الخميس 8 ذو القعدة 1445 ﻫ - 16 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

خدمات الـ”online”… إلى الإلغاء؟

لطالما تنافست المصارف اللبنانية في ما بينها، “بضراوة”، على تقديم أفضل الخدمات المصرفية، ومن ضمنها البطاقات المصرفية (Credit Card) المتنوعة والمتعددة الوظائف والخدمات، لإغراء الزبائن والمودعين.

لكن يبدو أنها في ظل شح السيولة بالدولار والعملات الصعبة، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية المفتوحة على المجهول ـ المعلوم الذي لا يدعو إلى التفاؤل، باتت تخوض منافسة من طبيعة معكوسة لهذه الناحية.

لا شك أن القطاع المصرفي اللبناني كان رائداً وسبّاقاً على صعيد نوعية الخدمات المصرفية التي كان يقدمها، ولعل أبرزها خدمات البطاقات المصرفية التي واكبت التطور التكنولوجي والمعلوماتي في عالم التجارة الإلكترونية.

لكن منذ انفجار الأزمة المالية أواخر العام الماضي، والخدمات التي تقدمها البطاقات المصرفية المختلفة إلى تناقص وتقزيم، والمودعون يتبلغون من المصارف منذ أشهر تقليص عدد من الإمكانيات التي تتيحها بطاقاتهم، سواء خارج لبنان أو داخله، وذلك بنسب ومعايير مختلفة بين مصرف وآخر.

مصدر مصرفي بارز يوضح، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “تقليص الخدمات المصرفية، خصوصاً تلك التي توفرها البطاقات المصرفية، كان أمراً محتوماً، نظراً لتطورات الأوضاع المالية والنقدية واتجاهها نحو المزيد من الاختناق في ما يتعلق بالعملات الصعبة”.

ويعتبر أنه “في مكان ما، هذا الأمر لم يكن مفاجئاً، حتى للزبائن، في ظل الأزمة المالية الخانقة”، لافتاً إلى أن “التقليص التدريجي للخدمات بدأ عملياً منذ مطلع العام الحالي لكن مع اختلاف وتيرته بحسب الظروف وتطورها، وذلك حفاظاً على الموجودات المتبقية من الدولارات”.

 

ويشدد المصدر المصرفي ذاته، على أن “شح السيولة بالدولار والعملات الصعبة وهبوط احتياطي مصرف لبنان، حتَّم على المصارف تخفيض الخدمات والفرص وإمكانيات السحب التي كانت تتيحها البطاقات المصرفية”.

 

ويرى أن “هذه الإجراءات تصب عملياً في مصلحة الاقتصاد اللبناني، إذ تعزز إمكانيات صموده أكثر لمواجهة الأزمة أطول فترة ممكنة بانتظار تخطيها، عبر الحفاظ على الدولار الموجود لتأمين الأساسيات والضروريات في هذه الفترة”.

 

ويشير إلى أن “تقليص هذه الخدمات ليس قراراً مركزياً عاماً بقواعد محددة ملزمة للجميع، بل تختلف بين مصرف وآخر”، نافياً “دقة ما تسرَّب عن قرار أبلغته مصارف معينة للمودعين لديها من حاملي الـcredit card أنها توقفت عن تسديد ثمن مشترياتهم في الخارج، ولحاملي بطاقات صادرة عن شركات عالمية أنها أصبحت محلية الاستعمال فقط، من دون إمكان سحب المال بالدولار عبرها، أو أن يكون ملزماً لجميع المصارف”.

ويلفت إلى أن “خدمات البطاقات المصرفية المتنوعة تقلصت أساساً منذ أشهر على خلفية الأزمة المالية، لكن الإجراءات الجديدة لا تشمل كل المصارف بالطريقة ذاتها، بل إن المسألة تتعلق بوضع كل مصرف على حدة. فثمة مصارف تسمح بتسديد المشتريات عبر البطاقات المصرفية في الخارج بحدود 250 دولار أسبوعياً، ومصارف أخرى تسمح بمبلغ أكبر، ومصارف قررت التوقف عن تأمين هذه الخدمة. علماً أن هناك حدوداً من الأساس لسحب المودع للأموال عبر البطاقات المصرفية المتنوعة، وهذا أمر معلوم ويخضع للاتفاق والقبول بين الزبون والمصرف بحسب الشروط والفرص التي تتيحها كل بطاقة”.

أما عن تأثير هذه الإجراءات على الحركة التجارية، المأزومة أساساً، إذ إن عدداً مهماً من التعاملات التجارية تتم أونلاين وتدفع الأموال المتوجبة عبر البطاقات المصرفية، يشير المصدر المصرفي إلى أن “الحسابات الجديدة بالدولار (fresh money) والبطاقات المصرفية المرتبطة بها تتيح الدفع أونلاين وتحويل الدولار من دون مشكلة، ويمكن اعتماد هذه الطريقة لتلبية الحاجات الأساسية للأفراد والشركات على حد سواء”.

 

وبالنسبة لسداد اشتراكات خدمات تطبيقات الهواتف ومحطات التلفزة الفضائية والألعاب، فيعتبر المصدر المصرفي أن “هذه نفقات بسيطة غير مؤثرة بشكل كبير ولا تستنزف الدولار من البلد، ويمكن إيجاد الحلول المناسبة لها”.

لكن المصدر المصرفي يشدد على “ضرورة تعاطي الجميع بجدية وعناية كبيرتين مع الدولارات المتوفرة، واستخدامها بأفضل وسيلة ممكنة لتقطيع المرحلة”، من دون أن ينفي “احتمال إجراءات مصرفية إضافية في المستقبل تقلّص سلة الخدمات التي تقدمها البطاقات المصرفية إلى حدودها الدنيا، وربما إلغاؤها في بعض المصارف. وذلك، إن لم يتم التعاضد بين الجميع على المستويات كافة، الرسمية والمصرفية، للمباشرة بتطبيق جملة الإصلاحات المطلوبة وحسم التردد الحاصل في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ما يفتح أبواباً كثيرة للخلاص من الوضع الحالي وضخ دولارات جديدة ومباشرة النهوض”، آملاً أن “يتم ذلك في أسرع وقت ممكن”.