الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان يقر موازنته.. ثورة نرجيلة وجبنة وسلاح في الشارع

بعد جلسات ماراتونية ربطت النهار بالليل، أقرّت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، مشروع قانون موازنة 2019، على أن تُحيلها إلى مجلس النواب لتُصبح قانوناً نافذاً.

فعلى مدى 17 جلسة وأكثر، غاصت الحكومة في أعماق الأرقام والفصول والبنود وسط شدّ حبال و”كباش” حاد بين مكوّناتها، وخرجت بموازنة “تقشفية” من 86 مادة هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان بتخفيضها نسبة العجز إلى حدود الـ7،6%، وفقاً لما كشفه وزير الإعلام، وكلها تتعلق بكيفية تحسين الواردات وخفض النفقات في وزارات وقطاعات وأبواب معينة.

ورافق مناقشات الحكومة غليان الشارع باعتصامات للموظفين والمعلمين والعسكريين المتقاعدين وإضراب موظفي قطاعات حيوية في البلد رفضاً للمسّ بحقوقهم ومكتسباتهم في مشروع الموازنة، دفع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في رسالة تطمينية إلى القول “إن المضربين يجهلون لماذا يضربون، لغاية الآن أنا لا أعرف سبب لجوء البعض إلى الإضراب، مع أنهم غير مشمولين بأي مادة من مواد الموازنة، ولا حتى تم التطرق إليهم”.

ومع أن وزير المالية اللبناني علي حسن خليل أشار إلى “أن إنجاز الموازنة بأرقام عجز مشجّعة، محطة مهمة ستكون لها انعكاسات إيجابية اقتصادياً ومالياً”، غير أن ما أقرّ من رسوم وضرائب لا تُضيف إلا القليل على الواردات باعتراف وزير المال نفسه في تصريح سابق، ذلك أن يد الحكومة امتدت إلى مصادر تمويل “خجولة” غافلةً النظر عن طرق أبواب هدر كبيرة تبدأ بوقف التوظيف العشوائي في القطاع العام والتهرّب الضريبي والجمركي ولا تنتهي بالاعتداء على الأملاك البحرية، بشهادة القوى السياسية كافة.

فما هي الضرائب والرسوم التي أقرّتها الحكومة اللبنانية بأسلوب “سلبي” تحت ذريعة حماية بعض القطاعات أو المنتجات اللبنانية ورفع معدل الإيرادات؟

ثورة النرجيلة!
لعل أوّل ما ثبّت القول بالفعل في فقدان اللبنانيين المزيد من الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة خروجها بموازنة غير “نوعية” تفتقد إلى الرؤية الاقتصادية رغم الوقت الطويل الذي استغرقته المناقشات، وفرضها رسوما على أمور تُعتبر نقطة في بحر مزاريب الهدر والفساد.
وكانت النرجيلة أولى الضحايا بإقرار الحكومة زيادة ألف ليرة على كل “نفَس نرجيلة” رغم محاولة وزير السياحة إلغاء الرسم لأسباب مرتبطة بالسياحة، خصوصاً أن معظم اللبنانيين يقصدون المطاعم لأخذ “نفس نرجيلة”، علماً أن في الدول المُتحضّرة التي تفرض رسوماً مرتفعة على التبغ، إنما يكون ذلك بهدف خفض نسبة المدخنين بين السكان، وتمويل طبابة المدخنين الذين ترتفع احتمالات إصابتهم بأمراض شتى.

وأشعلت النرجيلة ثورة على مواقع التواصل، حيث انتقد العديد من اللبنانيين الأمر، في حين سخر البعض الآخر من تلك الضرائب التي لا تغني ولا تسد جوعا.

