الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مجازر ترتكبها القوة الامنية مستخدمة "القنابل" والرصاص المطاطي تستدعي اللجوء للمحكمة الجنائية

يوم جديد من المواجهات بين الثوار والقوى الامنية التي تنفذ قرار السلطة السياسية بقمع المتظاهرين بكل ما اوتيت من قوة، مستخدمة في ذلك خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والعصي والهروات، منتهكة القانون الدولي في تعاطيها مع ما يحصل على الارض، فاعداد الجرحى بالمئات، والاصابات مباشرة على الرأس والعنق والصدر والظهر، وهو ما دفع منظمات حقوقية دولية الى رفع الصوت مطالبة باجراء تحقيق شفاف واتخاذ تدابير تأديبية لا بل اللجوء الى المحكمة الجنائية.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” اعتبرت ان القوى الأمنية اللبنانية استخدمت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، خلال المظاهرات في وسط بيروت وبأنها ألقت عددا ضخما من قنابل الغاز المسيّل للدموع، ليس لتفريق المتظاهرين فقط بل لدى محاولتهم المغادرة أيضا، وأطلقت عليهم الرصاص المطاطي ورشتهم بالمياه، كما اقدمت على ضرب بعض المتظاهرين بعنف شديد متسببة بجروح خطيرة لهم.

نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في” هيومن رايتس ووتش” جو ستورك اعتبر انه”بدل معالجة مطالب المحتجين، وهي جدية جدا، نشرت السلطات اللبنانية القوى الأمنية التي أطلقت الرصاص المطاطي والغاز المسيّل للدموع وضربت متظاهرين دون أن تدعو الحاجة إلى ذلك. لذلك ينبغي لقادة جميع القوى الأمنية إصدار توجيهات واضحة حول توقيت وكيفية استخدام الغاز المسيّل للدموع ومعدات أخرى للسيطرة على الشغب”، واضاف “القوى الأمنية اللبنانية ملزَمة بالتقيُّد بمعايير حقوق الإنسان المتعلقة باستخدام القوة، بما يشمل الرصاص المطاطي والغاز المسيّل للدموع. لكنها لم تتقيد بها وعليها اتخاذ هذه الخطوة لتفادي الأذى غير الضروري”.كما ينبغي لقيادات جميع الأجهزة الأمنية ضمان اتخاذ إجراءات تأديبية بحق جميع عناصر قوى إنفاذ القانون الذين استخدموا القوة المفرطة، بما في ذلك المحكمة الجنائية إذا لزم الأمر، وعلى النيابة العامة البدء فورا بتحقيقات مستقلة ونشر نتائجها.

منظمة العفو الدولية اشارت الى أن “ما شهدناه هو اعتداء يثير القلق إزاء حرية التجمع والتعبير. لقد تعدّت قوات الأمن بالضرب على المحتجين بصورة وحشية، وسحلتهم في الشارع إلى مركز الشرطة، وأساءت إليهم لفظياً وبدنياً؛ كما أطلقت كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية”. ورأت “إن تصرفات قلة من المحتجين الذين قاموا بتخريب البنوك، أو قذفوا الحجارة، ليست مبررًا أبدًا لمثل هذا الاستخدام المفرط للقوة، والاعتقالات الواسعة من قبل المكلفين بتطبيق القانون”، معبرة عن قلقها “لأن قوات الأمن قامت بالاعتداء على مصورين صحفيين ومصورين، وهددتهم وتعدت عليهم بالضرب، وأتلفت معداتهم.

كما سجلت الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب مئات الحالات التي تضمنت الاستخدام المفرط للقوة من قبل اجهزة انفاذ القانون منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 تشرين الأول 2019. وشددت الهيئة على ضرورة حسن تطبيق مدوّنة قواعد سلوك عناصر الجيش في إنفاذ القانون، ومدونة قواعد سلوك عناصر قوى الامن الداخلي، والتي تشكّل مرجعاً لهيئات انفاذ القانون يحدد بدقة السلوك الواجب اعتماده خلال تأدية مهماتهم لمراعاة معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، وجدّدت مطالبتها السلطات اللبنانية بضمان احترام الحق في التظاهر السلمي وعدم استخدام العنف المفرط بحق المتظاهرين المطالبين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية المشروعة والامتناع فوراً عن التوقيفات العشوائية المخالفة للقانون.

