الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بهاء الحريري يكتب في "أريبيان بزنس": لماذا انفجار بيروت هو الأحدث في دورة المعاناة التي لا تنتهي في لبنان

ترجمة "صوت بيروت إنترناشونال"
A A A
طباعة المقال

كتب بهاء الحريري في “أريبيان بزنس”، في حين يحتاج الناس إلى التغيير والمحاسبة والعمل، كل ما يحصلون عليه هو الفساد المؤسساتي الراسخ والتعيينات النخبوية التي ألحقت أضراراً أكثر مما نفعت.

قبل عام، اهتزّ لبنان بأكمله بسبب انفجار مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم التي تم تخزينها عن علم وإهمال في مرفأ بيروت لأكثر من خمس سنوات. ولا يزال يتعين توجيه الاتهام إلى المسؤولين عن ذلك.

وقد تُرك لبنان، وهو بلد يعاني من الظلم الاقتصادي والسياسي المتوطّن، يترنح في أعقاب الانفجار. لم يكن عليه فقط معالجة المشاكل الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وهي المشاكل التي دمرت نظام الرعاية الصحية وأدّت إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية الهائلة، ولكنه عانى أيضاً على أيدي النخبة السياسية التي لا تخدم سوى نفسها.

القصة ذاتها تتكرّ: تحلّ الكارثة، المسؤولون هم المُلامون، الناس يعانون بلا داع والمحاسبة غير موجودة، وبالتالي تستمر الدورة. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، تعيين نجيب ميقاتي رئيساً للوزراء. وهو نجيب ميقاتي ذاته الذي كان في السلطة عندما وصل نيترات الأمونيوم إلى لبنان في عام 2014.

في وقت يحتاج فيه الناس إلى التغيير والمحاسبة والعمل، فإنّ كل ما يحصلون عليه هو الفساد المؤسساتي الراسخ والتعيين النخبوي من قبل الذين ألحقوا أضراراً أكثر مما نفعوا. إنه أمر واضح، لم يتغير شيء.

لقد أظهرت النخبة السياسية ألوانها الحقيقية مرة أخرى من خلال الدعوة إلى تزويد المتورطين في الفظائع التي دمرت الأمة قبل عام بالحصانة. ويعتبر ذلك عرقلة جسيمة للعدالة من جانب مجموعة أثبتت باستمرار أنها فوق سيادة القانون، على الرغم من كونها تتألف من نفس الأشخاص الذين يطلب منهم، أو بالتالي هم ملزمون فعلاً، بتأييدها.

وعلاوة على ذلك ، يعتبرذلك انتهاكاً واضحاً للإجراءات القضائية، كونه يعكس نظاماً قانونياً محطماً، خنقه الفساد والمحسوبية للنخبة السياسية.

إنّ إهمال وفساد مؤسسة الحكومة والبرلمان بأكملهما أمر مخجل. يجب أن يتحمل أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد بلدهم المسؤولية، الذين خانوا مراراً وتكراراً ثقة أولئك الذين من المفترض أن يخدموهم.

في حين أنّ البلاد تتوق إلى العدالة والتعويضات والحقيقة بعد عام من المأساة، التي أدت إلى تشريد أكثر من 300 ألف مواطن وطمس عشرات الآلاف من المنازل، فإنّ التعفن القابع في قلب النظام لا يزال قائماً. والآن، هناك حاجة للقضاء على هذا التعفن.

وقت التغيير

إنّ تولي نجيب ميقاتي دور رئيس الوزراء المكلف هو دليل واضح على أنّ الوقت قد حان للتغيير الأساسي والهادف والمستدام. الناس يستحقون العدالة، إنهم يستحقون نظاماً يعمل لصالحهم وليس ضدهم، إنهم يستحقون مستقبلاً أكثر إشراقاً.

وعلينا أن نعيد لبنان من شفير الهاوية المتمثلة في كونه دولة فاشلة، وأن نحقق الازدهار مرة أخرى.

