ولم تسجل النبطية أي التزام بالاضراب العام، بل فتحت المحال التجارية والصناعية أبوابها كالمعتاد، وصوت الصناعيين يعلو فوق ضجيج الاضراب ويقول أصحاب العمل: “كل السنة مأضربين ما وقفت على يوم اضراب”.
في المدينة الصناعية في النبطية عمال بلا عمل، محال من دون حركة داخلها. في احد المحال شاب يغسل فرش سيارة، تعلو وجهه ابتسامة، منذ فترة لم تدخل سيارة الى محله، وبالتالي فإن فرحته كبيرة، لأنه استطاع تأمين يوميته، ويقول: “كيف بدنا نأضرب منذ شهر ولم نشهد اي حركة عمل، اليوم حصلنا على شغلة صغيرة، بالتأكيد لن ارفضها، فالوضع قاس جداً ولم يعد يحتمل”.
بمحاذاته يقف احمد، وهو شاب ميكانيكي، تخلى منذ زمن عن مقاعد الدراسة، وفضل العمل في مهنة تدرعليه المال له ولعائلته، فهو المعيل الوحيد لامه واخواته بعد وفاة والده، تسأله عن سبب عدم مشاركته في الاضراب العام، بهدوء يجيب: “اصلاً مأضربين كل يوم ما في شغل، الوضع مأزوم، انعكست الازمة الاقتصادية على يومياتنا، بالكاد نحصل قوت يومنا، واحياناً لا ننتج شيئاً”.
يحمّل احمد مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع الى “تهميش الصناعة في لبنان وعدم الاهتمام بالقطاع الصناعي والحرفي رغم انه العمود الفقري للاقتصاد المحلي”، وبرأيه “إن تقاعس الجمعيات الصناعية والتجارية عن القيام بدورها اسوة بوزارات الدولة كلها ساهم في تدهور الحال”.
يجد صناعيو المدينة الصناعية صعوبة في تأمين متطلبات الحياة، أغلبهم توقفت مصالحهم، يمضون يومهم بالجلوس او فتح جلسات حوار في ما بينهم، القلق باد على وجوههم فكل واحد منهم عليه مسؤوليات جمة. ابو حسين يعمل في دهان السيارات، منذ قرابة الشهرين لم “يضرب ولا ضربة” وفق تعبيره، هو الاب لاربعة ابناء يدرسون في الجامعة، يعتمد في حياته على انتاجه من مهنته وبالتالي “معش قادرين نعيش، المطلوب ليس اضراباً وشل البلد، البلد اصلاً مشلول، المطلوب وضع سياسة نهوض اصلاحية، واعادة ضخ الاموال والسيولة في السوق لتتحرك الدورة الاقتصادية والا دخلنا في خط الجوع “.
ووفق المعلومات فإن المستشفيات بدأت تشهد نقصاً في مستلزماتها وهذا سينعكس حتماً على المريض الذي قد يجد نفسه يوماً بلا طبابة، وبحسب المصادر فإنه “اذا استمر الوضع على حاله حتماً ستجد المستشفيات نفسها عاجزة عن استقبال المرضى”.
ليست المستشفيات وحدها التي تعاني، بل ايضاً الصيدليات التي بدأت تشكو من تعذر امكانية شراء الادوية بسبب ارتفاع الدولار وفقدانه كعملة صعبة، واصرار الشركات على الدفع نقداً وبالدولار.