السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

جولة في عرسال القلقة من المتغيّرات… الأهالي مع الجيش وخشية من تسلّل المسلحين

في خضم ازدحام المواعيد لمعركة الجرود، جالت “النهار” في عرسال للاطلاع على احوال اهاليها ومخيماتها. فماذا قال بعض سكان البلدة الحدودية مع سوريا؟

ليس بعيداً من ساحة كبرى البلدات اللبنانية (مساحتها نحو 4% من مساحة لبنان)، تواظب فتاة مع رفيقاتها على توزيع قصاصات من الورق على المارة وسائقي السيارات في مشهد غير مألوف في عرسال منذ سنوات، ان لم يكن منذ عقود.

الفتاة ناشطة في اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني (المنظمة الشبابية المقربة من الحزب الشيوعي)، وتطلب من اهالي بلدتها وزوارها عدم اطلاق النار ابتهاجاً حتى لا تتسبّب رصاصاتهم بقتل الابرياء وهو ما تتضمّنه القصاصات عينها.

المشهد يشي بأن احوال البلدة طبيعية على رغم استحواذها على معظم الاخبار في هذه الفترة.

وبعيداً من الحنين اليساري الذي تجذر لعقود في عرسال، تظهر ملامح الترقب لدى اهاليها مع كثرة الاجتهادات والسيناريوات لما بعد معركة الجرود، ومصير الجماعات المسلحة التي استباحت مراراً وتكراراً البلدة وسلبتها أمنها بسبب تواطؤ قلة من سكانها مع تلك الجماعات لمصالح شخصية ومادية، ما تسبب بإلصاق صفة الارهاب بأكثرية سكانها بينما الواقع هو خلاف ذلك.

ففي البلدة اناس بسطاء عاديون ينتظرون تغيّر الاحوال ورحيل عشرات آلاف النازحين السوريين (قرابة 80 الفا يعيشون في البلدة)، وعودة الهدوء الى الجرود حيث المقالع والكسارات التي تشكل مع بساتين الكرز والمشمش، المورد الرئيسي لسكان البلدة الذين يحرمون للسنة الخامسة توالياً جني محاصيلهم بسبب انتشار المسلحين. وفي هذا السياق، يؤكد ابو خالد كرنبي لـ”النهار” ان “الاوضاع لم تعد تطاق، وان المزارعين يحرمون لقمة عيشهم من دون أي اهتمام من احد، وكأن اهالي عرسال ليسوا لبنانيين”.

المزارع العرسالي يطلق صرخة تتردد على ألسنة كثيرين في البلدة ومنهم رئيس البلدية باسل الحجيري الذي يناشد الحكومة الالتفات الى اوضاع البلدة، مجدداً الدعم للجيش بكل ما يقوم به، وكذلك يجدد رفضه لوجود المسلحين في عرسال وجرودها، والامر ينسحب على رفض كل المسلحين بمن فيهم “حزب الله”.

ترقب وخشية من تسلل المسلحين مجدداً الى عرسال، إذ لا تزال مواجهات آب عام 2014 ماثلة في اذهان الاهالي، عدا عن استمرار خطف 9 عسكريين لبنانيين في جرود بلدتهم. ويبدي معظم العراسلة تعاطفهم مع المؤسسة العسكرية، مع تذكيرهم بأن المئات من ابنائهم يخدمون في الاسلاك العسكرية ولا سيما في الجيش. ويشير حسين الحجيري الى ان اهالي عرسال وبخلاف ما يروّجه البعض، هم من الداعمين للجيش ويرفضون الارهاب.

في سياق آخر، لا ينفي اهالي عرسال تعاطفهم مع المعارضة السورية ودعم مطالبها برحيل الرئيس السوري بشار الاسد، كما لا يخفون ان قلة من بلدتهم واسوة بتجار السلاح انغمست في التهريب طمعاً ببعض الاموال مع انعدام فرص العمل.

الا ان اكثر ما يخشاه الاهالي هو تسلل المسلحين الى بلدتهم في حال اشتدت المواجهات في الجرود، ولم يعد امامهم سوى الدخول الى البلدة، الامر الذي قد يتسبّب بمواجهات مع السكان او ربما اتخذ المسلحون المدنيين دروعاً بشرية على غرار ما اقدموا عليه في اكثر من منطقة. ويناشد طارق البريدي الجيش اللبناني حماية عرسال من المسلحين، والنداء يتكرر على لسان معظم الاهالي.

اما النازحون السوريون فتتفاوت آراؤهم بين رافض لدخول اي مسلح للبلدة ومتريث في الحديث عما يحيط بعرسال. ويرفض بعضهم حتى الاجابة عن الاسئلة العادية ولا يعلّقون على عودة بعض العائلات الى عسال الورد والقلمون “لأن الذين عادوا هم من مؤيدي النظام”، بحسب ما يقول احد الشبان.

لا تشبه عرسال في تموز عرسال في الاعوام الستة الفائتة، ويبدو ان اوضاعها تتجه الى تغيير جذري اذا صدق قرع طبول الحرب واثمر معركة تنقذ البلدة الحدودية من واقع مرير جعلها أسيرة سطوة المسلحين والارهاب ومعاداة محيط لطالما كان امتداداً طبيعياً لها، وهي بشهادة كثيرين لم تشهر يوماً هوية طائفية او انتماء مذهبياً.

 

المصدر النهار