وأشارت المعلومات التي توافرت لـ”النهار” الى اتجاه جدّي لدى وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي الى تقديم استقالته اليوم الى رئيس الوزراء بكتاب معلل لم يتمكن أي مصدر معني أو قريب من الوزير حتي من ان يقف على مضمونه.
لكن المعلومات المتوافرة لدى “النهار” تشير الى ان تراكمات عدة حيال مسألة العرقلة الحاصلة للإصلاحات التي كان حتي أكثر الوزراء دراية بموقف الأسرة الدولية والدول التي تدعم لبنان في شأنها تشكل أساساً لموقفه الدافع الى الاستقالة، بما يعني ان الوزير صار على اقتناع بأن الواقع الحكومي فقد المبادرة في تنفيذ الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها.
كما يرجح ان يكون الوجه الثاني للأسباب التي تدفع حتي الى الاستقالة متصلاً بواقع العمل الديبلوماسي والمداخلات السياسية التي شابته بقوة وأثرت على مسار عمل الوزير وأخرجته عن التزاماته المستقلة.
وما لم تحصل مفاجآت في اللحظة الأخيرة، فإن الاستقالة ستغدو أمراً واقعاً اليوم يتعين على الحكومة مواجهته اذا فشلت محاولات ثني حتي عنها. فالديبلوماسي المخضرم الذي لم يتنازل يوماً عن مبدأ التقرب من جميع الدول، لطالما نادى بالحياد الايجابي وبعدم إقحام لبنان كطرف في الاصطفافات الاقليمية والدولية، لا بل كان متمسكاً بدعوته الى استحداث دور جديد للبنان في المحافل الدولية كإطفائي للنزاعات في المنطقة، خاب ظنه على نحو عميق عندما أيقن أن عزلة دولية فرضت على لبنان نتيجة انحياز طرف فيه الى محور.
ولم تنفع تفسيراته أمام اللجنة الوطنية الفرنسية عن دور “حزب الله” ولا تعامله مع خرق أحد القضاة الأعراف الديبلوماسية بقرار قضائي في حق السفيرة الاميركية دوروثي شيا، لأن هذه التفسيرات، كما أفاد مقربون من حتي، لم تكن صادرة عن قناعات شخصية. وما الزيارات التي قام بها كأول تحرك خارجي بعد فتح المطارات للأردن ومن ثم لايطاليا وضمناً لحاضرة الفاتيكان ومن ثم زيارة نظيره الفرنسي للبنان والكلام الصادر عنه، سوى حافز إضافي لشعور وزير الخارجية بالاحباط.