ويؤكد المصدر أن علاقات دياب مع الإيرانيين ليست جديدة، فخلال توليه حقيبة التربية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وقّع دياب بتاريخ 29 مايو (أيار) 2012، قراراً حمل الرقم 1452، أنشأ بموجبه قسم اللغة الفارسية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، استناداً إلى اتفاق بين الجامعة اللبنانية وجامعة طهران، بعيداً عن أي اتفاق أو مرسوم بين الدولتين.
وشدد على أن تسمية حزب الله لدياب لرئاسة الحكومة “لم تكن صدفة”، إنما انطلاق من علاقات نُسجت خلال مرحلة توليه حقيبة التربية.
وأوضح المصدر، أن الرئيس ميقاتي حينها هو من سمّى دياب وزيراً في حكومته، وكان على علاقة ممتازة معه، إلا أن الظروف تغيّرت بعد فترة وجيزة، مع التباعد الذي أصاب العلاقة بين ميقاتي وحزب الله، إذ اختار دياب التموضع إلى جانب الأخير ما يظهر عمق العلاقة والثقة التي جعلت من حزب الله يسميه رئيساً لحكومة أدق مرحلة يمر بها محور الحزب الإقليمي.
حكومة حزب الله
من ناحيتها، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الدول الغربية تراقب من كثب تموضع الحكومة السياسي ومدى قدرتها على تنفيذ الإصلاحات واتخاذ إجراءات طوارئ، شرطاً أساسياً للدعم المادي، ولفتت إلى أن معظم الدول تدرس بدقة التقارير التي ترسلها البعثات الدبلوماسية من بيروت حول قمع المتظاهرين وتعذيبهم أثناء الاعتقال.
واعتبرت أن المواقف الأوروبية، لا سيما فرنسا وبريطانيا، اشترطت على الحكومة اللبنانية الجديدة “تنفيذ الإصلاحات” لمساعدة لبنان، في حين اختصر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الصورة المتعلقة بالمواقف الدولية تجاه الحكومة الجديدة، مؤكداً أن حكومته “لن تقدم أي مساعدات إلا لحكومة لبنانية غير فاسدة”.
من جانبها أجمعت وسائل إعلام غربية على تسمية حكومة دياب بـ”حكومة حزب الله”، وأبدت اهتماماً ملحوظاً بتشكيل الحكومة، وواكبت الحدث بكل تفاصيله وتطوراته، مروراً بتسليط الضوء على كل الإشكاليات والعثرات التي رافقت وسبقت التأليف، مشيرة إلى أن هذه الحكومة “يعوّل عليها حزب الله وحلفاؤه لإخراج البلد من أزمته الاقتصادية المتفاقمة”، حسبما ذكر كلّ من “سي إن إن” و”بي بي سي” و”دويتشه فيلله” وصحيفة “فايننشال تايمز” و”نيويورك تايمز” و”لوموند”، ووكالات أنباء عالمية، مثل “رويترز” و”أسوشيتد برس” وغيرها.
أداة قمع
في المقابل، توقّعت مصادر سياسية أن تكون حكومة دياب أداة قمعية للانتفاضة الشعبية اللبنانية، معتبرة أن حزب الله بدأ يلمس “تغلغل الثورة إلى بيئته”، التي باتت تهدد كيانه الذي استغرق بناؤه أكثر من ثلاثين عاماً، “عندما فشلت معظم الطرق في فض التظاهرات، ومن ضمنها الغزوات التي دفع بها تجاه ساحات الاعتصام بات يبحث عن حلٍ آخر”، مشددة على أن أحد الأسباب الداخلية التي دفعته إلى الإسراع في حسم تشكيل الحكومة، استخدامها لفض الاعتصامات والتظاهرات وقطع الطرقات.
ووضعت المصادر الهجوم الذي نفّذه أتباع لوزير الصحة حمد حسن في حكومة حسان دياب خيمةَ الحراك في ساحة المطران في مدينة بعلبك، في سياق الاستقواء بالحكومة التي يعتبرون أنفسهم أولياءها.
حكومة تفليس لبنان
في حين، أكد المصدر الدبلوماسي أن أكثر من دولة عربية رفضت زيارات رسمية، كان يود أن يقوم بها دياب لحشد دعم مالي للبنان فور نيل الحكومة الثقة في المجلس النيابي، وقد أُبلغ دياب برغبة هذه الدول في “تأجيل الزيارات إلى مرحلة لاحقة”.
وتشير أوساط سياسية لبنانية، إلى أن هذه الحكومة ستكون “شاهدة على إفلاس لبنان”، معتبرة أن دول العالم مجمعة على عدم تقديم أي مساعدات للبنان، باعتبار أن أي مساعدات تصل لهذه الحكومة، سيكون مصيرها “جيوب الطبقة الفاسدة المسؤولة عن إيصال لبنان إلى هذه الحالة”.
ولفتت إلى كلام وزير المالية الجديد غازي وزني الذي قال “سنطلب من المانحين الدوليين تزويد لبنان بأربعة إلى خمسة مليارات دولار قروضاً ميسرة، لتمويل شراء القمح والوقود والأدوية، وستغطي هذه القروض احتياجات البلاد مدة عام، وستساعد أيضاً في تقليل الركض على الدولار الأميركي”.
مفارقات غريبة!
ومن المفارقات غير المسبوقة المتعلقة بالحكومة الجديدة، انتقال الرئيس حسّان دياب مع عائلته للإقامة في الجناح المخصّص لرئيس الحكومة في السراي الحكومي، وقد انتقل إليها اعتباراً من اليوم الأول لتشكيل الحكومة، ليكون أوّل رئيس حكومة يقطن السراي منذ تدشينها مقراً لرئاسة الحكومة في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
في المقابل، ضمّت حكومة دياب ست سيدات، بينهن سيدة تولت وزارة الدفاع ونيابة رئاسة الحكومة في ظاهرة تكاد تكون فريدة في الحكومات العربية.