واشارت الهيئة الى أن حوادث اطلاق الرصاص المطاطي والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع قد ادت الى وقوع العديد من الاصابات، لكن “أخطر ما تم تسجيله أداء وتصرفات عشرات من رجال انفاذ القانون بثياب عسكرية ومدنية بطريقة انفعالية مفرطة وغير مهنية”. ووثقت الهيئة “واحدة من الانتهاكات امام ثكنة الحلو في بيروت حيث رفض عناصر قوى مكافحة الشعب الامتثال لاوامر الضابط المسؤول اثناء هجومهم المفرط على المحتجين واصابتهم بالعصي في أماكن يحظر التصويب اليها كالرأس والرقبة والصدر، ما ادى الى وقوع اصابات خطيرة وحرجة” واعتبرت الهيئة ان” هذه التصرفات تستوجب فتح تحقيق فوري ومحاسبة المخالفين، والاعفاء التأديبي لاي عنصر يثبت عدم قدرته تنفيذ مهام حفظ الامن ومكافحة الشغب بمهنية ومناقبية، نظراً الى ان هذه التصرفات قد تؤدي الى انتهاكات خطيرة ترقى الى استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين”.

لم تراع القوى الامنية مبادئ حقوق الانسان الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية، والتي تنص على ان أي استخدام للقوة من قِبل قوى إنفاذ القانون يجب أن يكون متناسبا، وينبغي تصعيده فقط في حالة عدم فعالية التدابير الأخرى لمعالجة تهديد حقيقي وعدم قدرتها على تحقيق النتيجة المرجوة، كذلك لم تراع ما ورد في مدونة قواعد سلوك عناصر قوى الأمن الداخلي، والتي تنص على أن عنصر قوى الأمن “يمتنع عن استخدام القوة إلا في حالة الضرورة بشكل يتناسب مع الوضع وبعد استنفاد كافة الوسائل غير العنفية المتاحة وضمن الحدود اللازمة لأداء الواجب”، وبدلا من ذلك استخدمت القوة المفرطة من خلال الرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع وذلك بشكل مخالف لما ورد في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية، التي تنص على ان الغاز المسيل للدموع وان لم يكن سلاحا قاتلا، الا انه قد يتسبب في مشاكل طبية خطيرة لذلك يجب استخدامه عند الضرورة وكرد فعل متناسب لكبح العنف، كما ينبغي ألا يستخدم بكميات كبيرة في أماكن مغلقة وأزقة ضيقة، وألا تُطلق عبوات الغاز مباشرة على أي شخص، وألّا يكون الإطلاق أبدا من مسافة قريبة، كما على القوات الأمنية حيثما أمكن تحذير المتظاهرين قبل إطلاق الغاز، الا ان القوى الامنية امطرت المتظاهرين به واصابتهم بالمباشر من مسافة قريبة جداً.

وفيما يتعلق بالرصاص المطاطي نصت إرشادات الأمم المتحدة حول استخدام “الأسلحة الأقل فتكا”، انه ينبغي عموما استخدام المقذوفات ذات التأثير الحركي، مثل الرصاص المطاطي، في إطلاق نار مباشر فقط باتجاه الجذع الأسفل أو الأرجل لشخص عنيف وفقط بهدف منع تهديد وشيك ضد أي من مسؤولي إنفاذ القانون أو أحد أفراد الجمهور، وبحسب الإتفاقيات الدولية ولجنة حقوق الإنسان

١- يُمنع إطلاق الرصاص المطّاطي على مسافة أقل من ٤٠ متر

٢- يُمنع إطلاق الرصاص المطّاطي على غير الأرجل

٣- يُمنع إطلاق الرصاص المطّاطي في الليل

مع العلم ان اجتهادات جديدة من محاكم فرنسا تمنع استخدام الرصاص المطاطي بسبب خطورته على الحق في الحياة والصحة، في حين تطلقه القوة الامنية في لبنان بشكل كثيف وعشوائي ومن مسافة مترين على الرأس والرقبة والصدر، بدلا من استخدامه بدقة لتعطيل المتظاهرين من دون أذيتهم، وقد ادى ذلك الى فقدان عدد كبير من الثوار لاحدى عينيهم كذلك الى بتر احد اطرافهم.

كذلك الامر فيما يتعلق بخراطيم المياه التي يجب استخدامها فقط في حالات الاضطراب العام الخطير حيث يكون هناك احتمال كبير لحدوث خسارة في الأرواح أو إصابة خطيرة أو تدمير واسع للممتلكات مع منع استخدامها من مسافة قريبة، الا ان القوى الامنية لا تراعي ذلك وتوجهها مباشرة على الثوار الامر الذي ادى الى اصابة عدد كبير منهم بكسور ورضوض في انحاء متفرقة من جسدهم.

ما ترتكبه القوة الامنية بحق الثوار مجازر تستدعي اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة كل من يظهر تورطه فيها.