الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بالأرقام: أسواق لبنان لا بيع ولا دفع ايجارات ولا دولارات

أسواق لبنان التجارية تعاني أزمة غير مسبوقة، والتجار حالهم ليس بأفضل من حال سائر اللبنانيين نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الخانقة. القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت، بعدما فقدت أجورهم نسبة مهمة من قيمتها الفعلية بفعل التضخم وارتفاع سعر الدولار الفعلي، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، واقتطاع أجزاء من أجور عدد كبير ممن لا يزالون في سوق العمل إلى حدود النصف أحياناً. وهذا ما جعل عدداً كبيراً من الأسواق التجارية المعروفة أشبه بمدن أشباح، أو هي تموت على البطيء، وروادها، في غالبيتهم، مجرد متصفحين لواجهات المحال أكثر من زبائن فعليين.

 

رئيس جمعية تجار الحمرا ومتفرعاته زهير عيتاني، يطلق صرخة، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، ويقول، “الوضع على الحديدة، وفي شارع الحمرا وحدها أكثر من 30 محلاً أقفل أبوابه، وكذلك فعل عدد من المقاهي، فيما تستمر أخرى بفتح أبوابها بحركة شبه معدومة من دون زبائن، وأصحابها لم يغلقوها كي لا يخسروا عقود الإيجار، لعل الأزمة تنفرج”.

ويضيف، “هناك جمود عام في الأسواق وحالة من تتراكم عليهم الديون توجع القلب”. ويوضح أن “الوضع على حاله، وتشكيل الحكومة لم يقدِّم أو يؤخِّر في الأمر شيئاً إذ لم نلمس أي تغيير حتى الآن. لكن نأمل إذا اتخذوا قرارات جيدة أن يتحسن السوق ولو بنسبة 20%، كي تتحرك العجلة الاقتصادية بعض الشيء ما يعيننا على البقاء”، مشيراً إلى أن “من بقي من التجار يحاول الصمود بالحد الأدنى، فأنا من التجار القدماء في الحمرا، منذ أكثر من 60 عاماً، وحالتنا اليوم (على الحفّة)”.

ويلفت عيتاني إلى أن “سوق الحمرا تحول إلى سوق شعبي بعدما هجره السائح السعودي والخليجي والعربي عموماً والأوروبي والأميركي، ومن جنسيات العالم كله، حتى الياباني، الذين كانوا ينفقون بسخاء على المشتريات والماركات العالمية. لكن بعد رحيل هؤلاء، تحولت المحال إلى شعبية والسلع المعروضة بغالبيتها لبنانية، ونحن نشتري السلع بالدين ونبيع بالليرة اللبنانية، وعلى الرغم من ذلك الحركة ميتة بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين إلى مستويات دنيا كما هو معلوم”.

صرخة رئيس جمعية تجار لبنان الشمالي أسعد الحريري لا تختلف عن صرخة عيتاني الموجعة، إذ يشير الحريري، لموقع القوات، إلى أننا وصلنا إلى مرحلة الخطر”، كاشفاً عن أن “نحو 600 مؤسسة في طرابلس والشمال أقفلت في شهر كانون الثاني 2020 منذ مطلع السنة، ما يعني أن آلاف العائلات باتت مشرّدة”.

 

ويؤكد الحريري أن “ما تم توزيعه على المصارف في الفترة السابقة بنحو 6 مليار دولار، أمر غير مقبول، والصرخة مدوية، ويجب أن يعاد توزيع هذه الأموال”، لافتاً إلى أن “المصارف تتحكم برقاب العباد، وكل إمكانياتنا تم الحجز عليها من البنوك وكأننا أصبحنا في حالة تأميم، وهذا مرفوض ومن غير المقبول استمرار الوضع على هذا الحال”. ويسأل، “كيف يمكن للوضع أن يتحسن ما دام لا تسليفات ولا تحويلات ولا وجود أو استيراد للمواد الأولية، وشيكات من دون رصيد والناس لا يلتزمون بدفع سنداتهم ولا يشترون حتى بالتقسيط نظراً لأن القدرة الشرائية باتت شبه معدومة؟ كيف يمكن العمل في ظل هذا الوضع؟”.

