الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

عون ترأس لقاء وطنياً مالياً... لضرورة التخفيف من قلق المواطنين وانجاح الخطة

 

أكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان “الإنقاذ الذي نسعى إليه ليس مسؤولية طرف واحد، أو جهة سياسية واحدة، أو سلطة واحدة؛ فالخروج من النفق المظلم الذي نعبر فيه، هو مسؤولية الجميع”.

وأشار عون خلال ترأسه، قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، اللقاء الوطني المالي لعرض خطة التعافي الوطني التي اقرتها الحكومة الى ان “الوهن الكبير والخطير الذي اصاب بنية وطننا الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية يفرض علينا أقصى درجات الشفافية وأيضا أقصى درجات الاتحاد”.

وشدد على أن “أحوج ما نكون إليه في أيامنا هذه هو تجاوز تصفية الحسابات والرهانات السياسية فنتحد للتغلب على أزمتنا المستفحلة وتغطية الخسائر المحققة في قطاعاتنا كافة، العامة والخاصة”.

ورأى الرئيس عون ان خطة التعافي المالي التي وضعتها الحكومة، وهي خطة إنقاذية، واكبها طلب المؤازرة من صندوق النقد الدولي، وهو الممر الإلزامي للتعافي إن أحسنا التفاوض والتزمنا جميعنا المسار الإصلاحي الذي ينشده شعبنا أولا بأول من دون أي إملاء أو وصاية أو ولاية، فنضع حدأ لاستنفاد الاحتياطات الخارجية ونحمي أموال المودعين ونحاول بجد وتصميم احتواء عجز الموازنة ومعالجة تدني المستوى المعيشي للمواطنين اللبنانيين، لاسيما الأقل مناعة منهم والذين سدت في وجههم أساليب العيش الكريم.

واعتبر رئيس الجمهورية ان “الخطة تهدف إلى تصحيح الاختلالات البنيوية في الاقتصاد والمال، وإلى تأمين شبكات الأمان الاجتماعية والمساعدة المباشرة لمن هم أكثر حاجة، وإلى استعادة الثقة بنظامنا الاقتصادي والمالي، كما تهدف إلى خفض الدين العام بشكل يقي لبنان المخاطر المستقبلية، ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وتحقيق الشفافية من خلال التدقيق المالي، وإلى كشف الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان وتصحيحها، وإلى إعادة الاعتبار إلى التسليفات للقطاعات الإنتاجية”.

واشار الى ان “الخطة لم تدرس بفكر سياسي، بل بفكر اقتصادي”، رأى “انه يبقى علينا البدء بإجراءات تنفيذية فورية تعيد الثقة بالدولة وبالقطاع المصرفي على الصعيدين الداخلي والخارجي، واعتماد خطوات تطبيقية سريعة وضرورية”.

وقال، إن “الهدف هو ان نتمكن من استعادة دور لبنان: واحة من الليبرالية الاقتصادية المسؤولة وغير المتوحشة، في ظل سيادة القانون ومنطق المحاسبة والشفافية والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن والإصلاح المستدام”.

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة حسان دياب في كلمته اننا “وصلنا إلى اللحظة التي صار لزاما علينا فيها أن نبدأ بإصلاح الأضرار التي وقعت في البنية المالية والاقتصادية للبلد”.

وأشار ايضا الى انه “لا مجال للمزايدات اليوم، ولا مكان لتصفية الحسابات ولا يفترض فتح الدفاتر القديمة في السياسة”.
واعتبر دياب ان “اللبنانيين أمسكوا زمام المبادرة، وهم أصبحوا شركاء في القرار، ويضغطون للمحاسبة، بل ويحاسبون على كل صغيرة وكبيرة”، مشيرا “اننا اليوم لدينا مسؤولية وطنية، إما أن نكون عند مستوى هذه المسؤولية، أو أن الشعب اللبناني سيحاسب كل الذين تقاعسوا أو أداروا ظهرهم”.

وإذ اشار الى ان “ما تطرحه الحكومة في هذه الخطة ليس كتابا منزلا، وهو قابل للتطوير”، اكد “أنها ليست ملكا لحكومة أو حكم، وإنما هي برنامج عمل للدولة هدفه عبور لبنان مرحلة صعبة، وإعادة التوازن في المسار المالي”.

