الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لقاء بعبدا الثلاثي: عودة “الترويكا” بالشكل والمضمون؟!

في الشكل، كان لقاء بعبدا الثلاثي ، الذي جمع لأول مرة منذ عيد الإستقلال رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس نبيه بري والحكومة سعد الحريري ، لقاء وديا و”طيبا”، أقرب الى لقاء مصارحة وغسل قلوب، غابت عنه أجواء التشنج وتخللته “قفشات” وتعليقات طريفة وكأن شيئا لم يحصل بين أركان الحكم الذين لديهم قدرة فائقة على تجاوز الخلافات وتليين المواقف وتدوير الزوايا.

في المضمون، كان اللقاء مثمرا و”دسما”، وخلص الى نتائج إيجابية تجاوزت التوقعات واتفق فيه على كل شيء تقريبا. وهذه لائحة بما تم الاتفاق عليه:

– الاتفاق على إبلاغ الأمم المتحدة تأكيد موقف لبنان الرافض لأي تعد على الأرض اللبنانية، ولاسيما ترسيم الحدود والنقاط ١٣ المختلف عليها وتفعيل الاتصالات الديبلوماسية للدفاع عن موقف لبنان، والمحافظة على حق لبنان في مياهه الإقليمية وحقوله النفطية. وفي هذا الإطار، حصل تنويه بموقف الجيش اللبناني في اجتماع الناقورة (مع ضباط إسرائيليين برعاية الأمم المتحدة)، وتأكيد على الموقف اللبناني الموحد تجاه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية والذي سيصدر اليوم عن اجتماع مجلس الدفاع الأعلى.

– تفعيل عمل المؤسسات، لاسيما مجلسي النواب والحكومة، وانطلاقا من اجتماع مجلس الدفاع الأعلى وجلسة مجلس الوزراء.

– مناقشة وإقرار موازنة ٢٠١٨ في أسرع وقت ممكن، وفتح عقد استثنائي لمجلس النواب.

– ترجمة النتائج المرتقبة من مؤتمر باريس عبر مشاريع القوانين والخطوات اللازمة للاستفادة من هذا المؤتمر.

– العمل لإنجاح مؤتمر روما المتعلق بدعم الجيش اللبناني.

– معالجة موضوع مرسوم الضباط في الإطار الدستوري والقانوني (على الأرجح استنادا الى صيغة الاقتراح الذي طرحه بري وأرسله الى الحريري عبر جنبلاط).

– الاتفاق على تعديل مجلس النواب للمادة المتعلقة بالبطاقة الممغنطة التي أقرها القانون الجديد (ليصار الى عدم استخدامها في الإنتخابات المقبلة استثنائيا لمرة واحدة)، وذلك لقطع الطريق أمام الطعن بالانتخابات لاحقا.

– معالجة ما شهدته الساحة اللبنانية من أحداث خلال الأيام الماضية وأسبابها.

– الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني، لاسيما أن لبنان مقبل على المشاركة في مؤتمرات دولية نظمت لمساعدته.

– توفير المناخات السياسية والأمنية لإجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل في أجواء من الديموقراطية.

في النتيجة والمحصلة السياسية، أبرز ما يعنيه لقاء بعبدا هو “إحياء أو عودة الترويكا” التي كانت “ناشطة” في مرحلة ما بعد الطائف وحتى العام ٢٠٠٥، وبعد هذا التاريخ ظلت سارية المفعول كصيغة حكم ولكن طبقت على نحو متقطع، فانحسرت في السنتين الأخيرتين من عهد الرئيس لحود (٢٠٠٥ ـ ٢٠٠٧)، واستعادت اعتبارها في عهد الرئيس ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة، وانحسرت بشكل ملحوظ منذ وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا .

لقاء بعبدا جسد “في الشكل” “الترويكا” الرئاسية كمركز قرار وتوافق على السياسات والتوجهات العامة الأساسية، حتى ان تعبير “الرؤساء الثلاثة” عاد الى التداول، بعدما كان جرى، ومن أيام الرئيس إميل لحود، اعتماد نظرية بروتوكولية تفيد بأنه يجب إلغاء مصطلح “الرؤساء الثلاثة” وبدلا منه يجب إيراد اسم رئيس الجمهورية منفصلا ومن ثم القول رئيسي المجلس النيابي والحكومة للحفاظ على مكانة رئيس الجمهورية كرئيس متقدم بين 3 رؤساء متساوين.

