الجمعة 16 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

المهمة صعبة... ماذا سيعلن ماكرون هذا المساء؟

سمير تويني - النهار
A A A
طباعة المقال

رغم اعتذار رئيس الوزراء المكلف مصطفى اديب عن متابعة مهمة تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن اصطدمت جهوده بإصرار الثنائي الشيعي على تسمية وزرائهما والتمسك بحقيبة وزارة المالية ولعدم التزام الكتل النيابية مع طروحاته ووعودها أمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فوصلت هذه المشاورات إلى حائط مسدود أدى إلى ضرب المبادرة الفرنسية التي تهدف إلى تكاتف الطبقة السياسية لانتشال البلد من أسوأ أزماته، ما زالت هذه المبادرة الانقاذية الدولية مستمرة، ويؤكد ذلك دعوة رئيس الجمهورية الفرنسية لمؤتر صحفي في قصر الإليزية مساء الأحد يتناول خلاله الوضع السياسي اللبناني كما جاء في بيان صدر عن القصر الرئاسي مساء السبت. وهو موقف لافت من الرئيس الفرنسي تخصيص مؤتمر صحفي للملف اللبناني.

ماذا يمكن أن يعرض الرئيس ماكرون خلال هذا المؤتمر بعد أن أفشلت الطبقة الحاكمة مبادرته لتشكيل حكومة من اختصاصيين مشهود لخبرتهم ونزاهتهم ومعرفتهم، وهدفها النهائي الإصلاح لتجييش المجتمع الدولي لدعم لبنان لمواجهة الأخطار الداهمة المحدقة به، خلال فترة لا تتجاوز الـ ١٥ يوماً مددها لترك مجال امام اللاعبين السياسيين على الساحة اللبنانية والاقليمية والدولية للتوصل إلى صيغة حكومية ترضي جميع الأطراف.

فسينتقد الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحفي مساء اليوم بالطبع جميع الذين عرقلوا مبادرته وتشكيل الحكومة، وسيجري تقييماً لهذه المرحلة وما رافقها من مشاكل عقدت تشكيل حكومة المهمة التي عول عليها للقيام بالإصلاح المنشود لانتشال البلد من أزمته وحصوله على الدعم الدولي والإقليمي، وكيفية الاستمرار في مبادرته الانقاذية في ظل التعامل مع المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان بعد الارتدادات السلبية المحلية والإقليمية والدولية.

وسيقرع الرئيس ماكرون جرس الإنذار لقادة لبنان، فالبلد يواجه عاصفةعارمة ويتخبط بأزمة مالية واجتماعية واقتصادية في ظل ارتفاع مستوى الفقر إلى جانب جائحة الكورونا الصحية. لكن مهمته ستكون صعبة للغاية. فالرئيس الفرنسي عندما زار لبنان بعد الانفجار الرهيب في 4 تموز واجه طبقة سياسية كانت على الحضيض، أما اليوم فإنه يواجه طبقة سياسية انتعشت من جديد فوقفت كل منها وراء متاريسها السياسية ووضعت شروطاً تعجيزية لتشكيل حكومة، غير راغبة بفقدان امتيازاتها السياسية. أما إقليمياً فلم تستجب بعض الدول لهذه المبادرة بل انتقدتها مثل إيران التي اعتبرت أن باريس تتدخل في منطقة نفوذها، ولم تقدم لها اية تسهيلات لتشكيل الحكومة رغم موقف فرنسي داعم موقف إيران من الاتفاق النووي، ودول خليجية اعتبرت أن ماكرون قدم تنازلات كثيرة أمام “حزب الله” وأن المشكلة هي بوجود السلاح بين يديه وعدم جهوزيتها في هذا الوضع للمساعدة ودول غربية وضعت العصي بين الدواليب لإفشال هذه المبادرة.

ففي خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال الرئيس الفرنسي مشيراً إلى كيفية تعزيز السياسة الأوروبية الخارجية “غنه يجب إعادة النظر في أساليب عملنا الجماعي لضمان السلام والأمن … ويجب أن تكون مبادئ عملنا في هذا الشان واضحة ولا يجب أن ترتجف أيدينا بعد الآن في تطبيقها: أي احترام الحقوق السيادية للشعوب وتوطيد سيادة القانون ووسائل عمله لضمان التنفيذ الفعال للقرارات المتخذة تحت رعاية الأمم المتحدة.” وفي هذا السياق أشار “أن ما يقوم به في لبنان، حيث يجب احترام تطلعات الشعب اللبناني صاحب السيادة والاستماع اليه ودعمه، بغض النظر عن الأخطاء المرفوضة لطبقته السياسية.”

وكرر ماكرون من على منبر الأمم المتحدة “دعمه للشعب اللبناني وعزمه على التحرك من موقعه واحترام كامل السيادة اللبنانية … حتى يتمكن لبنان من الوقوف وتتحسن الحياة ولكي يتم ايجاد سبيل للتهدئة وديمقراطية أكثر فعالية”. معتبراً “أن لبنان كنز للإنسانية جمعاء كنز لأنه تركيبة استثنائية وديمقراطية وتعددية في منطقة يهزها الإرهاب والقوى المهيمنة”. فدعا الأمم المتحدة إلى “العمل بشكل ملموس كما كان الحال هذا الصيف وعلى المدى الطويل جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لمواجهة الاحتياجات الفورية والشروع في إعادة الاعمار”. وكرر “لن أتركه”. وهو تعبير عن عزيمة فرنسية صادقة لاستمراره في مبادرته الإنقاذية لاستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي.

فهل سينجح الرئيس الفرنسي في الاستمرار في هذه المبادرة والابتعاد وبحزم أكبر عن وحول السياسة اللبنانية التي أفشلت مبادرته الأولى؟ وماذا سيعلن اليوم لاستمرارها؟