الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ملف البواخر هل يفجّر الحكومة؟… فنيش: لإعادة الملف برمته الى إدارة المناقصات

في عَود على بدء، وبلا مؤشرات تؤذن بنهاية حاسمة وقريبة، يعود ملف الكهرباء المستدام مجدداً بكل ثقله ووطأته الى طاولة مجلس الوزراء بشكل أكثر الحاحاً من ذي قبل، واستطرادا بشكل تصارعي سجالي بين مكونات الحكومة يوحي بامكان تحوّله أزمة مفتوحة على مزيد من التفاعلات.

القضية الحيوية والملحاحة بلا ريب، قسّمت مجلس الوزراء ثلاثة اتجاهات تكاد لا تجد قاسماً مشتركاً بينها، وفق قول وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ”النهار”. الاتجاه الاول يمثّله وزراء “التيار الوطني الحر” كون وزير الطاقة المعني مباشرة بالملف (سيزار ابي خليل) ينتمي اليه، ويدعو الى تأليف لجنة وزارية مجدداً تضع ملاحظاتها على المشروع المعروض (اي الاستعانة بالبواخر الى حين تنفيذ الخطة المعدّة) وإحالته على ادارة المناقصات اذا ارتأت ذلك.

ولم يعد خافيا، يضيف فنيش، ان وزراء “تيار المستقبل” يدعمون بقوة هذا التوجه ويتبنّونه بلا تحفّظ.

أما التوجه الثاني فهو موافق ضمناً لفكرة ترك الموضوع في عهدة ادارة المناقصات لتبتّه وتخرج برأي يُعمل على أساسه مستقبلاً. وكلا الرأيين يعتمد بواخر الانتاج والتغذية، اي ما هو وارد في مشروع الوزير ابي خليل.

ومن البديهي، يستطرد فنيش، ان ثمة اتجاهاً ثالثاً يميز نفسه من خلال الرفض المطلق لفكرة اعتماد بواخر انتاج التيار الكهربائي والذهاب مباشرة الى مشروع معامل الانتاج كطريق أخير ووحيد لانهاء ازمة الكهرباء والتغذية المزمنة، والتي وضعت الحكومات المتعاقبة منذ اكثر من عقد ونصف عقد من الزمن امام تحدي العجز والاستسلام والاستعصاء، وهو ما شكّل دوما الثغرة الوطنية الكبرى.

وعن موقف “حزب الله” الذي يمثله، يقول الوزير فنيش: “نحن الى الآن ليس لدينا اي اعتراض مبدئي على المشروع الذي يعتمد مسألة البواخر شرط ان يكون له ما يليه لوضع خطة ناجزة تنهي هذا التحدي، ولكن لنا اعتراض على التفرد في مسألة ايجاد الحلول لهذه المعضلة الحيوية والملحّة. وبالطبع نحن عمليا مع التوجه الداعي الى اعادة الملف برمته الى ادارة المناقصات واعتماد ما يمكن ان تخرج به لكي نضع حداً لهذه المتاهة التي يدور فيها الملف منذ زمن ليس بالقصير، مما جعله ازمة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة”.

وهل هناك فعلا مناخات توتير توحي بأجواء تصارعية داخل الحكومة على خلفية ملف الكهرباء، مما يعزز احتمال ان يؤدي ذلك الى الاطاحة بالملف نفسه كما حصل سابقاً، او يفضي الى تفجير الحكومة وفق ما يتم تداوله اخيرا؟ يجيب فنيش: “هذا الكلام الذي تروّجه بعض الاوساط السياسية والاعلامية مبالغ فيه وهو عبارة عن تكهنات او تمنيات، اذ يمكننا القول بكل شفافية واريحية ان كل جلسات مجلس الوزراء السابقة قد تمت في اجواء طبيعية بل ووسط رغبة الجميع في الانتاج وايجاد حلول للملفات المعروضة على جدول الاعمال او تلك التي من خارج الجدول”.

ومع ذلك، لا يكتم فنيش تخوفه من امكان ان تنعكس اجواء الصراعات والحسابات التنافسية المرافقة لمسار الانتخابات النيابية، تصعيداً في المواقف وحماوة في النقاشات بين مكونات الحكومة، وساعتئذ يمكن الاستنتاج بان مثل هذه السجالات الحادة والنقاشات الحامية سيكون القصد الجوهري والحقيقي منها مخاطبة الناخبين قبل موعد توجههم الى صناديق الاقتراع، وسعي كل فريق الى شد عصب جمهوره الناخب وإعلاء صوته، واستطراداً رفع معنويات هذا الجمهور.

وقال: “نحن من الاساس نعارض بشدة محاولات البعض استغلال الموقف لتحويل طاولة مجلس الوزراء الى منبر يُراد منه عرض العضلات واستعراض المواقف وافتعال المواجهات عبر استعمال التصعيد، فمجلس الوزراء مخصص لمعالجة القضايا التي تهم الناس، كل الناس، وانجاز الملفات الحياتية والمعيشية العالقة والمتراكمة وما اكثرها، وفي مقدمها بطبيعة الحال موضوع ملف الكهرباء وما يعلق على خطوط توتيره”.

ورداً على سؤال عن اسباب العجز المزمن لمجلس الوزراء الحالي والحكومات التي سبقته عن استيلاد الحلول الجذرية لأزمة التيار الكهربائي، يجيب فنيش: “نعتقد ان المشكلة صارت معقّدة ومركّبة، وهي بالاصل موضع شكوى الاطراف الثلاثة المعنيين مباشرة بالموضوع، اي المواطن والدولة ومؤسسة الكهرباء في آن. فالمواطن يشكو وهو محق في شكواه من غياب مستدام للتيار، مما يضطره الى الاشتراك قسراً مع المولدات الخاصة في دفع فاتورة التيار مضاعفة وبكلفة عالية جدا. والدولة تشكو ايضا في الوقت عينه من مسألة فواتير الدعم العالية التي ترهق مالية الدولة وموازنتها العامة، في حين ان مؤسسة الكهرباء تشكو من الهدر والتعليق على الشبكة ومن عدم القدرة على الجباية بشكل طبيعي ومرضٍ”.

اذاً يقول فنيش إن المشكلة مركّبة والشكوى عامة، ووسط ذلك ثمة سؤال يطرح نفسه جدياً عن مدى القدرة التقنية لمؤسسة الكهرباء على ادارة حل سريع وعاجل يعيد تصحيح الخلل المالي والتقني، ويسمح تالياً بتعديل تعرفة الكهرباء المطروح من اكثر من جهة، وتحصيل الايرادات المطلوبة ووقف الهدر على اختلاف الوانه.

ولئن كان كلام فنيش ينطوي على إقرار بالقصور عن امكان استيلاد حلول سريعة وعملية وجذرية تضع حداً للأزمة المتفاقمة منذ عقود، فانه في الوقت عينه يرى وجوب ألا تؤدي إثارة ملف التيار الكهربائي وقضية البواخر مجدداً الى توتير اجواء مجلس الوزراء او تفخيخه وفق ما يروّج، ويفضّل في المقابل ألا تذهب الامور في اتجاه خيار التصويت على ما هو مقترح في مجلس الوزراء لأن “المسألة حساسة ولا يمكن مقاربتها بهذه الطريقة”.

 

المصدر النهار

ابراهيم بيرم