وعما إذا لمسوا أي تغيّر في الأحوال بعد تشكيل الحكومة، يقول الحريري: أي حكومة؟”، لافتاً إلى أن “الوضع في بيروت أو في كسروان وجبيل مثلاً ربما يكون أفضل بنسبة 10 أو 20%، لكن عندنا في الشمال (بلوك رسمي)، وما لم يتمكن التاجر من المحافظة على إمكانياته واسمه التجاري، لا يمكنه التعويض أو التأسيس من جديد لاحقاً، يكون انتهى (واللي ضرب ضرب واللي هرب هرب)”.

ويتأسف الحريري لأن “المسؤولين عن معالجة هذه الأزمة في غيبوبة تامة”، ويقول، “دلّونا على مسؤول يتمتع بحسّ المسؤولية لنخاطبه، جميعهم في (كوما)”.

في السياق ذاته، يؤكد رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة، لموقع “القوات، أن “الوضع دقيق وصعب جداً ولا يمكن وصفه بكلمات”، مشيراً إلى أن “المؤسسات تمكنت بصعوبة وكلفة عالية من تقطيع الأزمات السابقة، أما اليوم باتت من دون أي مؤونة لاستخدامها في الصمود أكثر، لأن أمد الأزمة طال كثيراً ومن الصعب أن يستمروا في ظل الوضع الحالي”.

 

ويكشف سعادة عن أن “الجمعية كانت بدأت بإجراء مسح للمؤسسات التي أقفلت أبوابها. لكننا نكتشف أن الدراسة تتغيّر يومياً، إذ نفاجَأ كل يوم بمؤسسات قيد التصفية”، مشيراً إلى أن “الخوف الأكبر في أن العمال والموظفين في هذه المؤسسات يصبحون عاطلين عن العمل، ما يزيد الركود والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية أكثر”.

ويوضح أن “أكثر من 30% من المؤسسات التجارية في زحلة والبقاع أقفلت فعلياً، أو بدأت بإجراءات التصفية القانونية على طريق الاقفال التام”، لافتاً إلى أن “قطاعات معينة تضررت أكثر من غيرها، مثل الألبسة والأحذية، نظراً إلى عدم تمكنهم من الاستيراد والاستمرار في ظل الوضع النقدي المتأزم، والمتعلق بتفاوت سعر صرف الدولار بين الصرافين والسعر الرسمي المعتمد في النظام المصرفي، والذي ضرب القدرة الشرائية لدى الناس”.

 

ويشدد سعادة على أن “هذه هي الحقيقة المؤلمة، وجمعية تجار زحلة تعمل على مدى الساعة لمحاولة الحفاظ على المؤسسات التي لا تزال تعمل وصامدة، بالإضافة إلى أن همّنا المحافظة على اليد العاملة كي تستمر الدورة الاقتصادية. وأطلقنا أكثر من نداء، إذ لا سلطة تنفيذية لدينا لاتخاذ الإجراءات الضرورية للسيطرة على الوضع”.

ويقول، “طالبنا بتأجيل دفع المستحقات المتوجبة في ذمة المؤسسات للدولة من ضرائب ورسوم وغيرها، بالإضافة إلى الصندوق الوطني الاجتماعي”. ويلفت إلى أنه “حصل تجاوب في بعض النقاط وتم تأجيل المستحقات، لكن في أمور أخرى لم ننجح، مثل الـTVA، التي سبق وصدر قرار بوجوب تسديدها عن الفصل الأخير من العام الماضي وكانت آخر مهلة في 31/01/2019”.

ويضيف: “أطلقنا كذلك نداء لأصحاب الملك حول تأخير تسديد الإيجارات، وتجاوب البعض لكن البعض الآخر لم يفعل لكونهم أيضاً في أزمة مالية صعبة، فضلاً عن أن غلاء المعيشة يؤثر حكماً على الجميع”. ويشير إلى أننا “في القسم القانوني بالجمعية، نعمل على كل حالة بذاتها كي نحاول التوصل إلى حلول، ونتواصل مع أصحاب الملك بشكل مباشر للتخفيف من الوطأة، أو أقله توقيف الإنذارات للمستأجرين في هذه المرحلة وعدم حرمانهم من حق الاستثمار”.

ويلفت إلى أن “الجمعية تحاول في ما يتعلق بهذا الموضوع تأمين مصلحة الجميع من خلال الحوار وبالتفاهم، لتمرير هذه الفترة بأقل ضرر”، مشيراً إلى أن “أساقفة زحلة طالبوا معنا، بعد مناشدتنا ومطالبتنا لهم، مشكورين، من كل القيّمين تسهيل الأمور لتقطيع المرحلة، ونأمل التجاوب”.