الأربعاء 13 ذو القعدة 1445 ﻫ - 22 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان أمام حلّين العام 2020: إصرار الثورة أو الانفجار

يودّع اللبنانيون سنة 2019 غير آسفين، لما حفلت به من أوضاع اقتصادية واجتماعية ومالية قاسية لم يشهدها لبنان في تاريخه، ويستقبلون العام 2020 بأمل ورجاء كبيرين في بداية الخروج من حال البؤس التي يعيشونها. لكن هل هي السنون عجاف في بعضها وبيادر خير في بعضها الآخر، أم إن الحكام والمسؤولين هم من يجعلها هكذا أو العكس، فيحلّ فسادهم ويلاً على شعوبهم إن فسدوا، ويحلّ صلاحهم خيراً إن صلحوا؟ فعلامَ سترسو عملية التسلُّم والتسليم بين 2019 و2020؟

 

مدير “مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية” المحلل الاستراتيجي الدكتور سامي نادر، يرى، في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أن “الحدث الأهم والأبرز في العام 2019 على الصعيد اللبناني، هو الانتفاضة والثورة التي حصلت وأطاحت مجمل التركيبة التي كانت قائمة، وبالتسوية ومفاعيلها، وعرَّت نظام المحاصصة الهش القائم الذي كان الوجه الآخر للفساد”.

ويضيف، “أما على الصعيد الخارجي، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، فالأبرز ما حصل في العراق، حيث الجو مماثل لما حصل في لبنان لناحية انهيار نظام المحاصصة ذاته برعاية القوى الإقليمية نفسها، أي إيران”.

كما يلفت أيضاً إلى “ما يجري في السعودية، التي تُحدث خروقات كبيرة على المستوى الاقتصادي، بالإضافة إلى التحول العميق الذي يحصل في المملكة على مستويات عدة”.

ويعتبر نادر أن “التحدي الكبير في العام 2020 سيكون اقتصادياً في الدرجة الأولى، إذ إنه أمام ما نشهده على هذا الصعيد، كل الاعتبارات الأخرى تسقط أو تخفّ قيمتها. فعلينا أن نرى ما إذا كان لا يزال ممكناً وقف مرحلة الانهيار الذي دخلناه؟ وهل سيكون للبنان القدرة على إعادة وضع الأمور على الطريق السليم؟”.

ويرى أنه “حتى الآن، وعلى الرغم من أن هذا النظام والقوى المتحكمة بمنظومة الحكم تلقَّت ضربة، لم تتداعَ ولا تزال قابضة وتحاول إعادة إنتاج منظومة السلطة ذاتها ومنطق المحاصصة ذاته، حتى ولو بأوجه جديدة مختلفة”.

وفي حين يشير إلى أن “هذا النظام سقط في قلوب الناس وعقولهم في العام 2019″، يسأل: “لكن هل سيظل متماسكاً ممسوكاً من فوق برغبة إقليمية؟”، معتبراً أنه “حتى ولو تمكّن من البقاء على هذه الحالة فسيكون من دون أرضية وبلا ركيزة اقتصادية أو اجتماعية، لأن البلد في حال إفلاس تام”.

أما عن احتمال صمود الطبقة الحاكمة مستندة إلى عامل القوة الذي لوَّح به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في حال الوصول إلى الانهيار التام والفوضى وتحذيره أنه في هذه الحال الطرف الأقوى سيحكم، يقول نادر: “ليحكم”. ويلفت إلى أنه “يمكنه أن يحكم بقوة السلاح، لكن هناك حدوداً للسلاح كما بات معلوماً”، مشيراً إلى أنه “بالسلاح يمكنك أن تزعزع الوضع وتخيف البعض، لكن لا يمكنك بناء استقرار وتنمية، فكيف ستطعم الناس؟ هل تطعمهم خرطوشاً ورصاصاً؟ وكيف ستمشِّي الشركات وتخلق فرص عمل ووظائف للشباب؟”.

ويعتبر نادر أننا “أمام احتمالين نتيجة الوضع القائم: إما أننا ذاهبون إلى انفجار اجتماعي في العام 2020، أو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر حلاً صعباً لكن يمكنه انتشالنا من الأزمة لأنه يجبرنا على الإصلاحات التي عجزنا عن إنجازها”، لافتاً إلى رفض البعض اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بحجة “عدم تسليم سيادتنا لأحد”. ويضيف، “هم سلّموا السيادة يوم سمحوا للفساد أن يستشري في الدولة، ووضعوا أنفسهم في وضع أصبحوا في حاجة إلى المجتمع الدولي للإنقاذ”.

ويشدد على أنه “بعدما فرَّغوا المالية العامة ونخر الفساد مؤسسات الدولة، بتنا بحاجة إلى أموال لتغطية النفقات العامة والفواتير الأساسية (المأكل والمشرب والدواء والمحروقات وغيرها). فالمرء يتخلَّى عن سيادته حين يسمح باستشراء الفساد وهدر المال العام، وهنا لا خيار آخر”.

ويرى أن “الخيارات الأخرى، مثل وضع وديعة مالية خارجية كما في السابق، فهذه سقطت مع إسقاط ورقة سعد الحريري. كما أن مؤتمر سيدر لم يعد كافياً اليوم، إذ نحن بحاجة لشيء على المدى القصير جداً لإنقاذ النظامين المصرفي والمالي من الانهيار”.

ويبقى احتمال آخر، يشير إليه نادر، في استمرار المكابرة والانكار، ويقول، “يمكن أيضاً ألا نقوم بشيء، ويتقلَّص الاقتصاد من 50 مليار دولار سنوياً إلى 30 أو ما دون، وحينها مع قوافل هجرة الشباب وإفلاس الشركات والمؤسسات والمعامل سندخل في دورة جهنمية، نجّانا الله منها”، مشدداً على أن “الأمل الوحيد الباقي هو في إصرار الثورة وثباتها لإجبار السلطة ودفعها إلى إجراء التغيير المطلوب”.