ودعا “كل القوى السياسية والكتل النيابية والأحزاب والهيئات والفاعليات والهيئات الاقتصادية والمصارف إلى “التوقف عن السجالات والتخلص من الأوهام المصلحية التي لا تدوم وإلى وقفة مع الذات”، متسائلا: “ماذا تنفع كل هذه الاختلافات وكل هذه الحساسيات وكل الحسابات والمصالح إذا انهار لبنان لا سمح الله؟”.

ودعا السياسيين إلى شراكة وطنية في ورشة الإنقاذ، من دون أحكام مسبقة، ومن دون غايات، ومن دون خلفيات مبطنة. هذا اللبنان لنا جميعا، فإما أن يرتقي الجميع إلى مستوى حماية هذا الوطن أو أن الخسارة ستقع على الجميع”.

ثم القى الوزير غازي وزني كلمة، عرض فيها مختلف اقسام خطة التعافي. وجاء في كلمته: “اليوم هو يوم حوار وطني للكلام على خطة التعافي المالية وهو يوم تاريخي للبنان، لأن السنوات القادمة هي التي ستحدد مصير مستقبل لبنان الاقتصادي. لقد أقرت الحكومة خطة التعافي المالية الشاملة لمدى خمس سنوات (2020-2025) في جلستها في 30 نيسان 2020 لمواجهة أزمات متعددة إقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية غير مسبوقة تظهر من خلال المؤشرات التالية:

– إنكماش اقتصادي يقارب 13%
– تفاقم معدل التضخم ليصل الى اكثر من 50%
– تدهور كبير لسعر صرف الليرة
– شلل تام في القطاع المصرفي
– تزايد كبير في معدلات الفقر ليتجاوز 45% من المواطنين وفي البطالة ليفوق 35%
– عجز مرتفع في المالية العامة ودين مرتفع غير مستدام.

وتعتبر الخطة مخرجا للأزمة، إصلاحية، شفافة، ذات مصداقية، تقدم لأول مرة ارقاما واضحة عن الخسائر المتراكمة وخاصة في القطاع المالي مع تحديد دقيق لتوزيعها ومسبباتها. وتهدف الى استعادة الثقة، رفع النمو الاقتصادي، تعزيز نظام مالي صحي وتحقيق استدامة المالية العامة في لبنان. وتقوم الخطة على تسعة ركائز ابرزها:

1- في سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية : تعتمد الخطة سياسة سعر الصرف المرن في المرحلة المقبلة بشكل متدرج ومدروس.

فإن تحرير سعر صرف الليرة قبل استعادة الثقة، وتحصين المناخ الاقتصادي والمالي والحصول على الدعم الدولي من صندوق النقد الدولي والدول المانحة يؤدي الى فلتان شامل لأسعار السلع، وتدهور كبير لسعر صرف الليرة كما يؤدي الى تعثر كبير للمؤسسات المقترضة بالدولار.

2- في المالية العامة: تخفض الخطة العجز في الموازنة العامة من 11.3% من الناتج المحلي عام 2019 الى 5.3 % عام 2020 ثم الى 0.7% عام 2024 من خلال خاصة خفض النفقات العامة (إصلاح الكهرباء، إصلاح نظام التقاعد، ترشيد النفقات الجارية) وفي الإيرادات محاربة الهدر وتحسين الجباية في الجمرك والضريبة على القيمة المضافة ومكافحة التهرب الضريبي.

3- في الحساب الجاري أو الدعم الخارجي : تقدر الاحتياجات التمويلية الخارجية في فترة 2020-2024 بحوالي 28 مليار دولار لتمويل العجز في الميزان التجاري والخدماتي.

تحاول الخطة تأمين الدعم من مصادر خارجية متعددة منها صندوق النقد الدولي 10 مليار دولار ، مؤتمر سيدر 11 مليار دولار ومن موارد أخرى مثل قروض وهبات ثنائية مع الدول والصناديق والمؤسسات المانحة.

4- في اعادة هيكلة الدين العام : يبلغ الدين العام 90.2 مليار دولار في العام 2019 موزعة بنسبة 63% للدين بالليرة و37% للدين بالعملات الاجنبية.

