الأثنين 27 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لا أحد يعلم خفايا موجودات مصرف لبنان... مجاعة محتّمَة؟

إذا أخذنا في الاعتبار المنطق الطبيعي المنسجم مع التحذيرات المحليّة والدولية، نجد أن استفحال الأزمة الإقتصادية والمالية في كلّ يوم تأخير حكومي، يكبر أكثر من الذي يسبقه. ولكنّ التحذير من الجوع، أعادنا بالذّاكرة الى حقبة الحرب العالمية الأولى،

وكأنّنا في بلد بلا حُكم فعلي، أو خارج الحضارة والزّمن، بما ينسجم مع الواقع الذي خلّفه الإحتلال العثماني للبنان، وللشرق عموماً، والذي ساهم بالمجاعة التي تسبّبت بمقتل الآلاف، قبل أكثر من 100 عام!

 

ففي موقف مُلفت، رأى رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، خلال اتصال هاتفي مع عدد من أبناء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، قبل أيام، أن “الجبل ولبنان على مشارف الجوع،
ولذلك فإن خطوات “الحزب” (الإشتراكي) الأوّلية التي يقوم بها، هي دعم الأُسَر المحتاجة بالمازوت على مدى أربعة أشهر، توزيع حصص غذائية… تشجيع زراعة القمح والعدس والحبوب… تأمين مخزون للأدوية لأن بعضها فُقِدَت، الإهتمام قدر الإمكان بالحالات المرضيّة في المستشفيات…”، متحدّثاً عن أن المطلوب من الجالية في الخارج دعم مستشفى عين وزين والإيمان،
والمساعدة في خلق أفكار جديدة لفُرَص عمل لمتوسّطي الدخل، ودعم اللّجنة الإجتماعية للمجلس المذهبي ودار الطائفة الدرزية…
وإذا كانت الأفكار التي قدّمها جنبلاط ممتازة، شكلاً ومضموناً، إلا أنها تحمل مخاطر معيّنة من حيث أنها تطرح الأحزاب ومبادراتها، كبديل من مؤسّسات الدّولة، في معالجة المشاكل أو المخاطر، في شكل مناطقي. وتزداد الخطورة، إذا أخذنا في الاعتبار أن أحزاباً أخرى يُمكنها أن تحذو حذو “الإشتراكي” في العمل وفق هذه المنهجيّة،
وهو ما يعني أنّنا سنكون أمام تفعيل دويلات الأحزاب ومؤسّساتها الإجتماعية والطائفية، من خارج منظومة الدّولة، وبستار جديد يعتمد المال والإقتصاد والخوف والتخويف من الجوع، بدلاً من الدّفع باتّجاه تفعيل وتقوية مؤسّسات الدولة، بهدف جعل الحلول شاملة وعابرة للمناطق والطوائف، وإزالة القوقعة في قمقم “حارة كلّ مين إيدو إلو”، هذا إذا ذهبنا بالتمام والكمال في فرضيّة أنّنا سنكون أمام حالة حقيقية من الجوع!؟

خفايا

شرح مصدر بارز أن “الحديث عن مجاعة يتوقّف على مدى دقّة أو عدم دقّة الكلام المتداول حول توفّر الأموال والإحتياطات اللّازمة للدّولة اللبنانية، في مصرف لبنان، وإمكانيّة التلاعُب بها أو لا. وعند وضوح الصّورة المتعلّقة بهذه النّقطة، يُمكن عندئذ التثبُّت من حقيقة أنّنا نتّجه بالفعل الى مجاعة أو لا”.
وشدّد في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” على أن “لا أحد يعلم تماماً خفايا ما هو موجود في مصرف لبنان، ومستقبل توفّر الدولار في السوق أو لا، وخصوصاً لتسهيل عمليات الإستيراد من الخارج، في شكل كامل لا لُبس فيه. ولذلك، كلّ ما يُمكن تأكيده حتى اللّحظة الحالية هو أننا أمام تعثّر إضافي مُرتَقَب، فيما الرواتب ستتآكل، وصولاً الى مرحلة انعدام القدرة الشرائية. ولكن سيناريو المجاعة لا يزال مستبعداً، رغم كلّ شيء”.
وقال:”استبعاد سيناريو المجاعة التي حصلت في لبنان، خلال الحرب العالمية الأولى مثلاً، ينطلق من واقع أن اللّبنانيين يساعدون بعضهم البعض، وسط تضامن كبير في ما بينهم”.

حلول

ورداً على سؤال حول أهميّة تفعيل مؤسّسات الدولة، لجَعل الحلول شاملة وعابرة للمناطق والطوائف، ومنزّهة عن واقع الأحزاب، أجاب المصدر:”المجاعة تأتي نتيجة إفلاس الدولة، أو تقاعُسها وتخلّيها عن مسؤولياتها، والقيام بواجباتها. ومن هنا يأتي دور المبادرات الفردية والمناطقية، إجبارياً. فكلّ جهة تراعي جماعتها، وتحاول مساعدتها”.
وأضاف:”من الحلول المقترحة في هذا الإطار، يُمكن الذّهاب باتّجاه تشجيع المواطنين الذين يمتلكون حدائق أو أراضٍ، ولو محدودة الحجم، على زراعتها، وبيع المحصول الى مصانع الصناعات الغذائية مثلاً، وهي أفكار بدأ التداوُل بها في عدد من المناطق اللبنانية، جديّاً”.
وشرح:”الدولار لا يتوفّر في السوق، بسهولة. كما أن عمليات استيراد بعض المحاصيل الزراعية المرتبطة بالصناعات الغذائية، باتت صعبة. ومن هنا، يُمكن تشجيع بعض المواطنين على زراعة تلك المحاصيل، ومن ثم القيام بشرائها منهم. وهذا ما يؤمّن المحاصيل المطلوبة للمصانع، والمال للناس، وهو ما يُبعد سيناريو المجاعات أكثر”.

 

مساعدة؟
وحول ضرورة الحصول على مساعدة دولية سريعة، لإبعاد خطر المجاعة، والكلفة السياسية لذلك، أوضح المصدر:”إيجابية الحصول على مساعدة من “صندوق النقد الدولي” مثلاً، تتعلّق بأن الصندوق سيعمل على تخفيف السرقات الحاصلة من الخزينة اللبنانية، لأنه (الصندوق) سيضبط إيقاع النشاط الإقتصادي للدولة اللبنانية”.
وختم:”يُمكن تجميد هذا المسار حالياً، للتهرّب من الشّروط الكثيرة التي سيفرضها الصندوق علينا، في هذه الحالة. ويُمكن الإستعاضة عن ذلك بمجموعة من الإجراءات الداخلية التي تتعلّق مثلاً بالدّفع قُدُماً باتّجاه تفعيل الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص، وتشجيع المستثمرين اللّبنانيين على الإستثمار في الداخل، مع الذهاب في بعض اتجاهات الخصخصة”.