الثلاثاء 9 رمضان 1445 ﻫ - 19 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مسؤول مالي لبناني: مصرفيون هرّبوا 6 بليون دولار خارج لبنان

هرّب المصرفيون ما يصل إلى 6 بليون دولار خارج لبنان منذ تشرين الأول، عبر التحايل على الضوابط التي وضعت قيد التنفيذ لوقف هروب رأس المال، وذلك في ظل ّ انغماس البلاد في أسوأ أزماتها المالية منذ 30 عاماً، وفقا ًلمؤسسة التمويل المدني العليا.

 

وقال ألان بيفاني، الذي استقال من منصبه كمدير عام للمالية العامة قبل أسبوعين احتجاجاً على الطريقة التي عالجت بها الدولة الأزمة، لصحيفة فاينانشيال تايمز في مقابلة أجرتها معه: أنّ النخبة السياسية والمصرفية تحاول “مواصلة الاستفادة من النظام دون أن تتكبد أي خسارة”، في حين أنّ اللبنانيين العاديين “يدفعون اليوم ثمنا ًباهظاً”.

وادّعى بيفاني أنّ بيانات القطاع المصرفي تبين أنّ بين 5.5و 6 بليون دولار قد “تم تهريبهم خارج البلاد من قبل مصرفيين لا يسمحون لجميع المودعين الآخرين بسحب 100 دولار من مدخراتهم”. وقال إنه توصل إلى هذا التقدير استناداً إلى تفسيره للأرقام إضافةً إلى المشاورات التي أجراها مع هيئة الرقابة المصرفية في لبنان.

وقد أدّت المخاوف التي تقضي بسحب الودائع إلى فرض قيود مصرفية غير رسمية في تشرين الأول الماضي. ومن ضمن هذه القيود إمكانية المودعين سحب ما لا يقل عن 200 دولار كل أسبوعين، وعدم إعطائهم حرية تحويل الأموال إلى الخارج إلا في ظروف استثنائية. ولم تسنّ الحكومة تشريعات لمراقبة رأس المال، بل أعطت الحرية للمصارف لأن تفرض الحدود الخاصة بها.

على الرغم من الضوابط، انخفضت ودائع العملات الأجنبية للعملاء المقيمين من 82 بليون دولار في الخريف الماضي إلى 71 بليون دولار بحلول أيار، وفقاً لبيانات المصرف المركزي. وقال رياض سلامة، حاكم المصرف، إنّ جزءا ًكبيراً من هذا الانخفاض يتعلق بتسوية القروض المحلية.

وقد خدم السيد بيفاني وهو أعلى موظف حكومي في وزارة المالية لمدة 20 عاماً حتى استقالته من منصبه، وكان أول من دقّ ناقوس الخطر محذراً مما أسماه “التفكيك السريع للدولة “.

وإذا قمنا بمقارنة مشاكلنا اليوم مع تلك التي كانت في عام 1975، عندما اندلعت حرب أهلية دامت 15 عاماً، يقول السيد بيفاني أنه رأى “عودة الشياطين القدامى إلى لبنان. وبأن ّملايين من البشر قد وقعوا في موقف خطير وسيء جداً. ”

ويأتي تحذيره بعد أن غرق لبنان في أزمة اقتصادية تعود جذورها إلى الاعتماد على الواردات من جهة وإلى ديون الدولة التي بلغت 90 مليار دولار أميركي، والتي عجزت عن الوفاء بها في آذار من جهة ثانية. بالإضافة إلى الاحتجاجات المناهضة للفساد التي وقعت في تشرين الأول الماضي والتي أطاحت بالحكومة، والمزيد من الاضطرابات الني حدثت هذا الربيع، اضافة الى الأزمة المصرفية، وتأثير وباء كوفيد-19، كل هذه العوامل زادت من حدة المشاكل التي تعانيها البلاد.

ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.8 في المئة هذا العام، وفقاً للأرقام الرسمية، في حين توقفت تدفقات العملات الصعبة، وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 80 في المئة في السوق السوداء، فبلغت نسبة التضخم نحو 56 في المئة. وقد أثارت هذه الحالة مخاوف من إمكانية إعادة التوترات الطائفية.

