الخميس 22 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حزب الله والتيار يرتكبان الخطأ الكبير

“لم يعد خافياً أن التأخير في تكليف رئيس بتشكيل الحكومة الجديدة، يعود للمحاولات المستميتة التي يبذلها كل من حزب الله والتيار الوطني الحر للقفز فوق ثورة 17 تشرين التي أطلقها اللبنانيون في وجه الطبقة الحاكمة الفاسدة، وإنكار ما فرضته من حقائق ثابتة قلبت المشهد السياسي على رؤوس منظومة الفساد”.

هذا الاستنتاج الذي توصلت إليه مصادر سياسية رفيعة المستوى، بنته على “معطيات ومعلومات تملكها حول ما يحصل في كواليس الاتصالات والمشاورات القائمة في ما يتعلق بالتكليف والتأليف”، كما كشفت لموقع “القوات اللبنانية” الالكتروني.

وتعتبر المصادر أن “تلاقي الحزب والتيار على رفض تشكيل حكومة حيادية من مستقلين اخصائيين، ليس مستغرباً بعد الصفعة التي تلقياها مع استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ولكل من الطرفين أسبابه في الاصرار على حكومة جديدة سياسية، مع إمكان القبول بعملية ماكياج بسيطة، أي أن تضم بعض الاختصاصيين لاستيعاب غضبة الشارع”.

وتقول إن “حزب الله يعتبر أن أي حكومة جدية مستقلة، ستعمل على النهوض بوضع الدولة بشكل عام من خلال تعزيز مؤسساتها وحضورها على المستويات كافة، من إصلاح الإدارة ومكافحة الفساد والزبائنية والمحاصصة، ووقف مزاريب الهدر والتهريب وغيرها. وأي تثبيت وتقوية لوضعية الدولة يعني، من وجهة نظر الحزب، تراجعاً لدوره وحضوره، إذ يسقط مجموعة من الحجج التي يتلطى خلفها للإبقاء على وضعه الحالي”.

وتذكّر المصادر بالكلام الصريح الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابيه الأخيرين إثر انطلاقة الثورة، قبل وبعد استقالة الحريري، إذ رفض محذرا من الاستقالة بداية، معتبرا أن أي تعديل حكومي لن يؤدي إلى صدمة ايجابية وأن هذا الخيار يأخذنا إلى الفراغ وإلى تعطيل البلد وإلى فترة طويلة من تصريف الأعمال. ومن ثم ليحذّر من أن يأتي وقت لا تستطيع الدولة اللبنانية أن تدفع فيه رواتب، وينهار الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة ويخرب البلد، لكن المقاومة ستظل قادرة على دفع الرواتب.

وترى أن “كلام نصرالله لا يحتاج إلى جهد كبير لتفسيره، فكأنه يقول للثوار إما أن ترضخوا وتعودوا إلى بيوتكم وأبقي على السيطرة في أي حكومة جديدة، وإلا لا مشكلة حتى ولو انهار البلد كلياً، فرواتبي مؤمَّنة من إيران. بمعنى آخر، حزب الله المحشور والمأزوم بسبب العقوبات على طهران وعليه، يتخذ اللبنانيين رهينة، ويخيّرهم بين الاستسلام وحمايته من خلال الحكومة الجديدة، أو أن الوضع سينهار على رؤوسهم وحدهم. وهذا منطق مغلوط تماما لا يستقيم ولن يلقى آذاناً صاغية عند الثوار، وما الصدمة التي تلقاها في حجم الانتفاضة داخل بيئته سوى تأكيد على أن محاولات نصرالله ما هي إلا رهانات فاشلة”.

أما من جهة التيار الوطني الحر، فتعتبر المصادر أن “الوزير جبران باسيل يرى أن عدم وجوده في الحكومة الجديدة يعني فشلاً ذريعاً وسقوطاً مدوياً لكل أحلامه وطموحاته السلطوية، بحيث قد لا يكون بإمكانه لملمة وضعه في المستقبل. خصوصاً وأن حكومة خالية من المحاصصات والصفقات تفقده أوراقاً كثيرة كان يلعبها لتعزيز وضعه، فمعالجة الملفات التي كان يتولاها ووزرائه ستزيد الشبهات حوله، عدا عن احتمال المساءلة والمحاسبة عن كل الفترة السابقة”.

ولا تستغرب المصادر السياسية “إصرار حزب الله والتيار الوطني على أن يتولى الحريري ذاته تشكيل الحكومة التي يريدانها، إذ يعتبران أنه أفضل من يمكن أن يشكل مظلة لهما”، مؤكدة أنه “ما كان بإمكان رئيس مجلس النواب نبيه بري الاعلان عن تمسكه بالحريري على رأس الحكومة الجديدة لولا التنسيق مع حزب الله”.

لكنها تلفت إلى أن “المعلومات تشير إلى أن الحزب والتيار يخطئان في رهانهما هذه المرة أيضاً، بعد فشل رهانهما على عدم استقالة الحريري، تحت ضغط الرسائل المباشرة أو المشفّرة”. وتؤكد أن رئيس الحكومة المستقيل “فاض به الكيل، وبلغ ما قاساه من الطرفين حدَّ التخمة الذي لا يطاق، بعد كل الليونة التي أبداها في حكومتي العهد الأولى والثانية في سبيل تسهيل أمور الدولة وانهاض الاقتصاد، فيما لم يلق سوى المزيد من العرقلة والتسويف والهجوم وافتعال الأزمات المتتالية، في الداخل وفي طرح ملفات خارجية مختلف عليها، تسببت بعدم حماسة المجتمعين العربي والدولي لمساعدة لبنان، من دون إقامة أي حساب لموقع الحريري أو للتعهدات التي قطعها الحزب والتيار بالالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة والالتفاف لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية”.

وتجزم المصادر أن “الحريري أبلغ من يهمهم الأمر أنه لا يقبل أن يكون رئيساً لحكومة لا تختلف بشيء عن الحكومة المستقيلة، لأن ذلك سيؤدي حتماً إلى نفس النتائج الكارثية. وانه مصرّ على الاستماع إلى صوت الشعب وتشكيل حكومة تكنوقراط، ولن يقبل بمجرد تغيير بعض (الطرابيش) وكأن شيئاً لم يكن”، لافتة إلى أن “الحريري يقرأ جيداً أن ما بعد الثورة و17 تشرين لا يمكن أن يكون كما قبله”.

وترى المصادر السياسية ذاتها، أن “حزب الله والتيار الوطني الحر بعرقلتهما تشكيل حكومة إنقاذية مستقلة، يوحيان بأنهما لم يقرآ جيداً التحولات الكبرى التي أحدثتها ثورة 17 تشرين في البنية الاجتماعية اللبنانية، وتخطي غالبية ساحقة من الشعب اللبناني، خصوصاً الشباب، الاصطفافات الضيقة بمختلف أنواعها، الحزبية والسياسية والطائفية، بالاضافة إلى كل أنواع البروبغندا والشعارات والايديولوجيات الماضوية”.

وتعتبر أن “الطرفين بمحاولتهما قتل أحلام الشباب والوقوف في وجه التغيير، قد يكونان على مشارف ارتكاب خطئهما الكبير. فالثورة انطلقت من رحم أوجاع وآلام الناس وامتهان كراماتهم على مدى عقود، ومن قهرهم وجوعهم وإذلالهم المتمادي وسرقتهم ونهبهم بكل فجور، وهي لن تعود إلى قواعدها قبل تحقيق لبنان الغد المشرق على قدر أحلام وطموحات الثوار المقهورين. وإن غداً، أو بعده، لناظره قريب”.