من الطبيعي أن يخرج الرئيس بري مرتاحا من لقاء بعبدا وان تنفرج أساريره وأن يكون راضيا تماما ويضع علامة 10 على 10. لأن “الهدف السياسي” من هذا اللقاء قد تحقق وهو عودة “الترويكا” بما تعنيه من عودة رئيس المجلس الى صلب مركز القرار ليكون شريكا في السلطة التنفيذية، ومن “تجاوز” لثنائية عون الحريري التي طبعت السنة الأولى من العهد وأثارت الهواجس لدى بري من أن تكون مقدمة الى إحياء الثنائية المارونية السنية في الحكم والعودة الى جمهورية ما قبل الطائف .

ففي أساس كل ما قاله وفعله الرئيس بري في الشهرين الماضيين وحركته الاعتراضية الواسعة، هو رفض نزعة التهميش والتحجيم لدوره المحوري ونفوذه الراسخ منذ 3 عقود، ورفض «مظاهر ومنحى الإخلال بـ”جمهورية الطائف” عبر أحادية أو ثنائية.

فالرئيس بري يرى أن الطائف ليس «دستور ٤٣ على مستوى ممارسة الحكم خصوصا على مستوى العلاقة بين الرؤساء الثلاثة، وأن ما بقي من جمهورية الـ ٤٣ ويبقى المحافظة عليه هو “الميثاقية”.

وفي السياق، قالت مصادر وزارية رئاسية لصحيفة “السياسة” الكويتية، إن هناك خريطة طريق تم التوافق عليها، لنزع فتيل التوتر في ما يتعلق بعدد من الملفات التي أثارت خلافات بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن يُصار إلى البدء بترجمة الخطة في المرحلة المقبلة، استناداً إلى مخارج دستورية اتفق عليها خلال اللقاء الرئاسي.

كذلك، أكدت مصادر وزارية لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن نتائج “الإجتماع الثلاثي” يوم الثلثاء الذي تلاه يوم أمس اجتماع آخر جمع كلاً من رئيس الحكومة ووزير المال علي حسن خليل ووزير العدل سليم جريصاتي ووزير الدفاع يعقوب الصراف ومدير الأمن العام عباس إبراهيم، ستترجم عبر إنهاء الخلاف حول “مرسوم الضباط”، وذلك عبر دمجه مع «مرسوم ترقيات» على أن يتم توقيعه من قبل وزير المال علي حسن خليل، إضافة إلى الوزراء المعنيين ورئيسي الجمهورية والحكومة.

وأكدت المصادر على أن “مرسوم الأقدمية يُعتبر نافذاً، ولو لم يُنشَر في الجريدة الرسمية”، لافتة إلى أن “اقتراح الدمج” الذي كان قد تقدم به بري ولم يلق تجاوباً من الرئاسة الأولى، هو حل وسطي يرضي طرفي النزاع. وأمس نقل النواب عن بري قوله: “جرى الاتفاق على الآلية وفق الأصول الدستورية والقانونية لمعالجة الملفات والقضايا العالقة»، وقال: «تبقى دائماً العبرة في التنفيذ”.

وانسجاماً مع الأجواء الإيجابية التي تحرص كل الأطراف على إشاعتها، تتجه الحكومة اللبنانية إلى إنهاء المواضيع الخلافية المتراكمة في جلستها التي تُعقَد اليوم، بعد غيابها الأسبوع الماضي، أهمها الإقرار بفشل إضافة بعض الإصلاحات على قانون الإنتخابات ، وتحديداً تلك المتعلقة بالبطاقة الممغنطة والتسجيل المسبق، وهو ما أشار إليه بشكل واضح وزير الداخلية نهاد المشنوق بعيد مشاركته في اجتماع “المجلس الأعلى للدفاع” يوم أمس بالقول: “في جلسة الغد بندان لوزارة الداخلية؛ الأول مرتبط بالبحث بتعديل المادة 84 لتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة لمرة واحدة والثاني لاتخاذ قرار بمكننة الأحوال الشخصية”.

وكان طرح البطاقة الممغنطة التي ستعتمد كهوية شخصية أيضاً، أحد أبرز الخطوات المفترضة لمكننة العملية الانتخابية لإبعاد الفساد والتلاعب في الإنتخابات ، عبر حفظ البيانات الشخصيّة للناخب، وقراءتها إلكترونياً في مختلف الدوائر، رغم أن تكلفتها كانت ستبلغ نحو 130 مليون دولار، بما فيها الأمور اللوجيستية.

 

المصدر الانباء الكويتية السياسة الكويتية الشرق الاوسط