السبت 25 شوال 1445 ﻫ - 4 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

كهرباء لشهرين قبل التقنين الأقسى.. والإصلاح مستحيل

بلغ مستوى تقنين الكهرباء حداً غير معقول في صيف حارق. فتخطّى مرحلةً كافية للاطاحة بأركان أي نظام حكم، في دولة لا تحكمها زُمَرٌ طائفية ومافيات تختلس المال العام وتتاجر بحياة البشر.

 

تقنين قاسٍ تعيشه المناطق اللبنانية كافة، بما فيها العاصمة التي حاول البعض تحييدها من الحرمان، لتكون نموذجاً جمالياً زائفاً عن سلطة رأس المال. ولكن الأقنعة انهارت. وتهاوت بفعل تراكم الانتكاسات، وصولاً إلى الظلام الذي شلَّ ما تبقّى من أنفاس أخيرة للحركة الاقتصادية، وعزَّزَ مقت الناس للنظام، حتى أؤلئك الذين يبايعون أسياده بفتاوى سياسية ومالية ودينية تستغلّ ضعف الناس وحاجتهم.

انفراجٌ موقّت

تعمل وزارة الطاقة على جلب بواخر نفط لتشغيل المعامل وتوليد الكهرباء. ثلاثة بواخر ستفرّغ حمولتها، آخرها تصل الأسبوع المقبل. وأولى البواخر ستأتي ثمارها في مرحلة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، يتراجع معها معدّل التقنين من ساعة إلى ساعتين يومياً. وهي مدّة غير كافية، ولا تتوافق مع الوعود التي خدعت الشعب منذ انتهاء الحرب الأهلية، ومنذ وضع خطة انقاذية للكهرباء في العام 2010. فالوعود في لبنان تطويها وعود حتى وصلنا إلى الوعد الكبير: الانهيار الشامل.

بواخر الفيول المنتظرة قد تنعش لبنان لفترة تمتد من شهرين إلى ثلاثة أشهر. بعدها يُعاد تكرار المأساة: تقنين إضافي، وشعب يرزح تحت واقعٍ يصعب تغييره بفعل تجذّر الأزمات، وإصرار على تكرار التجارب الفاشلة.

وإن كان التاريخ يكرر نفسه مرّتين، الأولى على شكل مأساة والثانية على شكل مهزلة، فإننا نعيش اليوم مأساةً ومهزلة في آن. فالمأساة هي تقنين متزايد للكهرباء، وإن وُعِدنا بانفراج موقّت. والمهزلة هي الإصرار على خداع الناس والمجتمع الدولي بالتغيير الشكليّ في واقع مؤسسة كهرباء لبنان، بعد تشكيل مجلس إدارة من أصدقاء مستشاري وزراء الطاقة التابعين لجهات سياسية من لون واحد. وهذا على اعتبار أن تغيير الصورة قد يُقنع صندوق النقد الدولي بتعديل نظرته السلبية للبنان.

لكن حتى وإن استكمل الصندوق جلساته مع لبنان لبحث “الإجراءات التي اتخذت والتي ستتخذها الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء وكيفية تطبيقها”، وفق ما عبّرت عنه وزارة المالية في إعلانها عن استئناف المفاوضات في الجلسة السابعة عشر مع الصندوق، إلاّ أن الأخير لم يحسم قراره النهائي في قضية مساعدة لبنان، لأن مطلبه هو بدء الإصلاحات، وتعيين مجلس إدارة إصلاحياً. ما يعني أن التفاوض مع الصندوق، هو تدبير موقّت، سرعان ما سيتوقّف أو يتعقّد سيره.

تقنين قاسٍ

تراهن الحكومة على الوقت، فإما أن يصطلح الحال بمعجزة تأتي من المجتمع الدولي، وهذا أمر مستحيل، أو تراهن على الانهيار الشامل بحيث لا يبقى هناك مجال لرمي الاتهامات والملامة على أحد. أما الرهان على “الاتجاه شرقاً” فضرب من الجهل أو المكابرة. فأقرب شرق يقبل مساعدة مبدئية للبنان، هو العراق، وقد تضارب ما أعلنه مسؤولوه حول المساعدات النفطية للبنان، مع ما أعلنه ساسة لبنان.

وبذلك ينضم الموقف العراقي الى سلسلة المؤشرات التي تعزز احتمال تعقيد الوضع كهربائياً. فحتى اللحظة، لا تخزين في الشمال، وسوناتراك قاب قوسين من المغادرة، والعراق غير جاهز لتقديم المساعدة من دون مقابل… أي أن مؤشّرات التقنين القاسي أصبحت أكثر وضوحاً.