%2 على المستوردات
وبهدف حماية الإنتاج الوطني وتخفيف الاستيراد، أقرّت الحكومة أيضاً الرسم المقطوع 2% على المستوردات، لاسيما في قطاعات الرخام والغرانيت، النسيج والملبوسات، البرغل والطحين (من دون المساس بسعر ربطة الخبز)، أنابيب الحديد، الألمينيوم، الأدوات الصحية والمفروشات، صناعة كرتون صواني البيض، البسكويت والويفر، الكورنفليكس، البرادات والمجمّدات والأفران والغسالات، صناعة المحارم المعطرة والمأكولات المعلبة والورق الصحي، الأحذية والمصنوعات الجلدية ومستلزماتها. واستثني منها الدواء وكل ما يعتبر حاجة للصناعة اللبنانية وللإنتاج المحلي، كالآلات والماكينات والأسمدة والسيارات الصديقة للبيئة.

واعترضت بعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة على هذا الرسم، لأنه برأيها “ضريبة على الاستهلاك” ستطال كل اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والمرتفع.

“نريد أكل جبنة لبنانية لا فرنسية”!
وفي معرض “تبريره” لهذه الرسوم، قال وزير الاقتصاد اللبناني “يهمّنا أن نأكل جبنة لبنانية لا فرنسية، ومن يريد الجبنة الفرنسية “صحتين على قلبه” لكنه سيدفع 2 بالمئة”.

تعليق أثار بدوره ردود أفعال متضاربة بين اللبنانيين في الشارع وعلى مواقع التواصل.

ومن القرارات التي اتّخذت فرض رسم مليون ليرة (نحو 660 دولارا أميركيا) على الزجاج الداكن للسيارات في شكل كامل.

من احتجاج العسكريين المتقاعدين في لبنان(21 مايو- فرانس برس)
تشريع حمل السلاح
ولعل أكثر القرارات التي أثارت حفيظة اللبنانيين، لأنها ستُساهم في رفع معدلات الجريمة وانتشار الفوضى، فرض الحكومة رسم 200 ألف ليرة (حوالي 130 دولارا) على رخص السلاح، وهو ما اعترض عليه عدد من الوزراء، معتبرين أن ذلك من شأنه “أن يُشرّع حمل السلاح، في وقت لبنان يرزح تحت ثقل ترسانة من السلاح غير الشرعي الخارج عن إرادة وسلطة الدولة”.

صالون الشرف بالمطار
إلى ذلك، أقرّت الحكومة زيادة الرسوم على الأعمال القنصلية في الخارج، وكلّفت وزارة الخارجية إعداد مشروع مرسوم يتعلق بتعديل الرسوم على تأشيرات الدخول إلى لبنان مع الأخذ في الاعتبار مبدأ المعاملة بالمثل، وإعداد مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم قسم جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة وتعديل الرسوم عليها. كما أقرّت زيادة على رسم الطابع في وزارة الخارجية، فرفع من ألف إلى ٥ آلاف ليرة (نحو 3 دولارات أميركية).

إلى ذلك، كلّفت الحكومة وزارة الأشغال العامة والنقل رفع التعرفة على فتح صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي، بحيث تصبح 500 ألف ليرة (نحو 345 دولارا أميركيا) عن كل ساعة يفتح فيها الصالون لشخص واحد مع مئة ألف ليرة إضافية (حوالي 60 دولارا أميركيا) عن كل شخص مرافق يتجاوز عمره الثمانية عشر عاماً.

لا تخفيض للرواتب
أما رواتب ومعاشات المتقاعدين والموظفين التي فتحت الشارع أمام موجات من الإضرابات والاعتصامات لأصحابها رفضاً للمسّ بها، فلم تتجرؤ الحكومة اللبنانية على مد يدها إليها، واستعاضت عن تخفيضها مباشرةً بأن يدفع العسكريون المتقاعدون نسبة 3 في المئة من رواتبهم كبدل للتقديمات الصحية، كما هو الحال مع الموظفين المدنيين، من دون أن يطال ذلك عائلات شهداء الجيش والقوى الأمنية.

وبالنسبة لرواتب النواب السابقين، فقد أقرّت الحكومة تخفيضها بحسب دورة كل واحد منهم وعدد الدورات النيابية. فراتب النائب إذا توفّي يتوقف إلا إذا كان أولاده تحت سن الـ18 عاماً. أما النائب الذي فاز بأربع دورات سيتقاضى 40 بالمئة من راتبه”.

 

المصدر: بيروت – جوني فخري