وقد صدم السيد بيفاني اللبنانيين عندما أصبح ثاني مسؤول يستقيل من الفريق الحكومي الذي يتفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن عملية إنقاذ البلاد من الأزمة. “كلنا إرادة”، وهي جماعة لبنانية من جماعات الضغط من أجل الإصلاح السياسي، قالت إن استقالة الموظف المدني البارز في البلد “تؤكّد أنّ النظام السياسي الحالي غير قادر على الإصلاح وبأنه يعمل لمصالح خاصة”.

ومنذ ذلك الحين توقفت محادثات صندوق النقد الدولي بسبب الخلافات اللبنانية الداخلية بشأن حجم خسائر القطاع المالي.

وكان النقاد قد اتهموا السيد بيفاني، وهو مستشار مالي سابق ومصرفي، بالتخلي عن السفينة في منتصف العاصفة والتطلع إلى منصب حاكم المصرف المركزي. في حين أنكر الأخير رغبته في الحصول على الوظيفة ووصفها بأنها “مهمة فظيعة”.

على الرغم من أن السيد بيفاني قد أثار الجدل من خلال مشاجراته السابقة مع السياسيين، يقول المعارضون أنه قد فات الأوان بالنسبة له لإضعاف نظام كان جزءا ًمنه لعقدين من الزمن.

وتجاهل النقاد قائلاً: “إذا كنت فعلاً مهتماً بما يحدث في بلادك، إما أن تقاتل أو لا”، مؤكداً أنه يتنحى الآن بدلاً من أن يكون متواطئاً في انهيار من شأنه أن يزيد من عدم المساواة.

وتابع قائلاً إنّ الأزمة كشفت عن غاية وإصرار الطبقة السياسية التي احتكرت السلطة منذ عام 1990، على حماية مصالحها الخاصة.

واصفاً إياهم ب “النخبة المالية القذرة” من السياسيين والمصرفيين، اتهمهم بالسماح للشعب بتحمل وطأة الأزمة الاقتصادية. وقال” إنّ ما يحدث الآن هو وضع عبء الخسائر ليتحمّلها الشعب من خلال هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

وقد لاحظ النقاد أيضاً أن السيد بيفاني، الذي تمّ تكليفه بأعلى رتبة كمسؤول مالي في الخدمة المدنية، كان عضواً في مجلس الإشراف على البنك المركزي عندما وضع البنك خطة “هندسة مالية” مثيرة للجدل لتعزيز تدفق الدولار.

واعتبارا ًمن عام 2016 قدمت هذه الخطة أسعار فائدة عالية على الودائع بالدولار، وحافظت على تدفق العملة الخضراء إلى البلاد ودعمت المقرضين المحليين. ولكن الأسعار المزدوجة المعروضة تقلل من الاستثمار في الصناعات الإنتاجية بينما تضع البنوك أكثر من نصف أصولها في البنك المركزي.

ووصف الاقتصاديون العملية بأنها أشبه بمخطط بونزي، ويقدر المسؤولون اللبنانيون أن البنك المركزي قد تراكمت عليه خسائر بلغت 50 مليار دولار أميركي.

وسأل السيد بيفاني عمّا إذا كان قد صوت لصالح المخطط، فقال إنه “لم يعرض أبداً على المجلس المركزي” وبأنه استمر دون علم الحكومة.

ورغم أن المحللين يقولون إن الخطة معروفة جيداً من قبل الحكومة، فقد أمرت الإدارة الجديدة بإجراء مراجعة جنائية في المصرف المركزي. ولكن وفقاً للسيد بيفاني، إنّ بعض السياسيين، الذين لم يذكر أسماءهم، لم يرغبوا في فتح هذا الملف لأن ذلك يعني أنّه سيتمّ كشف الكثير من الفساد في النظام”.

كما انتشر الربح غير المشروع في الخدمة المدنية، فقال: “أي موظف مدني في لبنان لديه الفرصة لجني الكثير من المال”
لكنه أصر على أنّ القسم الذي استلم إدارته ذات مرة لم يكن فاسداً بشكل سيء، وأضاف قائلاً: “كان معي في مديريتي العامة السابقة الكثير من الناس النظيفين جداً.”

 

تنويه: هذا الخبر قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية من موقع Financial Times