الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان دخل مرحلة جديدة وإحياء التسوية مستحيل

ماذا يجري في الكواليس الدولية؟ وهل صحيح أن تعنُّت السلطة الحاكمة ورفضها الدخول في تسوية مع شعبها وتلبية مطالب ثورة 17 تشرين بهدف استدراج التدخلات الدولية وإبرام تسويات وصفقات جديدة معها تتخطى حدود المصلحة اللبنانية إلى تلبية مصالح إقليمية، بالإضافة إلى المصلحة الشخصية الفئوية الضيقة للبعض؟

الدوائر السياسية المعنية تحركت لمحاولة معرفة النتائج التي توصل إليها اجتماع باريس الثلاثي الفرنسي البريطاني الأميركي، منذ ثلاثة أيام، والذي بحث شؤون المنطقة ولبنان، وضم مدير الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو العائد من جولة استطلاعية إلى بيروت، والمبعوث الفرنسي لمؤتمر سيدر السفير بيار دوكين، والمسؤول عن الشرق الأوسط في قصر الرئاسة باتريك دوريل، ومساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط ديفيد شينكر ومديرة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ستيفاني القاق.

وثمة معلومات عن أن الدول الصديقة للبنان استشعرت مخاطر الانهيار الجدي للوضعية اللبنانية ككل، فقررت المساعدة، نظرا للعلاقات التي تربطها بلبنان وخشية توسع التدهور الحاصل وإضافة عامل تعقيد جديد يهدد أمن المنطقة بالمزيد من التفجر.

مدير “مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية” المحلل الاستراتيجي الدكتور سامي نادر يرى “ألا تسوية جديدة حتى الآن في الأفق”، لكنه يضيف أن “ما نعيشه سيؤدي إلى انتهاء التسوية القديمة”، معرباً عن اعتقاده أن “شروط تسوية الطائف، وحتى التسويات التي تلت من الدوحة إلى التسوية الرئاسية الأخيرة، انتهت، ونحن أمام مرحلة جديدة”.

ويضيف نادر لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، “الحكومة سقطت، وهناك جو مختلف تماماً في الشارع، وتبدلت موازين القوى، والأهم مع الأسف انهيار الوضع الاقتصادي والمالي. بالتالي، نحن لم نعد في وضع إعادة تركيب سيبة سياسية معينة فتعود وتقلع بالبلاد، هذه باتت مستحيلة”.

ويشدد على أنه “لم يعد ممكناً أن ينهض البلد من حالة الانهيار إلا بمساعدة دولية، وهي العنصر الأول للتسوية المقبلة. أما العنصر الثاني فهو الطرف الذي لا يزال الأقوى أمنياً على الأرض، حتى اليوم، وهو حزب الله، لكن قوته مرتبطة أيضا بإيران وهناك صراع هائل مع طهران وعقوبات وملف شائك من غير الواضح كيف سينجلي”.

ويضيف، “لذلك نقول ألا تسوية واضحة حتى الآن في لبنان. فلكي نقول بوجود تسوية علينا أن نعرف ما هو شكل التسوية التي ستحصل بين المجتمع الدولي وإيران، إن حصلت، وإلى أين تتجه الأمور. وإن كان سيتم مساعدة لبنان دولياً، فبأي تسوية وأية شروط مع حزب الله. فلا أحد سيساعد لبنان اليوم، سواء عبر مؤتمر سيدر وصندوق النقد الدولي والدول المانحة، علماً أن سيدر وحده لم يعد كافياً ولبنان بات بحاجة إلى ضخ أموال في وقت سريع كي يتلافى الانهيار ومحاولة انقاذ الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية التي لا تزال تحاول الصمود لكنها شارفت على الافلاس بحيث لم يتم دفع نصف معاشات الموظفين عن الشهر الماضي”.

ويسأل، “في النتيجة، هناك طاولة ستنعقد لإنقاذ الوضع، فهل يمكن أن يكون حزب الله وصندوق النقد الدولي على طاولة واحدة؟”. ليضيف: “لذلك، الحل المنطقي والعقلاني هو ما يطرحه الثوار الرجال والنساء والشباب والطلاب في الشارع الذين يطالبون بحكومة تكنوقراط اختصاصيين، أي حكومة مستقلة عن الطبقة السياسية، أي أنهم لا يريدون استمرار الفساد ولا يريدون ارتباطات مع الخارج، فجلّ ما يطالبون به هو المجيء بحكومة أوادم يهتمون فقط في الشأن اللبناني، وهذا المطلب غير مقبول حتى اليوم”.

ويقول، “إذا أردنا القيام بتمرين نظري، نحن أمام احتمالين: إما أن يقبل حزب الله بحكومة الاختصاصيين المستقلين، لأنه سيقتنع في النهاية أنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ المركب الموجود عليها، وحتى لو لم يكن موجوداً على المركب مباشرة أي في الحكومة، لكنه لا يزال موجوداً في مجلس النواب ولا يزال ممسكاً بسلاحه، لكن طبعاً لن يكون ممسكاً بكل مفاصل السلطة التنفيذية، مع عدم مراهنتي على اعتماده هذا النوع من الخيارات.

أو أن يبقى ممسكاً بالأمور مهما اهترأ الوضع، أي على الطريقة الإيرانية، إذ يقول طالما لا أزال بإمكاني الدفع لمحازبيّ فلأبقى ممسكاً بالسلطة، وربما تتغيَّر الأمور وقد نصبح كما أصبح الوضع في سوريا”. ويضيف: “لكن لنرى ماذا حصل في سوريا، بقي النظام السوري لكن لم يعد هناك مجتمع ولا اقتصاد ولا شيء”.

ويؤكد نادر أن “هذا غير مستدام، نحن مقبلون على انفجار اجتماعي كبير جداً سيجرف الجميع في طريقه. فحين يجوع أطفال المتحزب والمناصر حين لا يعود بإمكانه تأمين الحليب والطعام لهم يصبح في وضعية مختلفة تماماً، فلا يعود بالإمكان القول له إنه بصدد قضية كبيرة وتحرير مقامات دينية ودحر داعش وتحرير القدس، في البداية همّه سيكون إطعام أولاده وبعدها يرى إذا كان يستمع لك”.

ويلفت إلى أن “الجميع، وفي كل المناطق، سيصلون إلى هذه الحالة. فإذا كان البعض ممن يملك المال لا يزال بإمكانه اليوم سحب 300 دولار مثلاً، فقريباً إن لم تتم تسوية الأمور ستتقنَّن أكثر. أي أن اللبناني خسر عمله وقدرته الشرائية إلى انحسار ويخسر مدخراته، فهل يكون الجواب، لا يمكننا التخلّي عن ورقة الحكومة كي لا تخسر إيران؟”.

وعن تحرك المجتمع الدولي وقيامه باتصالات ومبادرات معينة، يشير نادر إلى أن “الفرنسيين والألمان والإيطاليين والأوروبيين والمجتمع الدولي يحاورون الإيرانيين والروس أيضاً. لكن بالتأكيد الإيراني الذي يحاور الفرنسي والأوروبي عينه ليست على لبنان بل على نفسه ومصالحه، وعلى الأميركي من خلال الفرنسي والأوروبي. هذه حقيقة المفاوضات اليوم، فلبنان ورقة يستخدمها الإيراني في التفاوض على دوره ونفوذه في المنطقة، وهمّه نزع العقوبات عن طهران أولاً”.