السبت 18 شوال 1445 ﻫ - 27 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مركز كارنيغي: أزمة لبنان خطيرة وما من رصاصة خلاص!

اعتبر مركز كارينغي للشرق الاوسط انه مع مواجهة لبنان لأزمة مالية حادة، تبنت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب برنامجاً اقتصادياً وطلبت المساعدة من صندوق النقد الدولي لتنقسم مواقف الافرقاء بين من اعتبر صندوق النقد منظمة تخدم الرأسمالية الاستغلالية وبين من اعتبره المنقذ لازمات لبنان.

صندوق النقد الدولي لن يساعد لبنان بحسب “كارنيغي” الا اذا نفّذ شروطاً محددة، ولن يكون رصاصة خلاص، مؤكداً على ضرورة توصل الطرفين إلى تفاهم سريع، لافتاً الى ان تفاؤل لبنان بحزمة المساعدات من صندوق النقد مفرطة، حيث اقترحت السلطات اللبنانية مساعدة بقيمة 10 مليارات دولار.

لكن نظراً إلى حصة لبنان الصغيرة في الصندوق والتي تصل الى ما يعادل 861 مليون دولار والشكوك حول قدرة الحكومة على تنفيذ برنامجها الاصلاحي فانه من غير المحتمل أن يقدم صندوق النقد أكثر من 3 إلى 5 مليارات دولار، وهو أربعة إلى خمسة أضعاف حصة لبنان فيه.

كما رجح المركز أن تطلب الحكومة اللبنانية مساعدات من الدول التي تعهدت بمساعدة لبنان في مؤتمر سيدر، وربما من بعض دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قد يصل حجم المساعدات الى 20 مليار دولار، يحصل عليها على مدى عدة سنوات، لذلك فإن مساعدة الصندوق ستكون ثانوية مقارنة بما سيحصل عليه لبنان لمجرد دعمه له.

واعتبر “كارنيغي” ان سياسة لبنان شديدة التعقيد والشكوك التي تدور حول التزام الحكومة ترفع نسبة امكانية حجب صندوق النقد الدولي مساعدته للبنان، حيث يتوقف الامر على ثلاثة امور تتعلق بكيفية التفاوض ومراقبة عمل الحكومة:

أولا: ستكون المفاوضات بحسب المركز مثيرة للجدل وستشمل جولات متعددة تستغرق أشهراً بدلاً من أسابيع.

ثانيًا: حتى بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي لن يقوم صندوق النقد الدولي بصرف الأموال حتى يتم اقرار عدد من “الإجراءات المسبقة” وهي تشكل البرنامج الذي يجب على لبنان الالتزام به قبل إجراء أول عملية صرف.

ثالثًا حتى بعد تنفيذ هذه الإجراءات سيكون لدى صندوق النقد الدولي قائمة بإجراءات أخرى يتوقع تنفيذها مع مرور الوقت. ولرصد تنفيذها سيركز صندوق النقد على مراجعات الموظفين الفصلية (أو حتى الشهرية)، حيث سيتم ربط المدفوعات الفعلية للقروض بهذه المراجعات، ولن يتم تقديم إلا مبالغ صغيرة بعد اكتمال كل مراجعة بنجاح.

ورأى المركز ان برنامج صندوق النقد الدولي سيركز على السياسات التالية: انخفاض كبير في قيمة الليرة اللبنانية (يليه شبه تعويم لسعر الصرف) يهدف إلى استعادة القدرة التنافسية الاقتصادية، وخفض عجز الحساب الجاري، والمساعدة في إعادة بناء الاحتياطيات، جهد مالي هائل يولد فائضاً أولياً على مدى العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة، تخفيض عميق للديون يحقق الاستدامة ويضمن أن البلاد لن تواجه صعوبات في خدمة ديونها في المستقبل، إعادة رسملة النظام المصرفي، وإعادة هيكلة مصرف لبنان، لن يكون من السهل تنفيذ أي من هذه الإجراءات، وسيكون الاصلاح الاقتصادي مؤلمًا وطويلًا.

سيطلب صندوق النقد الدولي بحسب “كارنيغي” إجراء بعض الإصلاحات المالية الكبيرة على الفور، منها في قطاع الكهرباء. وكما عادته سيطلب الصندوق توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض الإعانات وتحسين إدارة الضرائب والجمارك، مشيراً الى ان الجدل سيدور حول رواتب المتقاعدين وتدابير مكافحة الفساد وخفض حجم الخدمة المدنية.

من ناحية الديون، سيطلب صندوق النقد الدولي تخفيض كبير في ديون الدولة، وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي فاعتبر المركز انه المكان الذي ستكمن فيه معظم التعديلات الصعبة، حيث سيكون الهدف الفوري استعادة سيولة المصارف، مما يسمح بإلغاء تجميد الودائع، هذه العملية لن تكون سهلة وستستغرق بعض الوقت، كونها تتطلب إعادة هيكلة وتقليص جذري للقطاع المصرفي وإعادة رسملة المصارف المتبقية، اما الهدف النهائي فيكمن في الوصول الى استعادة القطاع المصرفي للتمويل الأجنبي وإعادة توجيهه نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادي بدلاً من كونه اداة للتمويل الحكومي.

ستكون المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي بحسب “كارنيغي” معقدة وطويلة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الإصلاح المالي وتخفيض الديون، وإعادة هيكلة المصارف، واعتبر المركز ان البرنامج الاصلاحي للحكومة قدّر الخسائر التي يجب أن يتحملها المودعون ب 44 مليار دولار.

وبحسب التقديرات لإجمالي ودائع القطاع المصرفي والتي تبلغ حوالي 134 مليار دولار بعد انخفاض قيمة العملة، فإن اعادة الهيكلة ستطلب حسم 33 في المائة من جميع الودائع، أو أكثر من 55 في المائة من الودائع التي تزيد عن 500 ألف دولار (تمثل حوالي 2 في المائة من جميع الحسابات)، أو 70 في المائة من الودائع التي تزيد عن المليون دولار (تمثل حوالي 1 في المائة من جميع الحسابات)، وهذا ما سيشكل واحدة من أكبر عمليات إنقاذ المودعين في التاريخ الاقتصادي الحديث.

واشار المركز الى ان صندوق النقد سيوفر الغطاء السياسي اللازم لتنفيذ إجراءات صارمة وسيستفيد لبنان من خبرة الصندوق في البلدان التي واجهت أزمة مالية مثل ايرلندا والبرتغال واليونان وقبرص لتحسين إدارة الضرائب.

وختم “كارنيغي” مؤكدا على اهمية مساعدة صندوق النقد الدولي للبنان، لافتاً الى عدم نجاح اي برنامج من دون مشاركة حكومة مستعدة للعمل بجديّة لتطبيق الإجراءات الصارمة، الا ان الحكومة اللبنانية الحالية قد لا تلتزم ببدء إصلاحات طموحة، واذا لم تقدم على ذلك فإن لبنان على موعد مع الانحدار التدريجي إلى وضع أسوأ بكثير مشابه لما حصل في فنزويلا.

 

تنويه: هذا المقال قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية من مركز Carnegie