الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 ﻫ - 21 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان في قبضة إيران… الثوار إلى الخطة “ب”؟

بالإضافة الى دخول لبنان لعبة التجاذبات الدولية ـ الاقليمية ـ بفضل سوء ادارة السلطة لانتفاضة الشعب، ورهانها على الوقت وعلى اللامبالاة تجاه ما يحدث في الشارع من صراخ اللبنانيين الجياع والمحرومين، ما اتاح تسييس الموضوع من السلطة نفسها، هوى لبنان بالأمس، وكما كنا نتوقع، في الهاوية ولم يعد على حافتها.

فإذا كان هناك من استخلاصات لما جرى وللأجواء المحيطة بتطورات الساعات القليلة الماضية، فيمكن ابراز اهمها كالآتي:

أولا: ما حصل في عملية التكليف اثبت للجميع في الداخل والخارج وقوع لبنان في ميدان التجاذب الأميركي ـ الإيراني، لا بل في عمق الصراع، فمن مؤشرات هذه المنازلة إقدام كتلة الوفاء للمقاومة امس واثناء استشارات التكليف ولأول مرة خلافا لما جرت عادته عليه على تسمية الرئيس المكلف حسان دياب بدل ترك امر التكليف لرئيس الجمهورية كما كانت عادته، ما عكس احتدام الصراع عشية وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل الى لبنان وامساك حزب الله ومن خلاله ايران بالورقة اللبنانية تمهيدا لإحكام القبضة عليه في مواجهة واشنطن، وقطع الطريق بالتالي على اي مرشح يعتبره الحزب مقربا من واشنطن امثال نواف سلام.

ثانيا: ما جرى في عملية التكليف أظهر مرة اخرى انحياز السلطة الى الخط الإيراني، وعمق تورط لبنان في المواجهة الاقليمية والدولية الدائرة في المنطقة، وسبق واكدنا في اكثر من مقال تمسك طهران بالورقة اللبنانية الوحيدة المتبقية لها بأكملها بعدما خسرت الورقة السورية بنسبة كبيرة والورقة العراقية بنسبة هامة والورقة اليمنية بنسبة كبيرة، الامر الذي لم يعد معه خفيا على احد ان السلطة القائمة قررت المواجهة، واغلاق الباب امام الثقة الدولية والعربية خصوصاً الخليجية بلبنان، مع ما سيستتبع ذلك من ازمات متفاقمة، دخل لبنان نفقها المريع، على قاعدة شيطنة الانتفاضة الشعبية واعتبارها متأمركة ومتآمرة على محور المقاومة تمهيدا لتدجين الحراك الشعبي وحشره في زاوية ضيقة مع زيادة منسوب القمع لها من الشارع المقابل او من قوى السلطة العسكرية.

ثالثا: في استعراض سريع ومختصر لمواقف حزبين اساسيين من فريق 14 اذار التقليديين، يمكننا التوقف عند الاتي:

“القوات اللبنانية”، والتي كانت منذ بداية اندلاع انتفاضة 17 تشرين الاول منسجمة مع نفسها باستقالة وزرائها وتبنيها لمطالب الشارع بحكومة تكنوقراط (مع ان رئيسها سمير جعجع كان السباق قبل الانتفاضة في طرح حكومة تكنوقراط انقاذية من على طاولة الحوار الاقتصادي التي دعا اليها الرئيس ميشال عون في أيلول الماضي) تنقذ الوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي بالأولوية على ما عداها من مهمات، لم يكن بمقدورها القبول بتكليف اي رئيس لحكومة لا يضمن تشكيل حكومة تكنوقراط.

فمن هنا كان رفض “القوات” تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الحليف الاستراتيجي لها، ليقينها بأن الحريري سيُجرّ الى تشكيل حكومة بشروط حزب الله (اي تكنو ـ سياسية) مخالفة لإرادة الشعب.

 

وفي هذا السياق، يمكن القول ان رفض “القوات” تسمية الحريري انقذ الاخير من براثن فرض حكومة كان الحريري سيضطر اما لرفضها والاستقالة مرة جديدة او القبول بها وبالتالي خسارة ما تبقى له من رصيد الشارع السني والدعم الخليجي والدولي ولا سيما الأميركي، وهو الامر الذي يستشف من برودة الموقف الدولي حيال التمسك بالحريري على راس الحكومة، بعدما استهلكت رئاسته للحكومات المتعاقبة في تسويات وتنازلات أضرت به وبتمثيله للشارع السني، وأيضاً بصورته المقاومة لنفوذ وتأثير حزب الله على الدولة وسطوته على السلطة الحاكمة في لبنان.

فبعدم تسمية القوات له، عاد الحريري واكتسب موقعا طبيعيا له في المعارضة للمعادلة الايرانية المسيطرة على مفاصل السلطة والتي كانت ستفرض عليه حكومة اللون الواحد. فخروجه من رئاسة الحكومة اعادته الى موضع اقوى من موضعه في رئاسة حكومة امر واقع، هذا لو كتب له التوفيق في التأليف لو تمت تسميته.

“القوات” التي لم تسم احداً، أعلنت ايضا أنها لن تشارك في أية حكومة مستقبلية، ما يعني حسمها لموقفها كقوة معارضة للسلطة، ما سيفتح مرحلة جديدة شديدة التوتر بينها وبين السلطة.

الحزب التقدمي الاشتراكي سجل موقفه السيادي المعارض للسلطة ولمرشح حزب الله حسان دياب بتسمية نواف سلام. علما ان رئيس “الاشتراكي” وليد جنبلاط كان يفضل الحريري، وقد لامه على موقفه بسحب اسمه من التداول للتكليف، وما تغريدة وليد بك بالأمس حول كونه اقلية، الا للدلالة على ان مشروع القوى السيادية يفشل باستمرار لأن الاعتبارات الشخصية تطغى على متطلبات المواجهة لمحور 8 اذار.

رابعا: ما حصل في التكليف يثبت أيضاً وأيضاً حقيقة نتأسف ان يكون جزء من الحراك الشعبي لا يزال يصر على تجاهله: حقيقة ان الخصم الحقيقي للحراك وان كان فعلا هو السلطة الا انه الفريق الداعم الواقف ما وراء السلطة ونعني بذلك محور إيران ـ حزب الله.

فأية اصلاحات اقتصادية او مالية او انقاذية للأوضاع في لبنان كما يطالب الشعب، ستصطدم بحجب اية مساعدة دولية وخليجية للبنان، ما سينعكس عجز لأية حكومة على ايجاد الحلول إذا كانت الحكومة حكومة إيران وحزب الله كما يبدو ان الامور متجهة.

وبالتالي من الاهمية أن يرفض الحراك الشعبي التكليف، لأن السلطة حزمت أمرها في تشكيل حكومة تكنو ـ سياسية على ان يكون التكنوقراط فيها معينين من احزاب السلطة: التيار الوطني الحر، وحركة امل، وحزب الله.

فلا اصلاحات ولا تحسين للأوضاع المعيشية في ظل حكومة مواجهة وتحد للإرادة الدولية والخليجية، وهنا البيت القصيد الذي يجب على الحراك أن يتنبه له من الآن وصاعداً.