الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حكومة "السلبطة" ترفع أخيراً "الراية البيضاء" أمام صندوق النقد... والمجد للثورة فقط!

بعدما أوصلت القوى الثامن من آذار البلاد إلى قعر التفليسة نتيجة عقود من الوصاية والحروب العبثية والمعارك الميليشياوية والمسلسل الطويل المتواصل من السياسات التعطيلية لدورة الحياة المؤسساتية في الدولة، استقرّ الحكم برئاساته الثلاث في قبضتها ولم تعد تجد من تقلب طاولة “الثلث المعطل” في وجهه ولم يعد يجديها لا إقفال مجلس النواب ولا شلّ العمل الحكومي ولا لعبة الشغور الرئاسي، فرفعت “الراية البيضاء” أمام صندوق النقد طالبةً منه المَدَد والعون لعهدها وحكومتها ولمنظومة السلبطة على الدولة، حيث لطالما كان لبّ المشكلة وجوهرها يكمن في وجود “دولة داخل الدولة” ترعى الفساد والمفسدين حسبما عبّر رئيس الحكومة حسان دياب بلسانه أمس… لكنه بطبيعة الحال لم يكن يقصد لا قوى 8 آذار ولا حزب الله.

إذاً وعلى قاعدة أن “تصل متأخراً خير من ألّا تصل أبداً”، حسناً فعلت حكومة الثامن من آذار بقرارها اللجوء إلى “الصندوق” طلباً لبرامج مساعدة مالية وإصلاحية تنهي ذهنية التسلط والمحاصصة والنهب والهدر التي انتفضت عليها ثورة 17 تشرين.

وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون ومن ورائه رئيس الحكومة سارعا إلى “شراء مجد” الخطة الاقتصادية – المالية التي أقرها مجلس الوزراء بالأمس، يبقى أنّ المجد كل المجد هو ملك فقط لهذه الثورة الشعبية المجيدة التي حطمت الهياكل ووضعت الطبقة الحاكمة عند حدّها فحشرتها في ركن فسادها ودفعتها مكرهةً نحو اعتماد خطوات إصلاحية تنتشل اللبنانيين من بين براثن منظومة حكام ومستزلمين أثرَوا ثراءً فاحشاً بمال حرام منهوب وموهوب من خزينة الدولة.

الخطة التي أوضح دياب أنها تبتغي الحصول على دعم مالي خارجي يفوق 10 مليارات دولار بالإضافة إلى الاستحصال على أموال مؤتمر سيدر الموعودة، سرعان ما اصطدمت برفض “حزب الله” التوجه نحو تحرير سعر الصرف.

وأكدت أوساط اقتصادية مواكبة لبرامج صندوق النقد لـ”نداء الوطن” أنّ أي استعانة بالصندوق لا بد وأن تكون مقرونة باتجاه حاسم نحو تحرير سعر صرف الليرة رسمياً باعتبار هذا الأمر “ألف باء” الإصلاح المطلوب من صندوق النقد الدولي لتخفيف أعباء وتكاليف المحافظة على تثبيت السعر الرسمي التي تتحمل تبعاتها الخزينة العامة منذ عقود، جازمةً بأنّ الصندوق لن يدخل في أي برنامج عمل مع الحكومة اللبنانية ما لم يكن يتضمن تحريراً لسعر الصرف، وبالتالي فإنّه من المرجح أنّ تسلك الحكومة مساراً تدريجياً يحرر الليرة بشكل تصاعدي على مراحل لاستيعاب التغيير الذي يترتب عن التحرير في بنية الاقتصاد وهيكلته.

في الغضون، ومع انتهاء فترة سماح الـ”100 يوم” الممنوحة للحكومة، اندلعت شرارة معركة ضارية بين جبهتي “بيت الوسط” و”ميرنا الشالوحي” أمس على إيقاع عبارة “فشر على رقبتو جبران باسيل” التي أطلقها الرئيس سعد الحريري وفجّر من خلالها صواعق موقوتة ومكبوتة بين نواب ومسؤولين في التيارين “الأزرق” و”البرتقالي”.

إذ وإثر اجتماع لرؤساء الحكومات السابقين حذروا في ختامه “العهد وحكومته من ممارسات وتصفية حسابات سياسية تحت عنوان محاربة الفساد”، داعين رئيس الجمهورية إلى “التوقف عن محاولة ضرب رئاسة الحكومة”، خرج الحريري في “دردشة نارية” مع الصحافيين ليقزّم دور دياب في حرب الإلغاء التي تتعرض لها الحريرية السياسية، فاتهمه بممارسة أداء يشبه الأداء “الببغائي” الذي يردد بموجبه كلام عون والوزير السابق جبران باسيل.

وبينما تعمّد تصويب هجومه باتجاه باسيل الذي كبّد الخزينة مليارات الدولارات خسائر جراء استلامه ملف الكهرباء، فإن رئيس الحكومة الساق سعد الحريري بادر في الوقت عينه إلى تحجيم دور باسيل في التركيبة السياسية من خلال اعتباره مجرد ملحق بـ”حزب الله” وتابع له، محمّلاً بذلك المسؤولية عن أداء باسيل للحزب لأنه “يحميه”… ليخلص في معرض إبداء استغرابه تحامل دياب على السياسات الحريرية على مدى السنوات الثلاثين الماضية إلى الكشف عن كون دياب نفسه عندما زاره في بيت الوسط مستوزراً أعرب عن إعجابه بسياسات الرئيس رفيق الحريري، محذراً دياب في المقابل من أنّ حكومته سيكون مصيرها السقوط في حال فشلت وسقوطها سيكون “بشكل شنيع”.