تهدف الخطة الى خفض الدين العام للناتج المحلي من 175 % عام 2019 الى 99% عام 2024من خلال إعادة هيكلة الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية وبالعملات الاجنبية.

5- في إعادة هيكلة مصرف لبنان:
تقدر الخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان بحوالي 63.6 مليار دولار ناتجة عن كلفة التثبيت النقدي، وعمليات الهندسات المالية، وتغطية عجز ميزان المدفوعات والعجز المالي لا سيما الكهرباء والديون المتراكمة للدولة وتتوزع بالشكل التالي:

الخسائر المتراكمة في الماضي لمصرف لبنان 40.9 مليار دولار وأثر إعادة هيكلة الديون السيادية بقيمة 20.8 مليار دولار.

تتضمن الخطة انشاء الشركة الوطنية لادارة الاصول العامة والتي تحتوي حصص الاسهم في الشركات الرئيسية المملوكة من الدولة والأصول العقارية بهدف تحقيق ارباح الشركة لتمويل زيادة راس مال مصرف لبنان وتجهيز ضمانة الدولة لإعادة هيكلة مصرف لبنان بالتوازي مع زيادة تقييم هذه الاصول بعد تحسين أدائها مما يوفر غطاء وضمانة فعلية لإجراء تلك الزيادة في الرأسمال.

ملاحظة: لا يهدف إنشاء الشركة الوطنية في الخطة الى بيع الأصول العقارية للدولة بل الى تفعيلها وتحسين مردوديتها.

6- في إعادة هيكلة القطاع المصرفي

تقدر الخسائر المتراكمة للمصارف التجارية 83.2 مليار دولار ناتجة عن خسائر مصرف لبنان حوالي 53.9 مليار دولار وتعثر القروض للقطاع الخاص 12.3 مليار دولار وتخلف الدولة عن سداد ديونها بقيمة 17.3 مليار دولار.

تعمل الحكومة على الحفاظ على اموال المودعين واستيعاب الخسائر من خلال:

– استعمال رؤوس اموال المصارف وتقييم اصولها العقارية المدرجة في ميزانيتها وتقيم اصولها الخارجية.
– استخدام العقارات المملوكة من المصرف المركزي على سعر السوق.
– ضخ اموال جديدة من قبل المساهمين الحاليين او الجدد بعد دمج المصارف
– استرجاع ارباح الهندسات المالية
– استخدام عوائد الفوائد المفرضة التي قدمتها المصارف للمودعين.
– العرض على المودعين اختياريا تحويل جزء من ودائعهم الى رأسمال المصرف (Bail – IN) او الى سندات دين طويلة الاجل على المصرف اذا كان ذلك ضروريا وحسب كل مصرف بعد تقييم اوضاع كل واحد منهم.
– استعادة الاموال المنهوبة او المهربة بطرق غير قانونية

ملاحظة:

– ودائع صغار المودعين سوف تبقى في المصرف
– صندوق التعافي: يتضمن الاموال المستعادة من استراتيجية مكافحة الفساد ومن بعض اصول الدولة.
7- تحفيز النمو الاقتصادي : تقوم على اصلاحات وتطوير النظام الاقتصادي القائم من خلال دعم القطاعات الانتاجية لاسيما القطاع الزراعي والصناعي والقطاعات الواعدة كقطاع المعرفة والقطاعات المستقطبة للعملة الاجنبية كقطاع السياحي.
8- منافع صندوق النقد الدولي: تقع منافع الصندوق إنها تعطي الثقة للمجتمع الدولي وتوفر دعما ماليا للخزينة العامة تراوح بين 9- 10 مليار دولار، وتفتح أفق مؤتمرات الدعم الدولية (مؤتمر سيدر) والتسهيلات المالية من الصناديق والمصارف العالمية فضلا عن تسهيلها التفاوض مع الدائنين.

تعتبر الخطة إيجابية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة والدائنين كما تهدف الى حماية أموال المودعين والتخفيف من قلق وهواجس المواطنين والتخفيض من وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية”.

بعد ذلك، تحدث رؤساء الكتل النيابية تباعا حيث ابدوا ملاحظاتهم على الخطة وقدموا مقترحات عملية لمواكبتها، فيما ارسل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السيد وليد جنبلاط ملاحظات خطية لـ”اللقاء الديموقراطي” وللحزب الاشتراكي على الخطة.