الأمر الذي فاجأ العديد من المعنيين في الشأن الصحي والمجتمعي والشبابي، فتداعى عدد من رؤساء الجامعات ونقابات المهن الحرة والجمعيات الطبية والبيئية والمؤسسات الاجتماعية والمراكز الصحية وأمناء المدارس الكاثوليكية والإنجيلية والقطاع الخاص، وأصدروا بياناً شددوا فيه على وجوب منع الأراكيل في الأماكن العامة. ونقابة الأطباء نتبنى البيان هذا، وتشدد على ضرورة الاستمرار في منع الأراكيل في الأماكن العامة، في ظل استمرار أزمة كوفيد 19 وما بعدها، إضافة إلى تطبيق القانون 174 لما في ذلك من أهمية لحماية الصحة العامة”.
وأكد أبو شرف أن “الدراسات العلمية اثبتت أن التدخين على أنواعه يزيد من خطر الإصابة بفيروس “كورونا” المستجدّ، لا سيما الأركيلة من خلال تكرار حركات الاتصال بين الوجه واليدين، ومن خلال مشاركة مختلف أجزاء الأركيلة (حجرة المياه، والنربيش، والمبسم اي القطعة البلاستيكية التي توضع في الفم )، ومن خلال ضرب مبدأ التباعد الاجتماعي بعرض الحائط، وتدني المناعة، وزيادة الاستعداد لعدوى الجهاز التنفسي. كذلك فإن الاركيلة بطبيعتها تعزز بقاء الكائنات الجرثومية الحية فيها، مهما اختلفت وتشددت أساليب تنظيفها أو تعقيمها، إضافة الى ان كل نفس اركيلة يوازي 40 سيجارة”.
وتابع “لن ندخل في جدال حول إمكان وكيفية مراقبة تطبيق معايير تقديم الأراكيل التي تحدث عنها تعميم وزارة السياحة، لأنه علمياً لا يمكن الحديث عن أي معايير صحية على الإطلاق لتقديم أو تعاطي الأركيلة، مع الـ “كورونا” أو من دونه”.
ولفت ابو شرف الى ان “لبنان يعتبر من أعلى الدول عالمياً بنسبة التدخين، ونسبة تدخين الاركيلة بين فئة الشباب من الأعلى عالمياً لا بل كارثية لمن هم دون الـ١٨ سنة (٣٣٪ بين الإناث و٤١٪ بين الذكور) (من هنا تحرك الجامعات والمدارس خوفا على جيل سيكبر مريضا) في حين أن التدخين على أنواعه يقتل أكثر من 4800 شخص سنويًا في لبنان، ويحمّل الدولة تكاليف اقتصادية بحوالي 327,1 مليون دولار سنويًا على الأقل”.
واضاف “في حين دعت المؤسسات الدولية للصحة العامة الحكومات إلى تعزيز تدابير مكافحة التبغ وسط جائحة “كورونا”، حيث يمكن أن تساهم هذه المكافحة في التخفيف من وطأة الفيروس على المدخنين، وتحقيق فائدة واستدامة للنظم الصحية على الأمد الطويل، بما في ذلك الحد من الخسائر الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المرتبطة بالتدخين،
ندعو الحكومة مجتمعة الى عدم التفريط بما أنجز حتى الآن بما يتعلق بمحاربة “كورونا”، وعدم خوض مغامرة قد لا تحمد عقباها الصحية، ويمكن ان ترجعنا الى المربع الأول تحت حجج اقتصادية واهية لقلة قليلة من المستفيدين لا توازي صحة اللبنانيين بشيء. لا بل ندعوهم الى الرجوع عن قرار وزير السياحة الأخير والاستفادة من هذه المرحلة لتحصين صحة اللبنانيين ومساعدتهم على التخلص من جائحة أخرى اسمها الأركيلة لا تقل خطرًا عن الـ “كورونا”. وفي حين يمر نظامنا الصحي بأخطر مراحله، وتعاني مستشفياتنا من نقص حاد بالمواد الطبية لا سيما الأوكسجين، لا يمكن السماح بإعادة انتشار أكثر ما يسبب خطراً على الصحة العامة”.
1- أظهرت دراسة محلية وطنية بالاستناد الى بيانات وزارة المالية أن عائدات قطاع السياحة والضيافة ازدادت بنسبة 3٪ خلال التطبيق الكامل للقانون 174 بين أشهر أيلول الى كانون الأول عام 2012.
البلدان الأخرى التي طبقت حظر التدخين في القطاع السياحي زادت إيراداتها (كتركيا بنسبة 5٪ وقبرص بنسبة 6.4٪) أو لم يكن لديها تغييرات في الإيرادات (كالنرويج والولايات المتحدة وأستراليا)
2- أظهرت الدراسات في لبنان أن 83٪ من السياح يؤيدون حظر التدخين في الاماكن العامة
3- تحليل 20 سنة من العمل في المطاعم والحانات في الولايات المتحدة الأميركية لم يجد أي تأثير لمكافحة التبغ على معدلات التوظيف
4- يموت 200,000 عامل في قطاع السياحة سنوياً في جميع أنحاء العالم جراء التدخين السلبي، في حين أن قوانين العمل تطلب بيئة عمل صحية للموظفين”.
واذا كان كل شي على حافة الانهيار في البلد فهذا لا يعني ان نستسلم، وعلى كل شخص او مواطن او جهة ان تقوم بواجبها والمطلوب منها”، مؤكداً أن “النقابة تعمل قدر المستطاع وحيثما وجدت لرفع شأن البلد، ولن نتأخر في بذل كل جهد ممكن للحفاظ على صحة الناس، وتطوير النظام الصحي والاستشفائي. وعندما يعمل كل شخص بقدر امكاناته، ينهض البلد من جديد ويقوم من السقطة التي وقع فيها.في افريقيا الجنوبية، منعت الدولة التدخين في الحدائق العامة للحيوانات حفاظا على صحتها، فهل كثير علينا ان نحذو حذوها حفاظا على صحة المواطنين؟”.
وختم “للمواطن حرية الاختيار شرط احترام حرية الآخرين وصحتهم. ونعمل في نقابة الاطباء للحفاظ على صحة الجميع عبر التوعية والوقاية والعلاج وفي كل المجالات الصحية والبيئية، وفي الغذاء والماء والهواء، ولن نتوانى عن القيام بواجبنا لرفع شأن المواطن ولبنان”.