الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حكومة "حصر الإرث"!.. المجريات الميدانية تؤكد سقوطها في امتحان الشارع

حكومة 8 آذار، حكومة اللون الواحد، حكومة الأكثرية النيابية، حكومة السلطة، حكومة المحاصصة، حكومة جميل السيّد، حكومة جبران باسيل، حكومة “حزب الله”…

تعدّدت الأسماء والمسميّات والتشكيلة واحدة، لكن وإذا كانت تلك التوصيفات كلها تصحّ في وصف حكومة حسان دياب، غير أنّ ما شهده مخاض ولادتها العسير بين مكونات الصف الممانع يشي بكونها أقرب ما تكون إلى حكومة “حصر إرث” العهد العوني، بعدما بلغ من العمر عتيّاً وبدأ عده التنازلي، ما فرض على رعاته وحلفائه الخوض باكراً في عملية “جرد تركة” آخر حكومات العهد، مع توقع فرقائها أن تبقى حكومة دياب في سدة المسؤولية حتى شغور موقع الرئاسة الأولى، سواء لأسباب دستورية في حال انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون من دون انتخاب خلف له، كما حصل إبان عهد الرئيس إميل لحود، أو لأسباب طبيعية في ضوء الهواجس التي تتردد في كواليس قوى 8 آذار من انتكاسة صحية مفاجئة، لا قدّر الله للرئيس ميشال عون البالغ من العمر 87 عاماً.

 

وهنا “بيت القصيد” وراء تناتش الحصص ونهش الحقائب في حكومة دياب، و”القطبة المخفية” في الصراع الضاري الذي دار على حلبة “الثلث المعطل”، ربطاً بكون مجلس الوزراء الوليد ستؤول إليه صلاحيات رئاسة الجمهورية فور وقوع الشغور الرئاسي، الأمر الذي أدى عملياً إلى استنفار أفرقاء “اللون الواحد” في مواجهة بعضهم البعض، لمنع أي منهم من حيازة “الثلث المعطل” في وراثة الصلاحيات الرئاسية أكثر منه ثلثاً معطلاً للمقررات الحكومية. وعلى هذا الأساس، تكوّنت على ضفاف عملية التأليف جبهتان محتدمتان بين “عين التينة” و”ميرنا الشالوحي”، بحيث رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون أي مواربة، بمؤازرة من رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية، راية الحؤول دون استئثار رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بـ”حصة الأسد” في حكومة العهد الأخيرة، كي لا يكون ذلك بمثابة إقرار ضمني بأحقيته في أن يكون ولياً للعهد العوني ووريثه الشرعي في مجلس الوزراء إذا ما نال “الثلث (الرئاسي) المعطل”.

على كل حال، وبمعزل عن تكوين الحكومة الجديدة بشكلها ومحاصصتها ومكوناتها، يبقى أنّ الثابت الوحيد فيها هو أنها أتت منفصمة عن واقع الشارع المنتفض بعدما عادت لتستنسخ ذهنية المنظومة السلطوية نفسها، من خلال تركيبة وزارية مطعّمة بتلاوين اختصاصية، وهو ما استفزّ اللبنانيين الثائرين ضد السلطة وسرعان ما دفعهم إلى النزول تلقائياً إلى الساحات والطرقات في بيروت ومختلف المناطق للإعراب عن رفض تشكيلة دياب، الذي أطل ليلاً على اللبنانيين رئيساً لمجلس الوزراء من قصر بعبدا بعد توقيع مراسيم تأليف حكومته، مستهلاً خطابه بإسقاطات شعبوية تحاكي متطلبات الشارع ومستغرقاً باستخدام عبارات إنشائية فضفاضة، ليتوارى خلفها ويستخدمها في الالتفاف على حقيقة الطابع التحاصصي الفاقع الذي طغى على تشكيلته.

على كل حال، وإذا كانت المجريات الميدانية مع إعلان ولادة حكومة دياب دلّت على أرض الواقع أنها آيلة للسقوط شعبياً، يبقى الرهان الأول والأخير لدى مكوناتها على أن تحظى بالدعم الخارجي لتعويمها داخلياً لا سيما مع إشارة دياب صراحةً إلى عزمه الانطلاق بعد توليه مهامه في سدة الرئاسة الثالثة، في جولة عربية انطلاقاً من دول الخليج في محاولة لاستمالتها إلى تثبيت شرعيته العربية عموماً والسنية خصوصاً.

وبالانتظار، إسترعى الانتباه بالتزامن مع موعد إعلان التشكيلة الوزارية مبادرة نقابة الصرافين إلى تثبيت سعر صرف الدولار عند مستوى 2000 ليرة لبنانية “كحد أقصى” ابتداءً من نهار اليوم، وذلك “بعد سلسلة من المشاورات أجرتها النقابة مع السلطات المالية والرقابية وبالتوافق مع حاكم المصرف المركزي” رياض سلامة.

وإذا كانت علامات استفهام أحاطت بتوقيت هذا الإعلان الذي اعتبر بمثابة “هدية مدروسة” للحكومة الجديدة، سادت تساؤلات موازية عما إذا كانت هذه الخطوة من الصرافين ستكون توطئة لخطوة تثبيت سعر الصرف الرسمي من قبل مصرف لبنان عند المستوى نفسه، وهو ما لم يستبعده مصدر اقتصادي لـ”نداء الوطن”، مؤكداً “حتمية تكبير هامش تثبيت السعر الرسمي لصرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار لدى المصارف عن السعر الوسطي الحالي و البالغ الـ1507.5 ليرات”، غير أنه لفت في الوقت عينه إلى أنّ “ذلك سيكون في مرحلة لاحقة إذ لا يمكن القيام بهكذا خطوة رسمية اليوم قبل استتباب الأوضاع السياسية والإقتصادية في البلاد”.