ونظراً لفشل المؤسسة السياسية الحالية، يحتاج لبنان إلى شيء جديد. شيء لا يفسده النظام الحالي الطائفي. هذا هو السبب في أنني قدمت دعمي المالي لحركة سياسية شعبية جديدة، سوا للبنان، وهي المجموعة الوحيدة التي تقوم بذلك.

إنّ الفساد المتأصل في نظام غير عادل على الإطلاق يؤدي إلى تعزيز الفصائل الطائفية، التي هيمنت منذ فترة طويلة على الحياة العامة في لبنان، واستمرّت في إساءة استخدام النظام.

من خلال النشاط الشعبي وإصلاح النظام بأكمله يمكننا المساعدة في إنهاء حالة الجنون التي تسللت إلى كل جانب من جوانب المجتمع اللبناني.

بدءاً بالفساد، الذي يمكن القول أنه أبرز وأهم قضية تمنع لبنان من إحداث تغيير ذي مغزى، تقترح سوا للبنان إصلاح القضاء بأكمله وإدخال تعديلات على الدستور، من بين تغييرات أخرى على مستوى القطاعات الصحية والدفاعية والاقتصادية.

السياسيون الخاضعون للمساءلة

ويجب إرساء الشفافية لإعادة المصداقية في الجهاز القضائي؛ وتقترح سوا للبنان نظاماً ديمقراطياً قائماً على الجدارة والكفاءة لانتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى والخدمة المدنية مع قواعد صارمة تحكم ممارسة السلطة.

ولا بدّ من وجود سلطة قضائية مستقلة وفعالة حقاً إذا كان لدينا أي أمل في استعادة نزاهة أمتنا ومنع النخبة السياسية من تقويض سيادة القانون والعمل لمصالحها الخاصة، كما فعلوا عبر المطالبة بحصانة المتهمين في أعقاب الانفجار.

علاوة على ذلك، فبدون السياسيين الخاضعين للمساءلة ودون إزالة المصلحة الذاتية الطائفية للطبقة السياسية الحالية، فإنّ وضع حدّ للفساد الذي يصيب كل جانب من جوانب الحياة اللبنانية ليس سوى حلم بعيد المنال. وبالتالي، يجب القضاء على الفساد والمحسوبية، في جميع المجالات، حتى يتمكن لبنان من التعافي من جروحه التي دامت عقوداً من الزمن، والتحرك نحو مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.

إنّ القوانين موجودة لسبب. ومع ذلك، لم يؤدوا بعد غرضهم في لبنان. وأعتقد، كما تعتقد سوا للبنان، انّ إشراك الشعب اللبناني، بالإضافة إلى منح الوكالات التنظيمية والرقابية، الاستقلالية التي يحتاجونها للعمل بنجاح، سيمكّن المجتمع المدني من ممارسة السلطة مرة أخرى في محاسبة المسؤولين. إنّ لامركزية السلطة هي مفتاح هذه العملية.

يجب أن تتمّ عملية الشفاء من الداخل إلى الخارج. يجب أن نضع مصالح شعبنا أولاً ، لأنهم هم الذين عانوا أكثر من غيرهم.

من خلال سوا للبنان ، يملك الشعب اللبناني صوتاً ووسيلة لتعزيز مستقبل أكثر عدلاً وأماناً وازدهاراً.

وإذا تفادينا القضايا الأساسية التي أدت بنا إلى هذه الكارثة ، فسيتعرّض لبنان ومستقبل أطفالنا لمزيد من التدمير. ولكن إذا اخترنا الوقوف معاً ودعم سوا للبنان ، يمكننا أن نؤثر على التغيير الجدّي الذي يحتاجه لبنان بشدة ، والذي يمكن أن يمنع الكوارث المستقبلية كتلك التي دمرت أمتنا قبل عام وما زالت تقوم بذلك حتى يومنا هذا.