الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

موفد الحريري في موسكو.. وصراع الدول يسابق الثورة

طوال الساعات الماضية، برزت وجهتا نظر. الأولى، تتحمس لخيار تشكيل حكومة من لون واحد أو على الأقل تحظى بغطاء الحريري. وتكون حكومة تكنو سياسية، تتمثل فيها مختلف القوى. وهذا كان اتجاه رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، المتمسك ببقائه داخلها. الثانية، تعتبر تشكيل حكومة من هذا النوع قد يؤدي إلى تسريع الانهيار والتسبب بكارثة ديبلوماسية في علاقات لبنان الدولية. ويفضّل أصحاب وجهة النظر هذه أن يبقى الأمر على ما هو عليه، بانتظار جلاء الصورة الإقليمية، أو تحقيق أي تقدم لصوغ تفاهم دولي وإقليمي. إذ يعتبر هؤلاء أن بقاء الأزمة يؤدي إلى تفعيل الاتصالات الدولية بين طهران وواشنطن مروراً بموسكو وباريس.

سباق نحو موسكو
تكشف مصادر متابعة، أن الرئيس سعد الحريري أوفد مستشاره جورج شعبان إلى موسكو للقاء المسؤولين الروس، وتقديم وجهة نظره لهم، خصوصاً بعد الموقف العنيف لوزير الخارجية سيرغي لافروف قائلاً أن حكومة تكنوقراط أمر غير واقعي في لبنان، ما يؤكد موقف روسيا المعروف بالانحياز لحزب الله ورئيس الجمهورية. تحرك شعبان باتجاه موسكو، يأتي رداً على لقاءات عديدة عقدها مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد مع مسؤولين في الخارجية الروسية. وقد عمل أبو زيد على تقديم رواية عون وباسيل لما يحدث في لبنان. وتفيد الرواية أن ما يجري هو مؤامرة أميركية، ويتحمل مسؤوليتها الحريري. ولذا يذهب شعبان ليقدّم وجهة نظر الحريري المغايرة.

القراءة للموقف الدولي بقيت متضاربة. فبعضهم يظن أن موسكو ستنجح بالتعاون مع باريس في الوصول إلى حلّ وسط يقضي بتشكيل حكومة تكنوسياسية تبقي على الحريري وحزب الله، مقابل عدم ممانعة الأميركيين لذلك. ويتحدث هؤلاء عن احتمال تحقيق تقدّم في هذا الطرح. أي نيل موافقة أميركية مقابل استمرار واشنطن بعقوباتها على الحزب، وفرض شروط سياسية عليه بما يتعلق بالملفات الإقليمية. آخرون يعتقدون أن الأميركيين سيستمرون بضغطهم لإخراج حزب الله من الحكومة، ما يعني أن الأزمة ستتعقد أكثر. لكن، حسب هؤلاء، فإن الأزمة في النهاية لا بد أن تتم بتسوية، ترتبط معادلتها بالملفات الإقليمية. فإيران لن تتخلى عن أوراقها القوية، وإن قدمت تنازلات للأميركيين. وهذا ما يراهن عليه الحزب للعودة بقوة إلى المشهد، وبتراجع دولي عن مواجهته.

تقرير فيلتمان
هكذا تسوية ستكون مرتبطة بملفات كثيرة، قد لا تتعلق بسلاح الحزب ودوره في الحياة السياسية، بل بأمور أكثر استراتيجية: النفط، وترسيم الحدود، وتطبيق القرار 1701 وحماية أمن إسرائيل. فمجلس الأمن الدولي سيعقد جلسته الإثنين لتأكيد توفير الأمن في نطاق عمل هذا القرار. وما تريده واشنطن في هذه اللحظة الحصول على تنازلات من إيران.

ظهور جيفري فيلتمان بشهادته المطولة، وتقييمه لما يجري في لبنان، بدا وكأنه فرصة لحزب الله الذي يبحث عن أي ذريعة لشيطنة الانتفاضة، ويسعى إلى أمركتها وتسييسها، من أجل ضربها. ولذا تلقف مسؤولو حزب الله هذه الفرصة وسارعوا إلى الرد على فيلتمان، وركزوا هجومهم على الجيش وعلى خصومهم السياسيين بتهمة الانصياع للرغبة الأميركية.

وفيلتمان الذي يُتهم بأنه عرّاب قوى الرابع عشر من آذار، هو الذي ورطها في أحداث 7 أيار وتركها بلا أي دعم. وبعد اجتياح بيروت وعقد التسوية، بدأت مفاوضات إيرانية أميركية حول الملف النووي، وكان فيلتمان الذي غادر لبنان من أبرز الوجوه الأميركية التي خاضت المفاوضات السرية للوصول إلى اتفاق نووي في العام 2015.

مؤتمر دولي
وبمناسبة الحديث عن الوقائع الجديدة التي فرضتها ثورة شباب لبنان، والتي ستطيح بالتركيبة السياسية القائمة، وربطاً بالحديث عن انتهاء الطائف وتغيير الطبقة السياسية، فإن مؤتمراً دولياً بدأت بعض الدول بالتحضير لعقده حول القضية اللبنانية، يشبه مؤتمر سان كلو، الذي عقد في العام 2007، وفيه طرح الفرنسيون منطق المثالثة، الذي لا ينفصل عن حرص باريس على تمثيل حزب الله بالحكومة والتنسيق معه، مقابل تغيير آلية العمل.