومة وتأليفها، وصولاً إلى قول باسيل إن “الحريري وافق على تولي الوزير السابق محمد الصفدي رئاسة الحكومة”.

لكن مصادر بيت الوسط تؤكد ألا شيء لدى الحريري يضيفه على ما سبق وأعطاه من أجوبة، وموقفه واضح بضرورة الاستماع إلى صوت الشارع وتشكيل حكومة اختصاصيين من شخصيات موثوقة تحقق صدمة ايجابية وتحظى برضى الثوار في الشارع. واللافت، الرد الحازم من مصادر بيت الوسط على ما حاول باسيل ترويجه، إذ قالت “رجعت حليمة على عادتها القديمة”، معتبرة أن “باسيل يحاول ترميم وضعه على صلاحيات الآخرين”.

مصادر “الخليلين”، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، سارعت إلى الإدلاء بدلوها حول اللقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، مساء الخميس، ونقلت قولهما: “أصرّينا على أن يتولى الحريري نفسه رئاسة الحكومة، ولا مانع عندنا أن يكون ثلثا الحكومة من التكنوقراط. لكن الأخير أصرّ على تكليف غيره، وبادر للقول إن رؤساء الوزراء مجتمعين وافقوا على الوزير السابق محمد الصفدي”، وأكدا أن “الحريري تعهد أن يتمثل تيار المستقبل وأن يسمي الوزراء في الحكومة”.

لكن مصادر بيت الوسط ردَّت أن “الحريري لم يقدم أي تعهدات في هذا الشأن سوى التأكيد على موقفه من دعم الحكومة واعطائها الثقة. وموضوع التمثيل الوزاري مسألة في عهدة الرئيس المكلف، الذي يجب ان تكون لديه مساحة واسعة من حرية الاختيار وتكوين فريق عمله في هذه المرحلة الدقيقة”.

وفي ظل “حرب المصادر” المشتعلة، سيطر الغموض حول صحة أو دقة “الروايات” المتعددة وما يتم ضخه في الأجواء، والثابت أن الأمور ليست سائرة نحو الانفراج في ما يبدو، على وقع التضاد الواضح، وطالما الكلام يدور حول حكومة لا تختلف فعلياً عن سابقاتها.

بعد التصريحات المتباينة، سارع رؤساء الحكومات السابقون، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام إلى التشديد على إعادة تسمية الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة. ورأوا أن على القوى السياسية كافة تسهيل مهمته في ذلك.

وتعددت القراءات حول المقصود من تسريب اسم الصفدي وتكليفه تشكيل الحكومة العتيدة، والإيحاء بأن الحريري صاحب الطرح وأن حزب الله وحركة أمل والتيار وافقوا، وما إذا كان الهدف حرقه. فالتوقع والاستنتاج المسبق لرفض اسم الصفدي من قبل الثوار، لأسباب مختلفة، لا يحتاج إلى جهد كبير، وهذا ما حصل فعلاً إثر اشتعال الطرقات ليل الخميس وأمس الجمعة، خصوصاً في طرابلس وجل الديب وخلدة والبقاع، ما أدى الى احتكاكات مع الجيش.

مدير مركز الشرق للشؤون الإستراتيجية المحلل السياسي سامي نادر، يشير في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، إلى أنه “من الطبيعي أن السلطة تحاول أن تخمد الثورة بشتى الوسائل. والكل تابع كيف أنه بعد محاولات التخوين والتسييس، وحتى اقتلاعها بالعنف، لا تزال الثورة ماضية في طريقها”.

ويلفت إلى أن “السلطة لا تملك خيارات كثيرة. فإما أن تعيد انتاج نفسها، وهذا مرفوض، أو تلتحق بخيار الثورة، وتشكيل حكومة بعيدة عن الطبقة السياسية. وبالتالي ما تحاوله السلطة هو إبعاد شبح الاستحقاق أطول فترة ممكنة”.

ويرى نادر “ألا مفرّ للسلطة من مواجهة هذا الاستحقاق، إذ سيلحقها من الباب الاقتصادي”. ويوضح أن “الأزمة بدأت بالانفجار لكننا لم نصطدم بعد بالقعر، إنما “When we hit the bottom”، بحسب القول الانكليزي المعروف، ستكون الآثار مدمّرة وستتحمّل السلطة كامل المسؤولية عن الانهيار التام وليس الشارع”.

ويعرب نادر عن اعتقاده أنه “على ضوء المعطيات والوقائع الحاضرة، لا تملك السلطة خيارات كثيرة، وهي تقوم فقط بحرق الأوراق الواحدة تلو الأخرى. فبعدما وضعت خطاً أحمر أمام سقوط الحكومة، تراجعت وأُسقطت الحكومة. وبعد محاولات تسييس الثورة وتخوينها وإجهاضها، انتهت الأمور إلى أن أركان السلطة في خطاباتهم انضموا إلى الثورة من حيث أحقية مطالبها”.

وإذ يلفت إلى أن “ما بقي هو ورقة تشكيل الحكومة”، يشير نادر إلى أنه “في حال لم تتوافق مع مطلب الشارع، من المحال أن تمرّ. وبالتالي الخيار الوحيد العقلاني الذي يفتح الباب للحل هو تلبية مطلب الشارع”.

ويشدد على “وجوب أن تستجيب السلطة إلى مطلب الثوار، الذي لا يزال حتى اليوم حضارياً جداً والوحيد القريب إلى تطبيق الدستور”، محذرا من أنه “في حال وصل الناس إلى حالة مجاعة، نصبح في مشهد آخر”.