الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بيفاني لم يدق ناقوص الخطر بل بقّ البحصة

جاءت استقالة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني لتتدحرج على كل المشهد السياسي وما يعتريه من خلل على مستوى السلطة، ومحاولات المتضررين من التغيير والمستفيدين من انهيار البلد، ابقاء الوضع على ما هو عليه من انهيار ورهناً لمصالحهم.

وفيما ربط البعض الاستقالة بهجوم تعرّض له ممن سمّوهم «الزعران»، وربطها البعض الآخر بتهديد تلقّاه بيفاني من رئيس حزب سياسي لديه مئات ملايين الدولارات مجمّدة في المصارف (لمّح هذا البعض الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط)، نفى بيفاتي ان يكون قد تلقّى تهديداً، بل انّ هذه الاستقالة بيّنت اسبابها «المضبطة الاتهامية التي تلاها في مؤتمره الصحافي، بما فيها من اشارات الى الثغرات والعقبات الكبرى التي تعترض مسار الخروج من الازمة».

وفي قراءة لمضمون الاسباب الموجبة للإستقالة التي قدّمها بيفاني في مؤتمره الصحافي، يتبيّن انّ الرجل بلغ مرحلة اللاتحمّل، للكمّ الكبير من الشوائب والعراقيل التي تُفتعل من هنا وهناك. فالأزمة المالية صارت على المنعطف المصيري، واما القيّمون على السياسة المتبعة حيالها، فإما هم قاصرون، وإما هم ممعنون في دفع البلد الى السقوط الكارثي. واخطر ما في طيات كلامه، ما بدا انّه تحذير من انّ ما يخبئه القيّمون على هذه السياسة للبنانيين اعظم بكثير مما حلّ بهم حتى الآن، وانّ هذه السياسة ستؤدي في حال استمرارها الى تذويب ودائع اللبنانيين نهائياً.

واضح انّ بيفاني لم يدق ناقوس الخطر، بل هو بقّ البحصة بعد ما فاض به، ورمى استقالته بجرأة ملحوظة في وجه الجميع من دون استثناء، ولم يتردّد في الاعلان جهاراً بأنّه استقال «اعتراضاً على طريقة الحكم «كلو سوا» مع الازمة، وانّ المسار الذي نسلكه اليوم متهوّر، وبموجبه فإنّ الشعب سوف «يحترق سلّافه».

واعتبرت أوساط متابعة انّ ما كشفه بيفاني يشكّل مضبطة اتهام لكل المنظومة السياسية الفاسدة التي تحكم البلد منذ عشرات السنين. كذلك، بَدا كلام بيفاني مقلقاً لجهة الصورة التي رسمها لمستقبل البلد، ومصير الوضع المالي وودائع الناس.

وقد اتهم بيفاني ما سمّاها «قوى الظلمة والظلم» بأنها «تكاتفت لإجهاض ما قمنا به، ومارست أكبر عملية تضليل لحماية مصالحها على حساب مصلحة المجتمع بأكمله».
وبَدا واضحاً مقدار عتب بيفاني على الحكومة التي «لم تقم بتفسير مضمون الورقة التي قدمتها، ولا صحة إطلاقاً للمزاعم التي تم الترويج لها بأنّ الخطة تريد الاقتصاص من أموال المودعين».
وحذّر بيفاني من مصيرٍ أسود في البلد اذا لم تتم الافادة من الفرصة المتاحة، لتنفيذ خطة إنقاذية تستند الى توزيع عادل للخسائر الحقيقية، لأنّ حالة الانكار لم تعد تنفع، بل قد تؤدي الى أضرار كبيرة. وشدّد على أهمية الوقت في إنجاز أي خطة إنقاذية، لأنّ الوقت هو الاساس في النجاة او الغرق في هذه الاوضاع.

وحذّر من «اننا مشرفون على مرحلة جديدة من الإستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة مع نتيجة معروفة مسبقاً وهي سَحق الطبقة غير الميسورة، وتحميل بعض الفئات الأكلاف الباهظة إضافة إلى تدهور العملة مع غياب أيّ برنامج إصلاحي وتأجيل الحلول».

ودعا الى «رفع السرية المصرفية والتواصل مع كلّ السلطات في البلاد التي يلجأ إليها سارقو المال العام، وتحديد الثروات العقارية وتَتبّع مصادرها، وقيام الدولة بتشكيل لجنة دولية تضمّ دولاً ترتاح إليها المكوّنات اللبنانية كافة تقتطع نسبة مئوية من الجميع من دون البوح بتفاصيلها لتسدّ العجز»، مؤكداً «انّ ما يُعيد الودائع هو مَحو الخسائر بإعادة الرسملة وليس إطالة الآجال»، ومحذّراً من «تحويل دولارات المودعين إلى ليرات بالقوة».