السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

“حزب الله” مع العهد أو ضدّه؟

حتّى هذه السّاعة، الطّيران السّوري ينفّذ غارته الخامسة على جرد عرسال في منطقة مطلّة على البلدة، في وقت بدا الجيش اللبناني على أُهبة الإستعداد للبدء بعملية تحرير هذه الجرود من كلّ الخارجين على القانون والمسلّحين الإرهابيّين، و”حزب الله”، يساند القوّات السّوريّة لتنفيذ ما تصبو إليه. فهل سيلتزم الحزب بالأجندة اللبنانيّة أم أنّه سينغمس أكثر في الوحول السّوريّة خدمة لأهداف الهلال الشيعي الإيراني؟

تعتبر مدينة عرسال مع جرودها الجيب السنّي في الإمتداد الشيعيّ البقاعي الممتدّ من الهرمل شمالًا حتّى البقاع الأوسط جنوبًا. بالإضافة إلى حدودها الطّويلة وغير المرسّمة مع ما تبقّى من الدّولة السّوريّة. والجيش اللبناني سيسعى إلى إبقاء المعركة في الجرود لعدم زجّ المدنيّين الأبرياء والنّازحين واستعمالهم كحطب لهذه المعركة. فهل من مصلحة “حزب الله” نقل هذه المعركة إلى قلب هذه المدينة الحدوديّة؟ فهو حتمًا سيستغلّ المداهمات التي قام بها الجيش اللبناني في 30 من الشّهر المنصرم، والتي تركت اللاجئين في حالة سخط شديد؛ فضلاً عن أنّ الطّوق الأمني المحكم منعهم من أيّ ردّ فعل سلبي تجاه القوى الأمنيّة اللبنانيّة.

الدّولة اللبنانيّة هدفها ضبط الأمن داخل حدودها، وما تبقّى من فلول الدّولة السّوريّة يملك هدفًا واحدًا يكمن في القضاء على كلّ معارضيه، أمّا “حزب الله” اللبناني فهدفه تنفيذ الأجندة الإيرانيّة التي تنصّ بتأمين الممرّ الآمن إلى مياه المتوسّط من خلال هذا الخطّ الممتدّ من الهرمل شمالا مرورًا بعرسال حتّى ممرّ ضهر البيدر وصولًا إلى ضاحية بيروت الجنوبيّة. وبتأمين هذا الخطّ يكون الحزب قد أمّن العبور الآمن من العراق إلى سوريا فلبنان.

هذه الأهداف الثلاثة لا تتقاطع مع بعضها البعض حيث أنّ كلّ طرف يملك دافعًا مغايرًا عن الآخر. فلا تستطيع الدّولة اللبنانيّة أن تتعاون مع ما تبقّى من الدّولة السّوريّة غير الشّرعيّة لأنّها بذلك تكون قد أعطتها الغطاء الشّرعي، وهذا ما يسعى لتحقيقه نظام الأسد عند كلّ فرصة تتاح له. كما أنّ الدّولة لا تستطيع أن تتخذ من “حزب الله” شريكًا لها في المعركة، لأنّ الحزب منغمسٌ في الحرب السّوريّة، وبالتّالي تصبح طرفًا في الصّراع الإقليمي، ولا يعد دورها منحسرًا فقط في محاربة الإرهاب على أرضها.

المطلوب اليوم واحد من الحزب الذي يصنّف نفسه فوق الدّولة. باتت عودته ضروريّة إلى السّاحة اللبنانيّة الدّاخليّة والرّضوخ للإستراتيجيّة التي تقرّها الدّولة اللبنانيّة وليس أن يفرض استراتيجيّاته الخاصّة على الدّولة اللبنانيّة. فاليوم من لا يكون تحت كنف استراتيجيّة الدّولة يكون معرقلاً لهذه الإستراتيجيّة ولمنفّذيها، أي الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة.

ومن لا يسير تحت كنف الدّولة، فهو يعرقل سير العهد الجديد الذي ابتدأ في 18 كانون الثّاني 2016 في معراب، ليس إلا لأنّه ابتدأ بهذه الطّريقة فقط. فلو وصل الرّئيس عون بقدرة الحزب فقط، لما كان اليوم هذا الأخير يعرقل عجلة العهد. لكن وصول فخامة الرّئيس بالطّريقة التي وصل بها إلى قصر بعبدا أحرجت الحزب الذي جاهر بدعمه كمرشّح للرّئاسة لكنّه قاطع جلسات انتخابه.

اللبنانيّون اليوم باتوا مطالبين كلّهم بإعادة حساباتهم السياسيّة وفق الأجندة التي وضعها العهد وليس وفق أجندات إقليميّة أو حتّى دوليّة. وليعرف كلّ من يناصر أصحاب الأجندات المشبوهة أنّه يقف ضدّ العهد. وانطلاقًا من قناعاتنا الشّخصيّة، سعينا ودعمنا وصول هذا العهد وسنبقى له الدّاعمين الأول.

فهل “حزب الله” والواقفين في صفّه، يريدون الوقوف مع هذا العهد وجيشه الوطني من دون تقويضه وشلّ قدراته، كما يريد الحزب؟ أم أنّهم تحت كنف هذا العهد وجيشه، والإستراتيجيّة التي يضعها خدمة لكلّ أبناء بلده فقط؟

 

المصدر فزيق موقع القوات اللبنانية