الثلاثاء 14 شوال 1445 ﻫ - 23 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مقاربة واشنطن الجديدة.. هل حان دور حلفاء "حزب الله"؟!

لا ريب أن السياسة الأميركية تجاه لبنان تقوم بالدرجة الأولى على محاولة الحد من نفوذ حزب الله. فمقاربة واشنطن بحسب المطلعين على موقفها، تقوم على فرض المزيد من الضغوطات الاقتصادية والمالية على لبنان خاصة في ظل تسريبات تقول ان لائحة جديدة من العقوبات سوف تصدر وربما تطال حلفاء مسيحيين لحارة حريك.

شكّلت العقوبات الأميركية في السنوات الخمس الأخيرة ، بحسب ما يؤكد الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية المحامي علي زبيب لـ “لبنان 24” نقلة نوعية لناحية كثافة صدور القوانين الخاصة بفرض العقوبات على منظمات تصنفها الإدارة الأميركية “بالإرهابية”، وأهمها “قانون منع التمويل الدولي لحزب الله 2015 HIFPA” والذي صدر بنسخة معدّلة في العام 2017 HIFPAA. وقد عمدت الإدارة الأميركية عبر وزارة الخزانة إلى محاولة تجفيف منابع تمويل حزب الله بشتى الوسائل ومنها توقيف عدد من رجال الأعمال حول العالم بتهمة تمويل حزب الله، بالإضافة إلى تسريب معلومات الى الإعلام وأهل السياسة بشكل مستمر عن اقتراب صدور عقوبات جديدة على شخصيات سياسية معروفة متحالفة مع حزب الله، على رأسها حركة أمل والتيار الوطني الحر. وما هو أخطر من ذلك على المستوى الاجتماعي، تسريب معلومات توحي باقتراب إصدار عقوبات على عدد كبير من المؤسسات الاجتماعية كمدارس ومستشفيات بحجة قربها من حزب الله رغم عدم توفر اَي معلومات تثبت ذلك.

وبناءً على هذه المعطيات، قام لبنان الرسمي بإرسال عدة وفود نيابية ووزارية ومصرفية بغية تصحيح الالتباس ومحاولة التخفيف من وطأة التهديدات الأميركية للاقتصاد اللبناني. كما عمد عدد من المصارف والمؤسسات توظيف شركات متخصصة بعمليات الضغط لتلميع صورة مصرف معين او قطاع مصرفي بشكل عام.

وقد صادف إندلاع الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول، مع وجود عدد كبير من رؤساء مجالس إدارات المصارف اللبنانية إلى جانب حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن. وقد كان على جدول الأعمال مناقشة موضوع العقوبات المرتقبة بهدف التقليل من وقعها. وقد تعثر طرح هذا البند نظراً للظروف الاستثنائية التي عصفت بلبان، يقول زبيب.

وفي هذا السياق، فقد أكّد حزب الله مرراً عدم تأثرهُ بأي عقوبات كونه يمارس جميع عملياته المالية خارج النظام المصرفي المالي المصرفي وهو ما شكّل نوع من الحماية للقطاع المصرفي ككل. وبالرغم من تصريح بعض الرسميين في الادارة الأميركية بأنها تعمل بحذر في الساحة المالية اللبنانية، وهمّها تجفيف منابع حزب الله المالية وتحيّد الوضع المالي ككل، فقد عمدت هذه الإدارة بحسب زبيب، الى تمرير العقوبات “بالمفرق” عبر استهداف عدد من الشخصيات والمؤسسات، إلا أن الحدث الأهم كان وضع بنك الجمال على لوائح العقوبات وهو ما ادّى إلى نهاية المصرف وخلق بلبلة وازمة شديدة داخل القطاع المصرفي اللبناني، والتي اشتدت واستفحلت بعيد الانتفاضة الشعبية الحالية.

ومن هنا، رأى عدد من المراقبين بأن واشنطن كانت قد حضرت رُزمة من العقوبات على عدد كبير من حلفاء حزب الله ومن يدور في فلكهم من غير الطائفة الشيعية، وهو الأمر الذي لم يحصل بسبب اندلاع الانتفاضة وهشاشة الوضع الاقتصادي.

وعليه فقد خرجت بعض الأطراف الاقتصادية والمصرفية لتقول بان الإدارة الأميركية تستهدف تجفيف منابع حزب الله المالية دون المس بالوضع المالي العام للبنان، علماً بأن هناك استحالة فعلية وتقنية لتحقيق هذا الموضوع كون تطبيق أي عقوبات على أشخاص معنويين وطبيعيين في لبنان سيكون له تأثير مباشر على الوضع المالي.

إضافة إلى ما تقدم، لا بد من الإشارة وفق الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية ، إلى أن وجود تخوف كبير في القطاع المصرفي اللبناني من استهداف مصارف جديدة وهو ما من شأنه أن يهدد استمرارية القطاع المصرفي خاصة في ظل الأزمة الحالية، لا سيما أن وزارة الخزانة الأميركية تقوم بفرض العقوبات بشكل مفاجئ وقاس من دون المرور بأية جهة أخرى خاصة السلطات الرقابية المصرفية وعلى رأسها مصرف لبنان، وهو ما يزيد من عامل الخوف لدى المصارف.

وأخيراً فقد برز في الأيام الأخيرة، ملامح خطيرة وجديدة هدفها حث الخزانة الأميركية على استهداف شخصيات سياسية وكيانات تجارية ضمن الكتل الحليفة لحزب الله، وأبرز هذه المحاولات تقرير لمعهد واشنطن للشرق الأدنى تضمن شهادات أمام لجنة مختصة في الكونغرس الأميركي بتاريخ 19/11/2019، لحث الإدارة الأميركية على فرض عقوبات على شخصيات معروفة وعلى رأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وزير الخارجية جبران باسيل بوصفهم الحلفاء الأساسيين لحزب الله ورؤوس للفساد والسبب الرئيسي للحراك القائم. ومن هنا تبرز، خطورة وحساسية الأيام المقبلة والتي قد تحمل ما لا يُحمد عقباه على المستوى المصرفي وهو ما قد “يزيد الطين بلة”، يقول زبيب.

ملاحظة: لا بد من الإشارة، كما يشير زبيب، الى ان وزارة الخزانة الأميركية لا تفرض قوانينها بشكل مباشر على المؤسسات المصرفية الأجنبية ومنها اللبنانية، بل تفرض وببساطة قوانينها على المصارف الأميركية التي تتبع لوصايتها، والتي هي بدورها تقوم بدور المصارف المراسلة للمصارف اللبنانية، وبالتالي تشترط استمرار علاقة المُراسلة على قيام المصرف اللبناني بتطبيق القوانين المصرفية الأميركية وتطبيق العقوبات دون استثناء… مما يدفع بالمصرف اللبناني الى الامتثال والإنصياع بشكل كامل خوفاً من فقدان العلاقة مع المصرف المراسل وبالتالي نهاية المصرف فعلياً.