الخميس 22 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مستشفيات الجنوب: إدعمونا قبل فوات الأوان

نداء الوطن
A A A
طباعة المقال

بعد مرور 7 أشهر على بداية الحرب على الحدود الجنوبية، بدأ الخطر يدق ناقوس المستشفيات الحكومية الواقعة على الخطوط الأمامية، فالدعم الذي تتلقّاه على قلّته ليس كافياً، لذلك تعتمد على شريان المساعدات «الأهلية والمحلية» لتكمل معركة صمودها، فالدعم الحكومي «ما زال بالقطارة».

ليس مستغرباً أن تواجه المستشفيات الحكومية واقعاً صعباً، فأزمتها بدأت قبل الحرب وتفاقمت في خضمّها. وبعد مرور كل هذا الوقت، بدأت تعاني شحّاً في المستلزمات الطبّية والأدوية، حتى في الفرق التمريضية، لأسباب عدّة أبرزها انخفاض أعداد المرضى، وضعف الدعم الحكومي لها، وهذا يضعها في موقف صعب، خصوصاً بدخول لبنان مرحلة التصعيد العسكري الجديدة.

لا يخفي النائب أشرف بيضون حقيقة واقع المستشفيات الحكومية في الخط الأمامي، بل يتخوّف من الأسوأ في ظل تردّي واقعها المالي، ما سينعكس بحسبه على «توفير الأدوية والمستلزمات الطبّية ورواتب الفرق الطبّية والتمريضية، إضافة إلى توفير مصادر الطاقة».

وعليه، يخشى من سقوط المرافق الطبيّة، ففي اعتقاده أنّ «سقوطها يعني تزعزع الصمود في القرى، وبالتالي تقع الكارثة، وهذا يحتّم تضافر الجهود الحكومية والسياسية والحزبية والأهلية والمجتمعية معاً لحماية هذه المرافق ودعمها في هذا الظرف الصعب والحساس».

في قرى الجنوب الحدودي ما يقارب 10 مستشفيات، جميعها تواجه وضعاً لا تحسد عليه، ومع ذلك قرّرت الصمود بـ»اللحم الحي» لمواجهة تداعيات الحرب. ويواجه مستشفى بنت جبيل الحكومي وضعاً دقيقاً، فجزء كبير من طاقمه الطبّي لا يصل إليه، عدا عن الفِرق التمريضية التي تقطن بعيدة عنه، ما يجعل حركة تنقّلها خطرة.

بعد حرب تموز 2006 أعيد افتتاح المستشفى بتمويل من دولة قطر، وتمّ تجهيزه بأحدث المعدّات الطبية، ويحوي أهم أقسام غسيل الكلى في المنطقة، غيرّ أنّ الأزمة المالية التي عصفت بمعظم المستشفيات الحكومية طالته، وأثّرت بطبيعة الحال على أدائه، وجاءت الحرب اليوم لتضعه عند مفترق طرق «فصمود المستشفيات من صمود الجنوبيين»، هذا ما يردّده مدير المستشفى الدكتور توفيق فرج، لافتاً إلى أنّ المستشفى يواصل عمله بما تيسّر رغم شحّ الدعم والإمكانات». وما يقلقه أكثر هو أن يطول أمد غياب الدعم المطلوب، غير أنه يؤكد أنهم «ماضون في العمل لأنه يندرج في الإطار الوطني».

خفّض المستشفى عمل أقسامه للحفاظ على إستمراريته، غير أنه أبقى على الأقسام الرئيسة فيه من ضمنها قسم غسيل الكلى الذي يستقبل اليوم وفقاً لفرج «16 مريضاً يومياً، وسنبقي القسم مفتوحاً لو بقي مريض واحد». لا يخفي فرج «أنّ الأزمة المالية تعصف بالمستشفى، نتيجة إنخفاض أعداد المرضى وإرتفاع الكلفة التشغيلية من توفير المحروقات للمولّدات وشراء مياه وأجور الممرّضين والأطباء، إلى جانب شحّ الدعم».

كان يتوقع مُديرو المستشفيات الحكومية في الخط الأمامي أن يحظوا بالدعم المطلوب لمواجهة تداعيات الحرب، باعتبار أنهم على خط تماس مباشر مع الإصابات والحرب، وغير ذلك. توقّعٌ لم يبصر النور حتى بعد مرور 6 أشهر ونيف من عمر هذه الحرب، التي تزيد الضغط أكثر على عملهم وتجعل إستمراريتهم في مهبّ الدعم. هذا الأمر يطالب به مدير مستشفى مرجعيون الحكومي الدكتور مؤنس كلاكش، و»إذا تأخر قد يهدّد إستمرارية عمل القطاع الطبي في قرى المواجهة».

لطالما عانى مستشفى مرجعيون من غياب الدعم، وطالب وزارة الصحة مراراً وتكراراً برفع سقف دعمها. «باللحم الحيّ يعمل المستشفى اليوم» يقول كلاكش، محاولاً التخفيف من وطأة المعاناة بقوله: «يجب أن نصمد كي نحافظ على ثبات أهلنا في القرى، لأنّ انهيارنا يعني تهجير الناس». ويؤكد حاجة المستشفى إلى دعم أكبر، سواء من وزارة الصحة أو الجهات المانحة، «فالوضع صعب جداً، لا نعرف المدّة التي سنصمد فيها، ما حصلنا عليه لا يعدو كونه جرعة أوكسجين طفيفة جداً».

كلام كلاكش يكشف حجم المعاناة التي تصاحب يوميات مستشفيات الجنوب الأمامية، التي هي بحسبه «خط الدفاع الصحّي الأول، ويفترض بوزير الصحة أن يوليها عنايةً ودعماً أكبر، فالجريح يصل اليها أولاً قبل نقله إلى مستشفيات أخرى». خفّض المستشفى عمله تبعاً لكلاكش إلى ما دون 15 في المئة لتخفيف الكلفة التشغيلية، ناهيك عن هجرة بعض الأطقم الطبية والتمريضية ما ينعكس على عمل المستشفى الذي يقوم بدوره رغم كل شيء. ويشير إلى أنّ المستشفى استقبل عدداً لا بأس به من الجرحى، وكل أقسامه تعمل من بينها أقسام غسيل الكلى والعناية الفائقة والطوارئ والقلب.

من جملة الصعوبات التي تواجهها هذه المستشفيات عدم وصول الأدوية اليها، ما يضطرها لإرسال موظفين إلى صيدا أو صور لملاقاة مندوبي شركات الأدوية لرفضهم الوصول إلى القرى الأمامية بسبب خطورة الطريق، وهو أمر يؤكد عليه كلاكش وفرج.

كل الوعود التي أطلقت برفع سقف دعم المستشفيات ذهبت أدراج الرياح، «ما في إمكانات»، وعليه، يطرح السؤال: ما هي المدة التي ستصمد فيها هذه المستشفيات بعد؟ وهل نشهد انهيارها تباعاً، أم يكون هناك حلّ عاجل ينقذها في زمن الحرب؟