الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

المصارف تستغلّ "كورونا" لفرض "اللولرة"!

بمعزل عما جسّدته من “عصيان مصرفي” على مقررات مجلس الوزراء وما أثارته من ردود وردود مضادة بين وزير المالية غازي وزني وجمعية المصارف، فاجأت الجمعية اللبنانيين أمس ببيان بدا للوهلة الاولى حريصاً على أمن وصحة 27 ألف موظف في القطاع لا شك أن سلامتهم فوق أي اعتبار ماديّ.

 

ولكن مَن قرأ ما بين سطور البيان، تأكّد أنه ولا سيّما في بنديه الأول والثالث مجرّد وسيلة لـ”استغلال” حال الطوارئ وقلق الموظفين لتحقيق هدف واحد أوحد “لولرة” الودائع (أي لبننة عمليات السحوبات النقدية بالدولار). بذلك تصبح حتّى “فتافيت” الدولارات التي اعتاد اللبنانيون طوال الأشهر القليلة الماضية على تسوّلها أسبوعياً مستحيلة المنال.هكذا إذاً، تستغلّ المصارف الكورونا، وتستغل موظفيها لوقف “التسريب” في حنفيّة الدولارات.

أحالت الجمعيّة، كل السحوبات النقدية، بالليرة طبعاً بما فيها الرواتب إلى أجهزة الصراف الآلي علما أن أجهزة الـATM لا تلبّي حاجات السحب النقدي إلا ضمن حدود ضيّقة. فالسحب كما قررته الجمعية عينها المسموح بالليرة اللبنانية يصل لغاية 25 مليون ليرة وهو مبلغ لا يمكن سحبه عن طريق الصرّاف الآلي، ما يعني تجميد الحركة الاقتصادية المتبقية وتعطيل مصالح المواطنين وأمنهم الاجتماعي.

بالتأكيد لموظفي المصارف الحق بالمطالبة بالحماية الصحية واختيار الحجر المنزلي، لكن لو كانت نيّة الجمعية سليمة، لشملت إجراءاتها السحوبات النقدية عبر الـATM بالدولار ولو ضمن سقوف السحوبات الاستنسابية التي تؤمنها أسبوعياً للمواطنين.

 

الى ذلك، تعهّد البيان بتأمين العمليات التجارية بعبارات عمومية غير محددة، مشيراً إلى “العمليات المتعلّقة بالأمن الغذائي والمستلزمات الطبيّة والعمليات المدعومة من قبل مصرف لبنان”، ما يعني أن مصالح المواطنين ستخضع مرة أخرى للإستنساب والمزاجية. فكان يمكن لجمعية المصارف أن تقرّر فتح فروع قليلة في كل منطقة لتلبية العمليات الكبيرة والتي تحتاجها الصيدليات والمستشفيات والسوبرماركات في ظل الاوضاع الراهنة، تاركة السحوبات الفردية لأجهزة الصراف الآلي.

أما ما يؤكده البيان التوضيحي الذي أصدرته الجمعية إلحاقا ببيانها الأوّل فيعد بأن تؤمّن المصارف “من خلال إداراتها العامة ومراكزها الرئيسية الحدّ اللازم والمفروض لتيسير العمل ولتأمين الخدمات” وهي عبارات مطاطة و”الشاطر يعرف” ما هو الحدّ اللازم الذي عناه التوضيح.

هذا واستجرّ خطأ جمعية المصارف تكرار خطأ جسيم آخر فاستعان وزير المال بالنيابة العامّة المالية “لتأديب” المصارف. أما مصرف لبنان المكلف قانوناً بإدارة النشاط المصرفي والرقابة عليه، فيبدو أن غيبوبته الرقابية أجازت تدخّل المدعي العام المالي أو إن صحّ التعبير مناجاته للبتّ في كلّ شاردة مصرفيّة وواردة.